أنسنة المجتمع ..حلم أم طلب ؟

www.mohawer.net

2009-09-14 00:29:15

إن إطباق الدين المؤدلج على كامل المجتمع ..طبقاته وثناياه ، حاكمه ومحكومه ، أمر لا أعتقد أن كثيرين يختلفون فيه .
مرة كتب زمينا الظريف أبوخليل بن أبو داود عن أن ( أصيع ) الأفراد لدينا هم في واقع الحال ( مطاوعه ) مع وقف التفيذ .
الكل ( مطوع ) وإن اختلفت الأشكال ، المرتشي يحافظ على الصلاة في المسجد ، والمرابي يفتح موائد تفطير الصائم ، والنصاب يدعم جمعيات تحفيظ القرآن .... إلخ .
مرة أخرى أنا لست ضد أو مع ، فيما أقول ، إنما أصف حاله لا أكثر .
إذن فمجموعة القيم والأخلاق التي يؤمن بها الناس بكل مشاربهم مرتبطه ارتباطاً مباشراً بالدين الذي تعلمناه وورثناه ، كذلك الحال بنظرتهم للكون والحياة وما وراء الطبيعة .
يقول لي أحد الأخوة : وما المشكة في ذلك إن لم تكن عدواً للدين ؟ من المفترض أنك تفرح وتعتز بهذا الواقع .
أرد عليه أن مشكلتي هي ليست شكلية بل موضوعية ، فالشكل الحالي للدين الذي ورثناه فيه الكثير من الغث قبل السمين ، وفيه أسوأ أنواع فصل الدين عن الحياه .
العمل الصالح استحال فيه لطقوس شكليه مصطبغة بلون الدين وهي بعيدة كل البعد عن الحياه .
لذلك دائما أقول وأدافع عن هذا القول بأن أي أمل بالتغيير للمجتمع لا يمكن أن يتم بدون البدء بتغيير الفكر الديني المهيمن ... أي الإصلاح الديني إن جاز التعبير .
ولعلي هنا أعرج على حادثة التفجير الانتحاري الذي تعرض له الأمير محمد بن نايف ، فكثير من الليبراليين ومناهضي الهيمنة الدينية احتفوا بهذا الحدث على اعتبار أنه قد ينتج منه ردة فعل من الحكام ضد المتطرفين الدينيين ، ومن ثم تخفيف تأثيرهم ، وخلق جو من الانفتاح في البلاد .
قلت و أقول لهم : هيهات ....
كأنهم لا يعرفون عمق التركيبة للمجتمع ، فحتى حكامنا بقوتهم الرهيبة وصلاتهم المحلية والدولية ، هم في واقع الحال جزء من المنظومة الاجتماعية المنطوية تحت مظلة هذا الفكر الديني .
لا يستطيع صاحب أكبر مكانة في منظومة الحكم أن يظهر للملأ وبيده سيجاره ، ولا يستطيع أحدهم أن يقول أنا أحب السينما وتعجبني الممثلة الفلانية .
يعتقد البعض أن هذا الواقع هو من صنع الحكام وبأيدهم تغييره ، و أنا أقول تحلمون ، فهذا الواقع هو مفروض عليهم بسطوة المجتمع كما هومفروض على الطبقات كافة .
هذا من ناحية ومن جهة أخرى فأن الظرف السياسي لا يمكن أن يسمح بالتخلي عن الحركة الدينية ، فالأوضاع في إيران وباكستان وأفغانستان واليمن ولبنان ، تحتم توثيق الترابط مع التوجه الديني .
إن أردت أن تحلم فاحلم بما تشاء ، أما إذا أردت أن تطلب فاطلب ما تحت اليدين . ( حكمة من البكيرية )