مواضيع اليوم

أنا أشعر إذاً أنا موجود؟

أوشو أوشو

2009-12-18 00:31:16

0

أنا أشعر إذاً أنا موجود؟

لم أسمع من قبل بأن أحداً قال هذه الجملة، ولكن لو سمعته لقلت أيضاً... هراء! وهذا عن تجربة! فلطالما اعتقدت أن مشاعري هي أنا! كنت أعتقد بأني إنسان مزاجي وكنت كاره لنفسي وللحياة... لقد كانت فترة تعيسة في حياتي أسميها بـ"حربي مع نفسي" حيث بدأت عندما استدعاني الجيش الأمريكي في حربه مع فيتنام.

ولكنني لم أرد أن أقاتل فلم أستطع أن أجد سبباً وجيهاً يدعوني للقتال أو أي عدو يستحق أن أقاتله... بصراحة كان القتال الوحيد الذي كنت مستعداً لخوضه هو القتال مع جيشي! وبدأت التدريبات التي كانت في منتهى الصعوبة وقد كنت في احتياطي الجيش الأمريكي في ذلك الوقت إلى أن صرّح الطبيب النفسي للجيش بأني مختل عقلياً فرموني خارجاً، ولكن اتضح أن الرمي خارجاً من احتياطي الجيش الأمريكي يعني الرمي داخل الجيش الأمريكي! إلا أن الجيش لم يرغب بي أيضاً لأني في النهاية اعتبر "مختل عقلياً"!

ولذا مررت بخمس سنوات من التخبط بينما كانت القوى الأمريكية تفكر ماذا تفعل بي، فلم تكن فترة سعيدة في حياتي بل كانت أفكاري تملأ المكان... فلم أرغب بأن أقاتل أحداً ولكني كنت محبطاً لعدم وقوفي في صف الوطن.. ولم أكن أرغب بأن أقابل العدو ولكن لَربّما يعلمني هذا العدو شيئاً... في النهاية استغرق الجيش 5 سنوات لكي يقدم لي تسريحاً افتخر إلى الآن بما كتب فيه وهو "غير قادر على التأقلم مع نمط الحياة العسكرية"... لقد أصبتم في هذا!

فأخذت أوراقي وذهبت إلى لندن، ولكن لم يكن الوضع أفضل بكثير... فبهذا الماضي غير المشرف مع الجيش! لم أستطع أن أجد وظيفة إلا كمشربي في حانة، وبسبب الوضع الذي كنت فيه وشعوري بأني خذلت وطني كرهت نفسي كما كرهت حياتي... وغرقت في الشراب كما غرقت في تعاستي... كانت مشاعر سيئة إلى أبعد الحدود. وفي يوم من الأيام ودون أي تفكير حجزت تذكرة ذهاب بلا عودة إلى الهند! وبهذا القرار المفاجئ وصلت هناك إلى المعلم المستنير أوشو... وأتذكره جيداً بردائه الأبيض وهو جالس بكل هدوء وكيف أحببته فوراً. وبينما كنا نستمع إليه نظر إلي فجأة وقال: "إن الثورة في داخلك أنت"... في تلك اللحظة شعرت وكأني شارفت على الموت، وكأن قنبلة انفجرت أمام وجهي لأني إلى تلك اللحظة كانت الثورة في الخارج والعدو في الخارج والجيش في الخارج والحب في الخارج... في الحقيقة، حياتي كلها كانت في الخارج.. وكنت كارهاً لها كلها. ولكني أدركت عندها بأني أستطيع أن أُسقط هذا الكره الذي كنت أحمله لنفسي وهذا القتال والحرب التي كنت أشنها على نفسي فاكتشفت باني أستطيع أن أذهب إلى أبعد من هذه المشاعر والألم والمعاناة التي في داخلي والتي كل ما في الأمر هو أني لم أعرف التعامل معها فقط!

وكما ترى فقد كنت أعتقد بأني عبارة عن مشاعري وإحساسي.. كل ذاك الذنب والعار والحزن وخيبة الأمل والكره الذاتي هو أنا! ولكن بعد سنوات من التأمل هل تعرف ما الذي وجدته؟ بأن مشاعري مهما كانت فهي ليست أنا... لكي تتضح الصورة أكثر، لا بد لك أن تعلم بأنك موجود قبل المشاعر أي أنها تأتي لأنك أنت موجود! فقد أتيت قبلها... كأنك أنت السماء وعواطفك هي الغيوم التي تنتقل فيها.. فبعض الغيوم بيضاء وجميلة وبعضها رمادي وينذر بالخطر وبعضها يحمل الأمطار ولكن جميعها تظهر وتختفي بشكل طبيعي... هكذا هي العواطف تظهر من الأفكار لتبقى في الجسد لفترة ما وبعد ذلك تذهب بسرعة كما ظهرت بسرعة! لذا متى ما قرعت التعاسة على بابك لا تحبسها خارجاً وتحاول إبعادها، بل افتح لها الباب ودعها تدخل... فهي لا تستطيع أن تبقى للأبد! لأنه لا بد للسعادة أن تتبعها! بالإضافة إلى أن التعاسة تعطي معنا للحياة... لكي ترى كل جوانب الوجود.

إن الهدف من الحياة لا أن تكون خالياً من العواطف متجرداً منها 100% طوال الوقت! كلا، فستكون رجلا آلياً! ولكن دع العواطف تنساب من نفسها وأنت عالم بأنك أبعد من حدودها... فلدي الكثير من العواطف ولكني أعلم بأنها ليست أنا! ولذا عندما تعتقد في المرة المقبلة "يا إلهي، أنا حزين" أو "أنا غاضب" أو حتى "أنا سعيد" لاحظ... هل هذا أنا؟ كيف تصنف نفسك؟ سريع التأثر أو لا؟ عاطفي أو مزاجي أو عنيف؟ منفتح وحساس؟ أو منغلق وصعب المراس؟ أو عديم الإحساس؟ راقب ما هي الأحاسيس التي تتمسك بها وما التي تتجنبها... واسأل هل هي أنا؟ في الواقع جميع الأفكار الرائعة والمشاعر السعيدة تأتي وتذهب ولكن ما يتبقى هو "أنت" الأساسية!

ماذا عن المآسي العائلية؟

جميعنا لدينا قصص "الحظ العاثر" و"الأوقات الصعبة" و"يا لي من مسكين!" ونحفظها في مكان ما لنسردها متى ما أردنا بعض الشفقة! ولكن علينا أن نرى هذه القصص بوضوح ونتخطّاها لكي نستطيع السير في رحلة الحياة والوصول إلى الحقيقة... وأن نعرف بأني لست طفولتي ولا عائلتي ولا تاريخي ولا مأساة عائلتي! وإذا أردت أن تتحقق من صحة ما أقوله ينبغي عليك أن تنظر عميقاً في حياتك وعقلك وأن تمضي وقتاً أكثر في التأمل والهدوء!

وبعد رؤية كل شيء بوضوح ستبكي وستحتفل في نفس الوقت! ستشكر والدتك لأنها جاءت بك إلى هذه الحياة... ستشكر كل شيء سيء حصل في حياتك لأنه أخذك لكل شيء رائع فيها! ستشكر ألمك ومعاناتك لمساعدتهما لك وجعلك تستيقظ وتبدأ البحث.

ماذا عن الدين؟

الجميع لا يرغب بالتحدث عنه ولكن لا بد لنا أن نبدأ بالحديث عنه! فما هو الدين بالتحديد... هل نحن المعتقدات التي نحملها بداخلنا والثياب الدينية الخاصة التي نرتديها والأكل المحدد الذي نأكله والشعائر التي نتّبعها والأعياد التي نحتفل بها؟ أليست كل هذه الأمور عبارة عن أشياء نؤمن بها ونقولها ونعمل بها فقط؟ هل ولدنا بالدين؟ انظر إلى مولودك الجديد... هل ينتمي إلى دين معين؟ هل خرج من رحم أمه مسلم أو مسيحي أو هندوسي أو أو أو؟ أو أنك أخبرته بدينه؟ إنه قد لا يعرف حتى بأنه طفل صغير... فنحن نصنفه هكذا... قد يكون الشيء الوحيد الذي يعرفه هو أنه موجود في هذا الوجود ويعيش فيه، قد يكون الآن "هو" على حقيقته.. متدين بدين الله دون حتى أن توجهه إلى أي شيء... يشعر بوجود الله ويعرفه أفضل مما نعرفه نحن! ولكن ماذا سيحمل يا ترى من مبادئ ومعتقدات دينية بعد 20 سنة... ومن سيظن نفسه آنذاك؟

نحن لم نولد بدين محدد ولكننا تربينا على معتقدات معينة وغالباً ما نأخذ بها وبهذا النمط من الحياة لأننا وجدنا الأمر هكذا وليس بالفطرة. قد يكون الموضوع حساس قليلاً فهناك من يصنف نفسه وبقوة تحت دين معين بينما لا يكون البعض الآخر كذلك... ولكن لو سألنا أنفسنا للحظة... جميع هؤلاء الناس التي تصلي وتعبد الله.. هل يعرفونه فعلا؟ أي هل توجد بداخلهم تلك الصلة به والشعور بحبه لهم ومبادلته هذه المحبة؟؟؟
إن الحقيقة واضحة وموجودة أمام الجميع! ولكن لو يفتحون أعينهم قليلاً!

أعظم وأفضل متأمل!

أن لا تصنَف تحت دين معين لا يعني أن تبتعد عن الله...على العكس تماماً، أن تتصل به طوال الوقت على مدى 24 ساعة بدلاً من أن تكون مجرد كلمات نقولها لدقائق معدودة في اليوم دون أي صلة حقيقية.. فستكون موصولاً بالله في داخلك أينما ذهبت... ستكون واحداً مع الواحد الأحد... ستكون محباً وواعياً لكل ما هو حولك ويصبح عملك عبادة. ولكن ألا ينبغي لنا أن نتوقف ونسأل أنفسنا.. أليس هذا شكل آخر من التصنيف؟ كلا... فأنا لا أصر على البحث والمشي في طريق التأمل، إنهما استعداد رائع بالتأكيد للبدء بالرحلة ولكن أن تكون أعظم متأمل على وجه الأرض أمر سيضع حدوداً لحقيقة من تكون!

من هي تلك الـ"نحن" الكبيرة!

لماذا تبدو صورنا في جوازاتنا دائماً سيئة ومضحكة؟ لماذا تكون الصورة التي نحملها معنا كإثبات لهويتنا في كل مكان لسنوات عدة هي ما يظهرنا كمطلوبين للعدالة؟! هل هي سخرية الكون أم أنها مجرد فرصة للضحك؟ لقد حان الوقت لكي تنظر إلى هذه الهوية أو الجنسية التي معك... وترى إلى أي مدى تنتمي إلى البلد الذي ولدت به؟ إلى أي مدى تعتبر وطني؟ إلى أي مدى تشعر بالسعادة عندما يربح وطنك ميدالية ذهبية أخرى في ألعاب الأولمبياد؟ إلى أي مدى تشعر بالتعاسة عندما يخسر كأس العالم؟ إنها مجرد لعبة أليس كذلك!

لقد لاحظت بأن الروسيين دائماً ما يقولون "في بلدي هذا.. وفي بلدي ذاك" بينما يقول الأمريكيون "نحن فعلنا هذا.. ونحن فعلنا ذاك" ولكن من هم هؤلاء الـ "نحن" المشهورين؟ أنت وأصحابك؟ قبيلتك؟ من تنتمي معهم إلى نفس العرق؟ إلى نفس الدين؟ أو ربما فريق كرة القدم المفضل لديك؟ فكم مرة تقول "سنواجه الفريق الآخر" أو "لقد غلبناكم"؟ هل شراؤك للقميص والوشاح والقبعة يعني بأنه أنت؟

إننا لا نتحدث عن "نحن" فقط ولكن أيضاً عن "هم"... وبالطبع نعشق المقارنة بينهما! فعلى سبيل المثال... ما الفرق بيننا "نحن" العرب وبينهم "هم" الغرب؟... إلى جانب نقطة الغين! هناك الكثير من الاختلافات سواء كانت في طريقة التحية أو العلاقات أو الأكل أو حتى التفكير...

إنها ليست مسألة صح أو خطأ ولا مسألة الأفضل والأسوأ... فكفانا مقارنة! ولكن كل ما في الأمر أنه وببساطة جميعنا نشأنا في بلدان مختلفة وتعلمنا القيام بالأمور بطرق مختلفة. فلو أن صينياً نشأ وترعرع في الكونغو الأفريقية لكانت تصرفاته وعاداته مختلفة ويتحدث بلغة مختلفة ويتبع لثقافة مختلفة... ولكن هل نحن البلد الذي ولدنا فيه والثقافة التي تلقيناها؟ هل أي منا عربي أو أمريكي أو أوروبي أو أفريقي أو استرالي أو صيني على حقيقته وبذاته الإنسانية؟

هل سمعت آخر نكتة!

تم عرض عربي وأمريكي وياباني على جهاز لكشف الكذب..
فقال الياباني: "نحن نفكر في الاعتماد على البشر وليس الرجل الآلي!" فأصدر الجهاز إشارة الكذب.
وقال الأمريكي: "نحن نفكر في حماية الأرض وليس في الوصول للمريخ واستيطانه!" فأصدر الجهاز الإشارة.
وقال العربي: "نحن نفكر... فأصدر الجهاز الإشارة!

إن الجنسية مجرد نكتة! ولكن هناك من يشعر بالإهانة إذا ضحكت على جنسيته أو بلده لأنه يعتقد بأنها هو! بينما في الحقيقة إذا نزعنا ثقافاتنا التي تلفنا كورق التغليف فسنجد بأننا جميعاً متشابهين تحتها... اعتقد بأن هذه القصة توضح ما أقصده تماماً...

كان هناك رجل مسافر وصل إلى حدود دولة غير معروفة ووجد رجلاً كبيراً في السن يجلس تحت شجرة، فذهب إليه وسأله عن أهل هذه الأرض الجديدة. ولكن الرجل الكبير بادله السؤال بسؤال "كيف هم الناس في بلدك أنت؟"
فقال المسافر: "إنهم طيبون وكرماء وبشوشون"
فقال الرجل: "ستجدهم في بلدي مثلك أيضاً!"
بعد عدة أيام، جاء مسافر آخر وذهب إلى الشجرة ليسأل الرجل أيضاً عن أهل هذه البلد التي يدخلها للمرة الأولى، فرد الرجل بسؤاله: "كيف هم الناس ببلدك أنت؟"
فقال المسافر: "إنهم دائماً على عجلة من أمرهم ولا يهتمون كثيراً بغيرهم بالإضافة إلى أن هدفهم الأساسي من الحياة هو المال وكيف يحصلون عليه"
فقال الرجل فورا: "ستجدهم في بلدي مثلك أيضاً"

إننا نقسم العالم إلى أقسام مختلفة... فهناك الشرق والغرب والشمال والجنوب وهذه القارة وتلك القارة ودول العالم الثالث والدول المتقدمة... ولكن إذا أزلنا الحدود ومحونا تلك الخطوط من على الخرائط ونزعنا جميع تلك الأسماء والملصقات التي وضعناها على الأرض... فماذا ستكون جنسيتنا؟ من نحن خلف تلك الأعلام الملونة وعاداتنا ومبادئنا الوطنية؟ هذا ما نريد معرفته!

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !