يقولون : تستطيع الحشرة أن تلسع جوادا أصيلا لكنها تبقى حشرة ويبقى الجواد أصيلا
أحد اصدقائي يعمل سكرتير مع رئيس قسم في أحدى الدوائر . في أحد الايام قال له رئيس القسم ( اني راح اصلي لا تفتح الباب ولا تخلي احد يدخل علية ) بطبيعة الحال كان هناك مراجعين و كان احدهم رجل كبير السن ومريض و جاء من مسافة بعيدة جدا . يقول صديقي بدأ المراجعين يشعرون بالضجر والملل لكثرة الانتظار فمر عليهم أكثر من ساعة ورئيس القسم يصلي وظهر التعب والارهاق على الرجل المسن . فشعر صديقي بالتعاطف معه ومع ان رئيس القسم أوصاه بعدم الدخول ألا أنه لم يحتمل حال الرجل المسن خصوصا أنه لا يحتاج شيء أكثر من ختم ليذهب الى بيته . فدخل الى الغرفة ووجد رئيس القسم جالس على السجادة يقرأ القران فقال له ( استاذ الناس واكفة تنتظر وأكو رجال كبير السن ومريض وما يحتاج بس ختم ) فاجابه بغضب : ( اني مو كتلك لتدخل دا أصلي ) فقال له السكرتير : ( تسهيل أمر الناس أفرض من الصلاة ) فاجابه رئيس القسم ( خليهم ينتظرون وبعد لتدخل على غرفتي بكيفك ) طبعا أخذ الموضوع نصف ساعة اخرى لينهي رئيس القسم صلاته . لكن بعدها قام بتقديم شكوى على السكرتير بحجة أنه ( يتدخل في صلب عمل رئيس القسم ) وابدى عدم رغبته في بقائه .
قبل فترة كان لاحدهم معاملة في أحدى الدوائر وبعد عناء طويل ومراجعة لمدة أكثر من أسبوع وصلت المعاملة الى الختم فقال له الموظف المسؤول (ماكو ختم لو تگلب الدنيا ما أختملك ) فأستغرب الرجل وقال له ( ليش ؟؟؟) اجابه : ( تعليمات جديدة ماكو ختم هنا روح للدائرة الرئيسية ) بعد فترة أكتشف ان احد اصدقائه تربطه صلة قرابة بالمدير فأعطاه المعاملة فاخذها الى الدائرة وعاد بعد نصف ساعة تقريبا وكان قد أكملها وحصل على ختم الدخول للفردوس من الموظف .
لو كان فعلا هناك تعليمات جديدة كان من الممكن ان يقول له مثلا : ( اسف جدا هناك تعليمات جديدة ) لكنه فضل ان يقول : (لو تگلب الدنيا ما أختملك ) لماذا ؟ لان عقله مركب بهذه الطريقة طريقة العرقلة والشعور بالزهو لانه منع احدهم من الحصول على شيء يحتاجه. لكن حين أرسل له احد ( عواميد المضيف ) أكمل المعاملة ( بالكرتة وغصبا ما على خشمة) .
من الممكن أن يتغير نظام الحكم من خلال أنتخابات ديمقراطية ومن الممكن أن يتغير نظام الحكم من خلال أنقلاب عسكري ومن الممكن أن يتغير نظام الحكم من خلال ثورة شعبية ومن الممكن أن يتغير نظام الحكم من خلال أظراب عام . كل هذا ممكن . لكن الغير ممكن هو التخلص من هذه الفئة من المجتمع التي تتسم (بالتزلف والتلون وعدم المبدأية والعنجهية الفارغة والشعور بالنقص والصعود على أكتاف الاخرين ) فهؤلاء ثابتين في كل زمان وفي كل دولة ودائما لهم الحضوة والمكانة . لهؤلاء قابليات فضيعة على التلون . ويتربعون في قلب الدولة العراقية مهما كانت طبيعة نظام الحكم فيها . ( ماخذيهة كرستة وعمل)
من (بعثية) وكتاب تقارير يكسرون رقاب الناس الى (موامنة) هنا و(مجاهدين) هناك . من السفاري وأقلام الباركر والشوارب الرفيعة المصبوغة بالاسود الى اللحية البيضاء والمحابس هنا واللحية البيضاء والدشداشة القصيرة هناك . من (رفيقي) الى (مولاي الجليل) هنا و(اخي في الله) هناك . وان لم يكونوا بعثيين سابقا وهذا وارد جدا فهم بعثيين وان لم ينتموا.
لو لبستم (قاط سفاري أو محابس أو دشداشة قصيرة) لن يغير هذا من الحقيقة شيء . والحقيقة تجدونها في عيون الناس وعقولهم . لستم في عيون الناس سوى حشرات وتبقون كذلك حتى لو توضاتم بماء زمزم وشربتم من عين الحياة وسبحتم في نهر النقاء لن تتغير حقيقة أنكم حشرات وبشرط حشرات ضارة وبشرط اخر حشرات مقرفة وناقلة للامراض السارية .
غيروا في جلودكم كيفما تشائون وأستمروا في اذلال الناس وأستمروا في تعطيل مصالحهم . وأستمروا في زيادة معاناتهم . لن تتغير حقيقة أنكم حشرات في عيونهم وستبقون كذلك . من طبيعة الصرصر أو ( المردانة ) كما نسميها بالعراقي أنها تاكل دون توقف أي دون أيعاز بالشبع فتتقيء فوق طعامها . وما هو طعامها ؟ اوه ... أنه البراز . هكذا أنتم بطبيعتكم منحطين أخلاقيا تهتمون جدا بهندامكم لكن مهما فعلتم تبقون في نظر الناس قذرين . وتهتمون جدا بالتعطر لكن مهما فعلتم تبقى رائحتكم بأنوف الناس مقرفة . تهتمون جدا بنهب أموال الناس وتعطيل مصالحهم لكن مهما فعلتم تبقون تفتقرون للشعور بمن يقدركم لشخصكم .
وجدناكم حثالة وبقيتم حثالة وستبقون حثالة والحل الوحيد لكم هو نفس الحل الذي نستخدمه مع الصرصر (أنه البف باف ) أو ( النعال ) وبتعبير اخر أكثر تحضرا ( قوة القانون والعدالة الأجتماعية ) وهذه الأخيرة لا تأتي وحدها بل تحتاج الى خط شروع يأخذ مدة زمنية طويلة جدا الى ان نصل الى دولة قانون ومؤسسات تحمي المواطن و يتحول فيها الحشرة الى شخص يحترم القانون رغما عن أنفه ( مكرها اخاك لا بطل ) . قد نحتاج الى جيل أو أكثر الى ان نصل الى هذه المرحلة . والى ذلك الحين تبقون في عيون الناس مجرد حشرات .
ان تزلفكم وصعودكم على الأكتاف في كل زمان يعطيكم قوة ومكانة تمنع الناس من التعبيرعن رايهم بكم بصراحة . لكن صدقوني كلما قمتم بأستخدام أساليبكم الوضيعة مثل: (عدم الرد على تحية المراجع أو النظر اليه باحتقار أو الحديث معه بتعالي أو وضع العراقيل امامه او محاولة أذلاله او محاولة أبتزازه لن يراكم أكثر من حشرات حقيرة .
التعليقات (0)