اسكن المدينة منذ زمن ، بعد أن تغير حالي ، وتركت بيوت الصفيح .. وصوت الجيران الذي يأتي إلينا كما يذهب صوتنا إليهم .. ولم يبقي لأحد سر خفي على احد ..تركت بيوت الصفيح في المخيم .. عندما كانت حركت البناء مستعرة فيه .. ليتحول من الصفيح إلى الاسمنت والطابق الثاني وربما الثالث لمن تجاوز الحد .. لتستعر من بعد ذلك حمى الإيجار والاستئجار في المخيم ...( المخيم مكان يسكنه اللاجئون الفلسطينيون ) .
اليوم ذهبت المعاناة التي كانا نعانيها في صغرنا من الشعور بالبرد والحر .. وفقدان الخصوصية الشخصية ... والانخراط في المجتمع الكلي ...ولحسن الحظ وأنا أسعى حثيثا لحماية أسرتي مما لاقيت وعانيت في المخيم ..سكنا المدينة في بيت ( مطبوق ) شقة مساحتها أكثر من 180 متر مربع .. ونسيت تلك الغرفة ( الصفيحية ) التي كانت مساحتها تسعة أمتار مربعة فقد تسعة وليس تسعين ... وكانت تلك الغرفة هي كل البيت .. وهي الحمام والمطبخ وغرفة النوم وغرفة الضيوف وغرفة المعيشة .. والمستودع ...أيضا ..( اليوم تغير الوضع في المخيم ) أصبح البيت بيت كبير من طابقين .. ومساحة كل طابق أكثر من 120 متر مربع ..
في ليالي الصيف .. ونحن نسهر على السطح ..في المخيم طبعا .. نتمدد على ظهورنا ونتكئ على جنوبنا ..ونجوم السماء تلمع من بعيد .. فترقص الأضواء والأشعة ففي عيون الأطفال .. كانت رند ابنتي الصغرى تنظر إلى النجوم .. ويفيض نهر من الأسئلة ... لا ادري كيف خطر لي أن أقول لها أنني قد اشتريت لها تلك النجمة ( النجمة التي تكون عادة مرافقة للقمر.. وهي اقرب نجمة إليه ..) وإنني قد سجلتها باسمها .. وانه لا يستطيع احد أن يأخذها منها .. ولا يستطيع احد أن يدعي أنها له من دونها ...
تذهب رند إلى المدرسة .. الصف الثالث الأساسي ...وتخبر صديقاتها .. إنني اشتريت لها نجمة وقد سجلتها باسمها ... فيثور في المدرسة حراك وحوار وتنافس ونقاش .. ويتهمها البعض بما يتهمها ...ويقول البعض أن النجوم ليس لأحد .. ولا يستطيع احد أن يشتريها أو يسجلها باسمه أو يبيعها .. لان لا احد يملكها ... فتقول لهم أن بابا .. يملكها .. واشتراها .. وسجلها ...
تعود رند غاضبة .. محبطة ... وتخاطبني وتناقشني بأمر نجمتها .. فاذهب إلى مكتبتي واحظر لها ورقة أعددتها على برنامج ( Microsoft Publisher ) وعملتها على شكل شهادة تسجيل .. وكتبت لها فيها ..( هذا سند تسجيل نجمة القمر إلى رند .. وهي حق وملك شخصي لها ولا يجوز لأحد أن يتصرف أو يستخدم النجمة أو ما يتعلق بها بأي صورة من الصور .. ) ووقعتها من قبلي ...ورسمت لها النجمة المقصودة ... ولا زالت رند تحتفظ بالسند إلى اليوم .. وها انا أرفق السند مع المقالة ... ومضت رند تأخذ الوثيقة لبنات عمها وخالها والأقارب .. وصديقاتها .. كإثبات حق الملكية ..
اليوم نسمع أن زين العابدين ابن علي اعتدى على الفضاء .. وكأنه شبع من الفساد في الأرض .. ولم يسعه الكون كله فذهب إلى الفضاء وجل ما أخشاه أن يكون اعتدى على نجمة رند ..فالويل له مما فعل .. والويل له مما يقول .. فنجمة رند خط احمر .
التعليقات (0)