في أيامها الأخيرة، وحين أقبلت جدّتي على هذه الحياة، وتخلصت من جميع ضغوطها . لم تكن تدرك أنها لها مُفارقة . ولم تكن تدرك أن تلك الحياة التي دبّت فجأة، في جسدها الواهن والعاجز، لم تكن هذه الحياة . بل هي حياةٌ أخرى في جسد هذه الحياة !..
في أيامها الأخيرة، عاشت جدتي في سعادة عارمة، وكان يراودها حلمٌ واحد متكرر، أنها تطهو طعاما ولحما، وحولها الكثير من الأطفال الصغار تطعمهم . وفي الجوار أناسٌ يلفهم النور والبياض !..
جدتي كانت فرحة بحلمها الذي لايشبه أيُّا من أحلام حياتها في الجمال والوضوح، لذلك كانت تطلع عليه كل مَن يزورها . فكان البعض يستخف بعقلها، والبعض الآخر يُسايرها فقط لأن الخرف تهمة جاهزة لمَن بمثل عمرها !..
أما أنا، فقد شعرت أنها عادت شابة سعيدة من تلك الحياة، تلبّست جسد عجوز هذه الحياة !.. ولم تلبث جدّتي سوى الخميس بعد أربعاء زيارتي لها، وزُفّت يوم الجمعة عروسا لفها البياض، إلى النور والبياض .
16 . 06 . 2012
التعليقات (0)