لم يكن مستغرباً أبداً موقف الرئيس الفرنسي من الكلمات النتنة التي أخرجها فاه وسخريته بحجاب المرأة المسلمة ونقابها ، ففرنسا الصليبية هي التي حرضت سابقاً على الحملات الصليبية ووجهتها نحو بلاد الإسلام على يد البابا " اورليان الثاني " وفرنسا التي تدعي الديمقراطية – عفوا الانحلالية – والتي تزعم أنها تحترم العقائد ولا تتعدى على الأفكار الشخصية ، هي التي منعت الفتيات المسلمات من دخول المدارس وعلى رؤوسهن الحجاب ووافقهم في هذا طنطاوي بيك وأعلن أن هذا الأمر شأن خاص بديمقراطية وانحلالية فرنسا ، ولقد صدق الله في توضيح حالهم وبيان حقدهم على أهل الإيمان فقال تعالى : " وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ " البقرة 109 .
ولكن الأمر المستغرب أن يدافع عن هذا الصليبي أناس منا يدّعون الإسلام ولا ذنب لهم في هذا إلا أنهم وجدوا أنفسهم أولاداً لأبوين مسلمين ، مستغلين هذا الحدث لكي يشهروا أسلحتهم في هجوم عنيف ضد الإسلام متهمين إياه بالظلم وسلب الحريات ، كعادتهم التي ساروا عليها كما خطها لهم سلفهم ابن أبي سلول الذين لا هم لهم إلا الإرجاف في المدينة " لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً ولأَوْضَعُواْ خِلاَلَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ، لَقَدِ ابْتَغَوُاْ الْفِتْنَةَ مِن قَبْلُ وَقَلَّبُواْ لَكَ الأُمُورَ حَتَّى جَاء الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ " التوبة 47 – 48 ، فما أن خرجت هذه الكلمات من هذا الصليبي إلا وانبرى المنافقون بأقلامهم للدفاع عنه والسخرية بأحكام الإسلام وتجديد الدعوة إلى انحلال المرأة المسلمة كما هو حال المرأة في دول الغرب .
ومن أنصاف المجانين هؤلاء ؛ أحدهم الذي بدأ مقاله التي حملت عنوان " نعم البرقع استعباد للمرأة واختزال لإنسانيتها " بقوله : " من عشش في عقولهم فهمهم الخاطئ للدين والدنيا معا .. سارعوا إلى تعرية ساركوزي من ملابسه حتى الداخلية منها جزاء وفاقا لما قاله عن فهمه للبرقع النسوي ( الإسلامي) إن صح التعبير .. منهم من عيره بامرأته التي كانت عارضة للأزياء .. وكأني بعرض الأزياء سبة وشتيمة .. ومنهم من وصفه بالكافر والزنديق وتلك تهمة جاهزة " .
بداية ً نقول له: إن أي إنسان يدّعي الإسلام يجب أن يكون مرجعه كتاب الله تعالى وسنة رسوله – صلى الله عليه وسلم – كما جاءت بهذا الكثير من الآيات القرآنية التي تدعونا إلى طاعة الله ورسوله ، بل إنها تؤكد لنا أن الأمر الذي حكم به الله ورسوله لا خيرة لنا فيه ، وما علينا سوى أن نقول : " سمعنا واطعنا " ، " وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً " الأحزاب 36 ، ولكن للأسف أننا في زمن التبست فيه أكثر أمور ديننا بداهة ، خون فيه الأمين واؤتمن فيه الخائن وقام فينا الرويبضة ، الذين لا يفقهون من أمور دينهم شيئاً يتحدثون في أمور الإسلام ، وهم أشد عداوة ً وأكثرهم نفاقا وًإرجافاً في المدينة ، وقد تحدث رسول الله أنه سيأتي " بين يدي الساعة سنين خوادع يخون فيها الأمين ، ويؤتمن فيها الخائن ، وتنطق الرويبضة في أمر العامة ، قيل: وما الرويبضة يا رسول الله ؟ قال : أنه السفيه أو الفويسق أو التافه أو السافل " رواه أحمد وعبد الرزاق وابن ماجة والحاكم والطبراني .
فقضية الحجاب حكمها واضح وبين في القران الكريم ، ومن ذلك قوله تعالى : " وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ " النور 31، بينما نجد هذه الرويبضات لا هم لهم إلا تكذيبها والعمل بها تشويهاً وتمزيقاً ، وأما جمهور المسلمين فقد اتفقوا على أن جسد المرأة كله عورة ، بينما ذهب ابن عباس وابن عمر إلى أن وجه المرأة وكفيها ليسا بعورة ، هذه هي أراء أهل السنة في مسألة الحجاب ، بل أن زوجات رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وأصحابه – رضوان الله عليهم أجمعين – عندما وصلهن أمر الله ورسوله كان الامتثال من وقته دون اعتراض عليه أو مخالفته ، ولم يقلن : " لو كان الأمر كذا لفعلت كذا " الكل يمتثل لما اختاره الله ورسوله دون تلكؤ أو امتعاض .
هذا هو حال النساء المحجبات اللواتي صنعوا لنا رجالاً صاغوا للإنسانية حضارة لم يشهد لها العالم مثيلاً في الالتزام بالأخلاق والقيم والسلوك .
بينما وجدنا – نصف المجنون – يريد أن يصل بنا إلى اتهام من يلتزم بأوامر الله ورسوله ويجتنب نواهيه بأنه معشش في عقله الفهم الخاطئ للإسلام ، لا لشيء إلا لأنه قام بالتزام ما طلب الله منه ، فإذا لم تفهم ممن عير ساركوزي بزوجته عارضة الأزياء أنه كان يريد أن يلفت الانتباه إلى انحلالية هذا المجتمع الذي يعيش على الدياثة ، فماذا ستفهم !؟ غير أن تتهجم على أصحاب الفضيلة والشرف والطهارة وتدعوا أن نصبح مثلهم بقولك : " وكأني بعرض الأزياء سبة وشتيمة " ولم تفهم – وأنّى لك هذا يا نصف مجنون – أن القران هو الذي اتهم أهل الكتاب بالكفر ، فهل تريد أن تعترض على آيات القران الكريم وتتهم ما جاء فيها بالكذب والبهتان .
أيها المرجف ! كأني بك لا تفقه من أمور الإسلام شيئاً ، فعد أيها العلماني البليد إلى طفل صغير مؤمن يفهمك هذه البدهيات بدلاً من أفكار أسيادك المعششة في عقلك ، " وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِندِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفاً أُوْلَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ " محمد 16 .
ثم ما علاقة هذا الصليبي الذي يدعي الديمقراطية ويزعم أنه يحترم العقائد ولا يتعدى على الحريات الشخصية ، بالحديث عن الحجاب والتهجم على عقيدة يؤمن بها جماهير المسلمين !؟ أم أن هذه الحريات والديمقراطيات المزعومة لا هم لها إلا الدعوة إلى الانحلالية التي بهرت صاحبنا – نصف المجنون – فبات يرى العري وعرض الأزياء أمراً عادياً كحال أي ديوث !؟ .
ثم يضيف بعدها : " وللحقيقة فاني فرحت جدا لما قاله ساركوزي .. وتلك أولى المرات التي أقف فيها إلى جانبه ليس وقوفا سياسيا .. فهو لا يختلف كثيرا عن مواقف مضطهدي الشعوب ومتعامي الحقائق .. وإنما موقف حضاري لا اعبأ فيه لما يقوله المتخلفون عن وجوب قهر المرأة واضطهادها ... وأسباب حبوري انني مقتنع تماما ان كتم انفاس المرأة ومعاملتها كجارية والغاء انسانيتها واستعبادها هو قرار رجولي خشية ان تنفلت الامور من يده وينسحب البساط من تحت اقدامه خاصة بعد ان تبوأت المرأة في بلدان الغرب وبعض بلدان المشرق العربي مركزا رفيعا ازال الكثير من امتيازات الرجال" .
لن أدخل معك في حديث عن نظرة اليهود والنصارى وباقي الأديان إلى المرأة ومعاملتهم لها ، ولن أحدثك عن كيفية معاملة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لزوجاته المتحجبات ، ولن أفصل لك كيف صنعت النساء الصحابيات المتحجبات جيلاً نقل الإسلام إلى أقاصي الأرض وأخرج الناس من عبادة العباد إلى عباد رب العباد ، فأطفئوا نار كسرى وهدموا عرش قيصر ، ولن أحدثك كيف كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – كالطفل في بيته وكيف كان يقوم بخدمة أهله ، ولن أحدثك عن قصة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وصبره على زوجته أم أولاده ، ولن أذكر لك حديث رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : " خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهله " ، ولن أحدثك كذلك عن النساء المتحجبات في هذا الزمان اللواتي يدفعن أولادهن نحو الشهادة دفعاً ، فمزقوا شمل الاتحاد السوفيتي وجعلوه أنقاضا ،ً وهم بطريقهم الآن إلى القضاء على دولة الظلم والعدوان بإذن الله ، ولن أحدثك عن النساء المحجبات اللاتي أنجبن أبطال غزة وما أدراك ما غزة وما أدراك ما أبطالها !؟ ، ولن أحدثك عن اعترافات العقلاء في الغرب المنحل وما صوروه لنا عن الضلال والحيرة والضياع الذي يعيشه الغربيون ، وليس أشد منه حالاً إلا ما تعيشه أنت أيها الرويبضة ، فهذه أمور بات يعرفها الصغير قبل الكبير، ولكن أريد أن أسألك : ما هو الموقف الحضاري الذي تريد أن توصلنا إليه ! أهو العري وعرض الأزياء والدياثة !؟ أم هو الاختلاط والتحلل والضياع !؟ وهل الحفاظ على المرأة درة ً مصونة ً هو كتم لأنفاسها ومعاملتها كجارية ؟ وهل قيادة الرجل لبيته وإدارته له إلغاء لإنسانية المرأة واستعباد لها !؟ .
ثم يعود نصف المجنون ليكمل استهزائه بآيات الله واتخاذها هزواً ، فيقول : " فاني اعتقد ان الغرب يخترع الالة الجهنمية التي تكسب الحرب ولكننا نخترع مقابل ذلك نقابا لكي نخفي وجه المرأة أو صوتها على اعتبار انها عوره .. ويخترع الغرب الطائرة التي تقرب المسافات بصورة مذهلة اما نحن فنخترع مقولة البكارة ووجوب ترقيعها أو عدمه .. ويقوم الغرب بتحديد الاهداف الارضية باشارات من الاقمار الصناعية ونحن نخترع وجوب ان تقوم المرأة بتلفيع جسدها بثوب يكنس الشارع خلفها .. ومع كل ذلك فنحن نشتري الصاروخ والطائرة والهاتف الخلوي وكل ما ينتجه الغرب وندفع فيه ثمنا يجعل ثرواتنا تصب في جيوبهم وكل ذلك يجري ونحن نسب العلم والعولمة والتقدم الحضاري ونريد عودة الاسلام إلى منابعه الاولى فنركب الجمل بدلا من السياره .. والحمار لقطع المسافات الطويلة بدلا من الطائره .. وان نحارب بالسيوف بدلا من المدافع الرشاشه .. ثم نسب ونشتم ساركوزي أو غيره لانه قال كلمة حق تجعلنا نشعر اننا نعيش كانسان هذا العصر ونندمج فيه .. مع ان ذلك لا ينفي ان يكون الانسان حضاريا ومتدينا في الوقت نفسه "
يا سيدي : أليست هذه المرأة التي كانت تعيش مع حجابها والملتزمةً بتعاليم القران الكريم ، هي التي أنشأت لنا أجيالاً حملوا العلم إلى العالم أجمع ، غيروا وابتكروا مفاهيم كثيرة ً كان لها الفضل بأن وصل العالم إلى ما وصل إليه من تطور وازدهار ، ومن ذلك نظرية الضوء التي وصل إليها الحسن بن الهيثم !؟ وإن آثار هذه الأجيال في الأندلس وغيرها من بلاد الدنيا تشهد عليهم وعلى فضلهم ، فالمسلمون أهل ثقافة ومدنية وحضارة بنيت على هدي الوحي الرباني ، ولسنا بحاجة إلى علماني مثلك يدعو إلى العلمنة والدياثة باسم التحضر ليتهجم على الإسلام والمسلمين ويتهم أهله بالتخلف ، ألم يكن المسلمون متفوقون حتى في مجال السلاح !؟ ألم يكن السلطان محمد الفاتح عند دكه لحصون القسطنطينية بالمدافع متفوقاً في المجال العسكري ومتقدماً بسلاح المدفعية على الصفويين والروم !؟ ألم يكن كل هؤلاء الرجال الذين أنشئوا لنا هذه الحضارة العظيمة متدينين تربوا على يد المحجبات اللواتي تسخر منهن !؟
ولكن لما انسلخنا عن تعاليم ديننا وظهر فينا الرويبضات المخدوعين بمدنية الغرب المنحلة ، الذين بهرتهم حضارة العريّ وطبقوه على أمهاتهم وأخواتهم ونسائهم وبناتهم ، ونشروا هذا العري والانحلال فينا ، فصار حالنا إلى ما نحن عليه ، فهنيئا لك بقدوتك الصليبي زوج عارضة الأزياء !؟
ثم ألا ترى معي – يا نصف المجنون – أن مجتمعنا ما فقد حضارته إلا لما تركنا تعاليم ديننا الحنيف ، وجرينا خلف انحلالية الغرب الصليبي ، الذين لما علموا استحالة القضاء على هذا الدين العظيم ، تسلطوا عليه من خلال النساء والشراب وأنصاف المجانين أمثالك ، فاعملوا في المجتمع الإسلامي هدماً وتخريباً ، وبات الفرد منهم تمشي زوجته أمامه بالملابس الكاسية العارية واضعة جميع أنواع الأصباغ والزينة لإثارة الغرائز ، لتجعل منها منظراً تهبط إليه عيون الجميع ممن هب ودب، وهو يجري خلفها يسوق لها عربة الأولاد كعبد ذليل، فبورك لك شهامتك وغيرتك على عرضك ، وبوركت لك نظرات الجميع إلى مفاتن زوجتك ، فأكثر من أكل لحم الخنزير حتى نزداد غيرتك .
ثم أتريد – يا نصف المجنون – أن تلغي الشهوات والغرائز والدوافع التي فطر الناس عليها ، وتكذب آيات القران ، وإلا لو كان يمكن القضاء على الشهوات بتقصير التنانير وإظهار الصدور لكان القران أول الداعين لهذا ، ولنا في الدعوات التي دعا إليها المجتمع الغربي المنحل من منع الاختلاط في مدارسهم الدليل الأكبر على كذب المقولة التي تقول أن العري يزيل الشهوة ويميتها مدعين في هذا أن التعود على مثل هذه المناظر يميت الشهوة داخل الإنسان ، ومن بريسكوني الشهواني خذ العبرة أيها الديوث .
ولكن الحقيقة أن الشهوة هي شهوة وستبقى في الإنسان لحين موته ، فإما أن تهوي به إلى أسفل سافلين أو ترتقي به إلى أعلى عليين ، ومن أجل هذا وضع الله قواعد تنظم هذه الشهوات في الإنسان وتنظمها وفق الضوابط الشرعية وتصريفها وفق ما يرضي الله تعالى ، فدعا الله تعالى الإنسان المسلم إلى أن يغض بصره ويحفظ فرجه ، ودعا المسلمة كذلك إلى غض بصرها وحفظ فرجها ، ثم من أجل أن يساعد في هذا دعا المرأة المسلمة إلى أن تلبس حجابها وتخفي مفاتن جسدها لتكون لها درءً وحفظاً ولتكون جوهرة مصونة عفيفة كريمة ، قال تعالى : " يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً ، لَئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلاً ، مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً ، سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً " الأحزاب 59 – 60 .
وبعد أن بين الله تعالى كيفية تنظيم هذه الشهوات لكي لا تفضي بالإنسان إلى الحرام والوقوع في الزنا ، جعل لها قناة نظيفة يفرغ من خلالها هذا الشهوة ، كما ارتضى له ذلك رب العباد ، فدعا الرجل والمرأة إلا أن يحصنا نفسيهما من خلال رابط محكم مقدس هو رباط الزوجية ، وبدل أن يكتفي الإنسان بزوجة ويتخذ من ورائها آلاف العشيقات ، دعا القران الكريم إلى تعداد الزوجات .
كل هذه الأحكام جاء بها الإسلام من أجل الرقي بالمجتمع المسلم ، والحفاظ عليه وإبعاده عن السبل المنحرفة في تصريف الشهوات ، وبين له السبيل القويم الذي يفرغ من خلاله شهواته ليرقى به إلى أعلى عليين ، ولكن لما ظهر فينا مرضى القلوب أمثالك من الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين امنوا ، ظهر فينا الفواحش والأمراض التي لن تكن موجودة في أسلافنا ، كالايدز ونحوه .
وأما عن قولك أنك بت تحترم هذا الصليبي ، فهنيئاً لك بهذه البشرى التي يبشرك بها عليه أفضل الصلاة والسلام : من أن المرء يحشر مع من أحب ، نسال الله تعالى أن يحقق لك هذا ، فيأخذك أخذ عزيز مقتدر أو تعود إلى رشدك قبل ان يدركك الموت فتقول : " ربي ارجعون لعلي أعمل صالحاً فيما تركت " ، ثم أليس معيباً عليك أن تكون فرداً من المساهمين في استمرار وجود الصنف الذي لم يره عليه أفضل الصلاة والسلام : " صِنْفَانِ مِنْ أُمَّتِي مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمْ بَعْدُ ، نِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مَائِلَاتٌ مُمِيلَاتٌ عَلَى رُءُوسِهِنَّ أَمْثَالُ أَسْنِمَةِ الْإِبِلِ لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلَا يَجِدْنَ رِيحَهَا ، وَرِجَالٌ مَعَهُمْ أَسْيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ " رواه أحمد ، فما بالك كيف تحكم يا نصف المجنون !؟
ولتعلم أن المؤمن إذا أتاه أمر من الله ورسوله لا ينبغي له أن يعترض أو يمتعض ، بل يجب أن يقول : سمعاً وطاعة ً لله ورسوله ، ويسلم لأمرهما تسليماً ، وإلا فلتبحث لك عن دين غير هذا ، بدل أن تدعي كذباً انتسابك إليه ، ففي الأديان الأخرى المحرفة متسع من الانحلالية والانحراف ، ونحن نقول لك كما قالت إحدى الأخوات الكرديات المسلمات رداً على مقولة جلال الطالباني في إحدى مؤتمراته التي كان يتبجح بها ويتهجم على الإسلام وينتقد إباحة الإسلام للرجل بتعداد الزوجات وعدم إباحة هذا الأمر للمرأة ، فقامت هذه المؤمنة بعد استأذنت زوجها لتجيبه قائلة ً: " أنا ادعوك لأن تأخذ معك أربعة رجال وتذهب بهم إلى زوجتك ، وادعوا زوجي كذلك أن يأخذ ثلاثة نساء لنصبح أربعة !! " فبهت ولم يحر جواباً .
بربك قل لي : هل هذه المرأة مضطهدة كما حاولت أن تزعم – يا نصف مجنون – !؟ وهل ستقول حقيقة ً مثل قول هذه المرأة العفيفة الطاهرة وتتوب من ذنبك وتعود إلى الله وتصلح وتبين ، فيكون حالك حال " الَّذِين تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ " البقرة 160 ، فإن أبيت فإننا ندعوك إلى أخذ زوجتك وابنتك إلى أقرب دار لعرض الأزياء لتواكب بها الوجه الحضاري من انحلالية ساركوزي ودعارة بريسكوني ودياثتهم ، فأنت أولى الناس بأن تبدأ بتطبيق ما تدعوا إليه ، بينما نحن نقول لك : إننا سنجعل من أخواتنا وزوجاتنا وبناتنا بإذن الله نساءً كأم المؤمنين عائشة والخنساء وخولة بنت الأزور – رضي الله عنهن – وإننا سنبقى محافظين على هذا الحجاب ملتزمين لأوامر خالقنا ، وإن اتهمونا بكل باطل من القول ، ويكفي نسائنا فخراً أننا جعلنا منهن ملكات في بيوتهن ، ودرر مصونة نحافظ عليها بأرواحنا ودمائنا .
احمد النعيمي
Ahmeeedasd@googlemail.com
http://ahmeed.maktoobblog.com/
التعليقات (0)