من النتائج الأولية اللتي نشرتها اللجنة العليا للأنتخابات العراقية والمنشورة على موقعها الألكتروني (الرابط) ،وأذا ما أستثنينا مفاجئات اللحظات الأخيرة وأستمرت النسب المعلنة من قبل اللجنة حتى آخر عملية الفرز . ومن خلال بعض الدلالات اللتي تفرزها الأخبار المتلاحقة والتصريحات المعلنة من قبل الكيانات السياسية والسياسيين هنا وهناك . فأن بأمكان المراقب أن يخرج بأنطباعات عديدة من هذه النتائج الأولية .
أن أول أنطباع نخرج به من هذه النتائج هو أن ليس هناك ثمة تغيير يذكر في العقلية الأنتخابية للفرد العراقي بالرغم من كل ماقيل وما أملنا به من تغيير في هذه العقلية . فالنسبة اللتي صوتت متأثرة بخلفياتها العرقية والدينية والعشائرية والطائفية بقيت على ما هي عليه تقريبا بالرغم من أختلاف الأسماء والمسميات والشعارات .
فلو أخذنا ائتلافين رئيسين من الائتلافات الأربعة الرئيسة اللتي أكتسحت معظم الأصوات . وأقصد بهما ائتلاف دولة القانون والقائمة العراقية . فسنجد أن هذين المكونين قد فازا بنسب أصوات تعكس نسب عرق ومذهب ودين أعضاء كل من المكونين .
فائتلاف دولة القانون برئاسة المالكي واللذي يتكون من تشكيلة واسعة من الأطياف العراقية كما قيل لنا ؟ ، نجد أن عموده الفقري متكون من أعضاء حزب الدعوة الاسلامية فضلا عن كتلة بيارق العراق التي يتزعمها شيخ عشائر الدليم علي حاتم السليمان ونواب ليبراليون مثل صفية السهيل ومهدي الحافظ وكتل سياسية منها كتلة مستقلون والحركة الاشتراكية الناصرية، والاتحاد الاسلامي لتركمان العراق والتيار العربي المستقل وحزب القرار التركماني وكتلة الشبك وكتلة الكرد الفيليين وغيرها .
ولو نظرنا الى الأصوات اللتي حققها هذا الائتلاف في المحافظات الجنوبية وبغداد ذات الأغلبية العربية الشيعية فسنجد أنه حقق الفوز في 6 محافظات جنوبية أضافة الى بغداد بنسبة تجاوزت 46 بالمئة من الأصوات . بينما لم يفز في باقي المحافضات العربية الأربعة الوسطى والشمالية بأكثر من 6 ونصف بالمئة من الأصوات .
بينما حققت القائمة العراقية برئاسة علاوي اللتي أدعت هي الأخرى بأنها قائمة التنوع العراقي اللاطائفي أكثر من 59 بالمئة في المحافضات الوسطى عدى بغداد . وحوالي 43 بالمئة أذا ما أدخلنا بغداد اللتي تحتوي على رقم مهم من السنة العرب في الحسبة . فأنها لم تحقق أكثر من 8 بالمئة من الأصوات في المحافظات الجنوبية ذات الأثرية الشيعية .
وأذا ما علمنا أن العامود الفقري لقائمة علاوي "مرشح الدول العربية كما يطلق عليه" هو المكون السني المتمثل بقائمة تجديد برئاسة الهاشمي والتوافق اللتي كانت برئاسة المطلق قبل منعه عن الترشيح للأنتخابات من قبل لجنة النزاهة . والحزب الأسلامي العراقي (الأخوان المسلمين) واللذي هو ضمن أحزاب التوافق . أضافة الى عراقيون بقيادة النجيفي وشخصيات مثل العيساوي وغيره من رؤساء العشائر السنية والشيعية . فأننا سنفهم لماذا حققت قائمة علاوي هذه الأغلبية الساحقة في محافظات ذات صبغة سنية مثل الأنبار وصلاح الدين وديالى ونينوى . بل أن الائتلافات المحسوبة على الأحزاب الدينية الشيعية مثل القانون والعراقي لم تفز بأي أصوات تذكر في الموصل مثلا .
ولو نظرنا جيدا لوجدنا أن نسبة الأعضاء من العرب السنة والتركمان وغيرهم من اللذين يحتويهم ائتلاف دولة القانون تساوي تقريبا النسبة اللتي حصل عليها هذا الائتلاف في المحافظات ذات الأغلبية العربية السنية .ونفس الشيء ينطبق على النسبة اللتي فاز بها علاوي في المحافظات الجنوبية ذات الغالبية الشيعية .
كما ينطبق هذا الكلام على الائتلاف العراقي اللذي يظم الأحزاب الدينية العراقية الشيعية بزعامة الحكيم والصدر بالتأكيد .
أما الأحزاب الكردية فلم تجمع أي أصوات تذكر خارج المحافظات الثلاثة المكونة لكردستان العراق مثلما لم تستطع ائتلافات العرب بشقيها السني والشيعي بل وحتى العلماني مثل تحالف الآلوسي من الحصول على أصوات تذكر في كردستان العراق .
أي . وبمعنى آخر فأن السني قد أنتخب السني والشيعي أنتخب الشيعي ، والعربي أنتخب العربي والكردي أنتخب الكردي . ولم ننتخب للأفضل والأصلح كما كنا نقول ونتمنى قبل الأنتخابات .
أما الأنطباع الآخر اللذي أفرزته النتائج الأولية للأنتخاب هو أن لا مفاجئات في هذه النتائج . وأن التوقعات قبل الأنتخابات تكاد تكون مطابقة للنتائج الأولية الفعلية .
وحتى من أنتخب ائتلاف دولة القانون بأعتبار أنه الائتلاف الحاكم اللذي حقق أمان نسبي "بحسب مناصريه " في العام المنصرم لم يحقق نتائج تذكر في المحافظات ذات الأكثرية السنية أو الكردية ولا حتى في كركوك اللتي تظم عدد من التركمان الشيعة "وأن كانوا أقلية" .
مما يؤكد الخلفية العرقية والطائفية اللتي أنتخبنا بها في هذه الأنتخابات . حيث لم تقنع شعارات دولة القانون الناخب السني أو الكردي مما أدى الى فشل هذا الائتلاف على حمل أبناء هذين المكونين للتصويت له ، مثلما فشل في أقناع أكثر من نصف العرب الشيعة اللذين ذهبت معظم أصواتهم للأحزاب الدينية من تيار صدري ومجلس أعلى ودعوة العراق والفضيلة وغيرها .
ألا أن النتائج المفاجئة في كركوك هي من الأهمية لكي تعطي أنطباعا بأن أزمة كبيرة قادمة لتحديد مصير المدينة المتنازع عليها بين الأكراد من جهة وبين العرب والتركمان وغيرهم من الجهة الأخرى .
حيث جائت الأخبار من "برميل بارود العراق" كركوك بتقدم القائمة العراقية على قائمة التحالف الكردستاني . وهذا ما سيكهرب الأوضاع على الأرض في هذه المحافظة .
ملاحظة أخرى يمكن تسجيلها من النتائج الأولية للأنتخابات العراقية ، وهي أن مرشحي الأحزاب الدينية الكبرى مثل الدعوة والمجلس والتيار الصدري والحزب الأسلامي العراقي "الأخوان المسلمين" والفضيلة وحتى الأسلامي الكردستاني قد أكتسحت معظم اصوات الناخبين .
وأذا ما أستثنينا قائمة علاوي الموصوفة بالعلمانية من القوائم العلمانية لأنها في الحقيقة قائمة على أحزاب وتجمعات عشائرية ودينية وحتى بعثيين سابقين . فأن القوائم العلمانية الحقيقية ومنها قائمة الآلوسي والأنقاذ لم تحقق أكثر من نصف في المئة من مجموع الأصوات . مما يعني أن التيارات العلمانية ليس لها قوة تذكر على الأرض العراقية .
http://www.ihec.iq/Arabic/result.aspx
التعليقات (0)