على غير العادة وفي لحظات تاريخية وأرقام قياسية، حاز عليها الشاب الوسيم "محمد عساف" متألقاً بفوزه في لقب محبوب العرب، وهو القادم من الساحات المغلقة عبر حواجز غزة الصامدة، صاعداً إلى بيروت، ومن قبل دقّ كل الأبواب ليسمع صوت شعبه إلى العالم فكانت الإجابة دائماً ليس الآن وربما غداً، ومنذ أكثر من سبعين عاماً يعزف مع شعبه لحن دولة السلام الحزينة.
****
إنهم إخوتي يا أبي سرقوا أحلامي وصلواتي في المدينة الغراء، رسموا أحلامهم وأوقعوني في غياهب الجب!! فغابت مذ ذلك الحين عني الأقمار مخطوفة أيامي ممحية شوارع بيتي، تتوالى عليً النكبات، وكل ذنبي أن حملت قبلتي يوماً نور الصلوات، فكيف وأنا القمر والنجوم والكواكب تزينني!!
ولمّا جن علي الليل استلت الرماح تفرّق أحبابي تشتتني، فغابت أقماري عن الخريطة، وتاهت خطواتي وأصبح مصيري غياهب الجب، ماذا فعلت يا أبي؟! ما ذنبي أن ما أرادوني؟! وما لبثوا أن أضاعوني!
وفي لحظة نسيان تاريخي وجحود إنساني صارخ، يسجل التاريخ عودة اسمي يرفرف في سماء الدنيا وكأن حلمي تحقق يا أبي، فقد أسمعت الدنيا صوت شعبي، في كوفية العزة والفخر، في دبكة الأرض التي نقشت على أرضها تاريخ وطن وشعب.
كان "محمد عساف" ولا يزال يغني اسم فلسطين بصمته وسكوته إلى أن غنّاه بصوت فاق أفق الجمود مختصراً كل معاني الحرية والجمال في صورة شعبه وأحلامهم وآمالهم وصوت بمائة ألف صوت، وعيناه تبكي بصمت عتيد، وقلبه ينشد الحنين إلى الوحدة، وقبلة على جبين الوطن رسمها على علم فلسطين، ممشوق القامة ينشد في سماء الدنيا، ولأول مرة وبعدما غابت الأقمار العربية الأصيلة، ها أنا أعود مرة أخرى وكأنني أملك الدنيا والكل يهتف يا فخراً أنت عساف! .. أنا عساف يا أبي، أنا فلسطين!.
التعليقات (0)