أنا و اسماعيل و نزيف الرّمّانة .....
إلى زهرة القبائل /أ. جيجيكة ابراهيمي/
أيّتها الفاكهة المقدّسة فجّرت في قلبي الينابيع ،
فرحماك ردّي لإسماعيل حنانها و لمسة الأب على يديه ....
من أنا ؟ و هذي المرايا تتعثّر أمام جنوني ؟؟؟
تسرقني اللّحظات فلا أتعرّف على كفّ يدي و لا لون العصافير الّتي استكثرت على قلبي بعض الغناء ....
من أنا ؟ و داخل عمري تجاويف عذاب تتكاثر منذ سنين ...لم أعرف أنّ الرّبيع يتلوّن دمعا و أسى ...
و لم أعرف كيف تسرّبت لعنة -- الجورنيكا—إلى صباحاتي المتثائبة
هل كان بيكاسو يرسم آلامهم على زمني ؟؟؟؟
أم هو لوني الّذي أخفته سعادتي المزيّفة ؟؟؟؟
من أنا يا سيّدي الّذي تلحّ في رصد أيّامي ، و تجازف خلف المسافات تتتبّع خطواتي المذعورة ؟؟؟
لا تغرق سفنك في بحري العميق ، فأنا لم أعرف نفسي بعد ، لم أعرف نقطة التّحوّل في عمري ....و أندهش كيف أتنفّس بعد غياب الأكسجين في هواء مدني ؟؟؟؟
أندهش كيف تتواصل الحياة في دمي ؟؟؟؟ و هو الّذي جفّ مرّتين و ارتسم خطّ النّهاية على شاشاتهم ...
لا ترسم آهاتك على نوافذ الانتظار ، فالغريق أنانيّ بتهوّر ، يهوي إلى القاع و معه جواهر قلبه الثّمينة ....
يا سيّدي ، أنا لا أعرف عنّي غير التّراجع و الانكسار و مواقد نار باردة خذلها الشّتاء فسلّمها للنّسيان...
ليس لي سوى بعض الذّكريات عن طعنات و دمع وداع عن موتى غادروني بلا رحمة ...
لا أعرفني ...كيف تسقط القلوب من حولي فلا تحدث أثرا على مسامعي و تنزف الحروف فلا يغريني نزيفها ....
و تطفو- الرّمّانة - فتقلب مواجعي و تعيدني إلى واحة الحزن الكبير ....
كيف لهم أن يسكنوه تحت جسر بارد مع جثّة الماضي الهامدة و قد خلّفته وحيدا ...؟
كيف لهم أن يعمّقوا جراحه و يلتهموا طفولته كالفاكهة المقدّسة ؟؟؟
كيف لهم ذلك ؟؟؟؟
و أنت سيّدتي أسميته و منحته عناقيد السّلام ....
أيّتها الأسطورة الأمازيغية أدخلته دوائر الحزن و أسكنتني خلف السّياج أراقب رمّانتك النّازفة كقلبي ....
ما أشقاك أيّها الصّغير، الكبير و أنت تصارع لحظات الفراق، و حولك كلاب تعوي فتزيدك رعبا و فزعا ...
ما أشقاك ...إسماعيل بهذه الحياة الّتي رفضت طفولتك و حمّلتك هموم الكبار ....
حرّكتني مشاعرك فوددت أن أستدرجهم نحو المشرحة ، هاهنا جثّته المجمّدة و المدينة الّتي سرّبت أسراري ، فسبقتني همومي إليهم ....
جثّته هنا و هو الفرح الكاذب في ذاكرتي، ببدلته البنّية و نظرته العميقة و الشّتاءات الّتي شهدت حكايتنا
ما أشقاك إسماعيل، تشبهني أحزانك و الموت الّذي لم تفهمه بعينيك الغائرتين
أيّها الصّغير الباكي ....دمعك و أنا و صاحبة النّزيف ندور معا في سماوات أحزانك ....
نحاول أن نصنع لك عشّا دافئا و نحيي الماضي كي يضمّك و يقبّل جبينك البارد ...و يمنحك لهفة الأمّ و هدايا الأب الّتي لا تعرفها ...
أيّها الصّغير المتشرّد بعيدا عن عيون الكبار و الحفلات الرّاقصة المذيّلة بمواعيد الخيانة ....بعيدا عن وجوه الأمراء و خلفاء العصر الحديث ، الّذين ذابوا كالجليد تحت السّيقان العارية ، و أبهرتهم الشّفاه المنفوخة بحقن التّجميل ....
بعيدا عن موائد الطّعام الفاخرة ، و حمّامات السّباحة المغطّاة بأوراق الياسمين ...
بعيدا عن الأفرشة النّاعمة و الأزرار الّتي تغيّر الفصول و تطيل مواسم الغناء ...
بعيدا عن جنّتهم المزيّفة تعيش واقعك و كلاب الصّيد تحاصر ماضيك المسجى ...
بعد كلّ هذا كيف أعرفني ؟؟؟
و أنا مازلت خلف السّياج أراقب من بعيد نزيفها و جراحك ؟؟؟
أحاول الخروج من هذه التّجاويف الّتي وثّقت رباطي و أسرتني ....و ذاك القلب يتبعني يفتّش عنّي رغم غروب شمسي و انهياري ...
لا أعرفني يا صغيري ، فأعيد لمشهدك ألوانه و فراشاته و ضمّة المرأة الّتي أحبّتك ..
لا أعرفني يا إسماعيل ، كي أكوّر لك قمرا يضيء عمرك و شمسا تذيب الجليد من حولك ..
سامحني فأنا تتبعني حكايات موت و دمع و وداع، تتبعني خطوات ظلّي المنكسرة ...
و معركة خاسرة لم يبق منها سوى بعض البقايا ، و خربشات حزينة لامرأة مهزومة ،قاومت زمنا ثمّ استسلمت لريّاح قويّة... ... ...
اسماعيل في كلّ الأزمنة و في كلّ الأمكنة
يتبع...
ليلى عامر 23 سبتمبر 2010
التعليقات (0)