إهداء إلى الفنانين المغاربة أصدقائي في المحنة ( عفوا المهنة )
... وقع شجار بيني وبين زوجة أخي هذا الصباح، لأنني كنت أتناول فطوري في المطبخ وسمعتها تعلم ابنها نشيدا مخلا بالآداب وسيجني على الطفل كثيرا في شبابه ... النشيد هو: أنا فنان ... أنا فنان ... ما إن سمعته حتى صدمتُ ووقع كأس الشاي الساخن على سروالي .. وأحرق مستقبلي ... ( لا يذهب فكرك بعيدا عزيزي القارئ .. مستقبلي هو بطاقتي الوطنية التي كنت أضعها بجيب السروال ..) . هرعت إليها وأغلقت أذنا الطفل الصغير كي لا يسمع ويحفظ النشيد وبالتالي يصير فنانا ... صرختُ في وجهها :
- ألم تجدي مهنة أخرى تتمنينها لابنك إلا أن يصبح فنانا ؟؟ لم لا تعلمينه نشيد : أنا نجار صغير ولي منشار كبير ... ؟؟.
دهشت زوجة أخي من موقفي وخيم الصمت على وجهها في مشهد ميمي يؤكد بأن الصورة هي أبلغ وسيلة للتعبير ...
بعد فاصل إشهاري كسر المشهد سألتني عن حساسيتي اتجاه نشيد طفولي ،كأنا فنان ...
- اعلمي يا زوجة أخي أن الطفل عبارة عن وعاء فارغ يستوعب كل شيء وأنت بتحفيظه لنشيد أنا فنان في هذا السن فأنت تقومين بتحريضه على فعل شنيع .. وهذا يعتبر تغريرا بقاصر في نظر القانون ...
في الحقيقة أخَفتها لأني لا أريد لابن أخي أن يصبح فنانا ... يكون رجل أعمال في التصوير وينهي يومه يتسلق الحافلات .
أخَفتها لأني لا أريد لابن أخي أن يصبح فنانا ... ينتظره الناس أمام التلفزيون بينما هو ينتظر عملا فنيا في مقاهي المدينة .
أخَفتها لأني لا أريد لابن أخي أن يصبح فنانا ... يوقع أطوكرافات المعجبين .. بينما يشتاق هو لتوقيع المنتج على شيك يفك به توقيعات كبيرة على ديون وشيكات ضمان .
أخفتها لأني لا أريد لابن أخي أن يصبح فنانا ... يعتبره البعض تجارة ويعتبره البعض بضاعة ويعتبره البعض الآخر أوراق قمار تلعب على طاولات كازينوهات الإنتاج .
أخفتها لأني لا أريد لابن أخي أن يصبح فنانا ... لا يسطع نجمه إلا في رمضان (كأئمة التراويح ) .
ببساطة ... أخفتها لأني لا أريد لابن أخي أن يصبح مثلي ...
التعليقات (0)