مواضيع اليوم

أنا أحب .. أذن انا موجود

فتحى المزين

2009-06-09 11:24:21

0

  

 

  .

 

ما هو الحب ؟

 

ليس هناك اتفاق علي تحديد معني الحب‏,‏

 ربما لأنه استعصي علي التعريف‏,

‏ وربما لأن أحدا لم يشغل فكره

 بما قد يتصوره نوعا من‏(‏ الترف الفكري‏)‏ غير المفيد‏.‏

لكني وقد جعلت الحب قضيتي‏,‏ منذ سنوات قليلة‏,

‏ رأيت أن عدم وجود تعريف للحب

 ينطوي علي امتهان لأسمي العواطف الإنسانية‏!!‏

ومصدر هذا الامتهان‏,‏ أن الناس درجوا علي اطلاق اسم الحب‏,‏

 علي أي علاقة بين رجل وامرأة‏!!‏

 وترتب علي ذلك أن تداخلت الصور والمعاني‏,‏

 وتدنت مفاهيم الحب إلي أدني درجة‏..‏

 ولم يعد الإنسان قادرا علي‏(‏ توصيف‏)‏ مشاعره أو مشاعر الغير‏.‏

 وهكذا رأينا من يسخر من وجود الحب‏,‏

لأنه مثلا اكتشف أن من أحبه‏.‏ عذر به‏!!‏

 ورأينا من يبكي علي حبيب غدر‏,‏ أو هجر‏,‏ أو فجر‏,‏

 مع أن من مقتضيات الحب الأساسية‏,‏

الوفاء والقرب والتسامي‏.‏ فلا غدر فيه ولا هجر ولا فجر‏!!‏

ورأينا المرأة بالذات تصغي لقلبها وإلي كلمات تظن أنها الحب‏..‏

 حين تفيق‏,‏ تجد أن أشياء كثيرة قد ضاعت منها‏..‏

كل ذلك لأن‏(‏ معني الحب‏)‏

ليس واضحا‏,‏ أو محددا‏.‏
والحقيقة أن الجانب الأكبر من مشكلات المرأة‏,

‏ من خلال رصد دقيق لما يعرض لي من حالات وصلت إلي آلاف‏,‏

إنما ينبع من الاعتقاد‏(‏ الوهمي‏)‏ بأن ما عاشته المرأة‏,

‏ كان‏(‏ حالة حب‏)!!‏
إن السبب في هذا الخلط وذلك التداخل‏,‏

هو ان العلاقة بين المرأة والرجل تنطوي ـ في أغلبها ـ

علي بعض مظاهر الحب‏,‏ كالشوق‏,‏ وآلام البعاد‏,

‏ واللهفة علي الوصال‏,‏ وسهر الليالي والأرق‏!!‏

صحيح أن هذه بعض مظاهر الحب‏..‏

 لكن منها مايصلح مظهرا لاعجاب‏,‏ أو دليلا علي رغبة جنسية‏,‏

وعلامة علي‏(‏ افتتان‏)‏ بالجمال‏,‏

 ونجد ذلك من مظاهر التقارب بين الذكر والأنثي‏.‏



‏‏
من أجل ذلك لابد من الوصول إلي تعريف للحب‏,‏

 يكون جامعا مانعا‏.‏

أي لا يختلط بغيره من العلاقات البشرية‏.‏
‏فلو قلنا إن الحب هو‏(‏ ميل إنسان لإنسان بذاته‏)‏

فسوف يندرج تحت هذا التعريف‏,‏ صور الإعجاب‏,‏ والافتتان‏..‏

 وصور التقارب بين أبناء الطائفة الواحدة‏,‏

وبين الغرباء في المهجر‏,‏ وبين ذوي المصالح المشتركة‏..‏

وبين الوالدين والأولاد‏,‏ والأسر بأفرادها‏!!‏

أي أن مجرد‏(‏ الميل‏)‏ ليس هو المعيار الدقيق لوجود حالة حب‏.‏
‏ولو قلنا إن الحب هو‏(‏ الشعور بالارتياح لشخص معين‏),

‏ لأندرجت تحت هذا التعريف عشرات الصور من

 صور الارتياح بين البشر مثل الارتياح لشخص خفيف الدم‏

أو لمطرب أو لفنان معين‏,‏ أو لمدرس‏,‏ إلي آخر هذه الصور‏..‏

 لكنها لا تدل أبدا علي وجود‏(‏ حب‏)‏

من ذلك النوع الذي يسمو بالبشر‏.‏
‏ولو قلنا إن الحب هو‏

(‏ الإحساس بالسرور أو السعادة مع شخص محدد‏)‏

 فإن هذه التعريف غير واف بالغرض‏

 ‏ لأنه يدخل في إطاره الأحاسيس الجنسية

واللقاء مع شخص ينفق عليك أو لمنحك هدايا أو مزايا‏...‏
وفي كل هذه الصور وغيرها كثير

 نجد ان محورها يدور حول‏(‏ سبب‏)‏ للميل‏,‏ أو للسرور

‏ أو للارتياح أو للسعادة‏.‏

ولأن الصلة تدور مع المعلول وجودا وعدما‏  

فإن انعدام السبب يعني انعدام النتيجة‏.‏

 فإذا كان‏(‏ يسرني‏)‏ جمال الشخص‏

 ‏ فإن سروري مرتبط بوجود هذا الجمال‏..‏

 بحيث إذا فقد جماله فقدت سروري به‏.‏

 وإذا كانت مظاهر سروري‏,‏

هي التشوق الجسدي لشخص بعينه فإن هذا التشوق‏

 أو الافتتان سوف يفقد وهجه بمجرد تحقق الرغبة‏.‏

وفي كل هذه الصور  

نجد أنه من السهل أن نطلق عليها‏(‏ تجاوزا‏)‏ اسم‏(‏ الحب‏)..‏

 أي أنه من السهل أو البساطة

 أن تقول انك تحب هذه المرأة لمفاتنها أو لأنها مثيرة‏..

  وعلي العكس‏,‏ أن تحب هذا الواعظ‏,‏ لأنه مقنع ولغته جميلة‏..‏

 أو أنك تحب هذا الفنان لأن إبداعه يعجبك‏!!‏

 نحن إذن نستخدم كلمة ‏(‏ الحب‏)

 استخداما دارجا في كل تعبير عن الميل أو الارتياح أو اللذة أو السرور‏..,‏ ولاغضاضة في ذلك‏..‏

 فأنت تحب‏(‏ المانجو‏)‏ او‏(‏ تحب‏)‏ خطيبتك أو زوجتك‏,

 والفتاة تحب فستانها الابيض مثلا‏

,‏ وتحب خطيبها الأسمر‏.‏

 والفرق كبير

 بين حب المانجو‏..‏ وحب الشخص‏..‏

لكن التعبير عن‏(‏ الاستحسان‏)‏ يتم بلفظ واحد‏,‏ هو‏(‏ أنا أحب‏)!!‏

 ومن هنا كانت محنة الحب‏..‏ أو قل‏

,‏ كانت النظرة المتدنية إليه من البعض

 لكن ماهو تعريف الحب الحقيقي بين الذكر والأنثي‏!!‏؟‏.‏

 ماهو المعني الدقيق للحب‏,‏

 والذي لا يختلط بغيره من صور العلاقات بين المرأة والرجل‏.!‏؟

 في اعتقادي بعد الملاحظة والتجريب والاستقراء‏,‏

 أن تعريف الحب هو‏:

(‏ انجذاب شخص نحو آخر‏,‏ لأسباب غير معلومة بقوة قاهرة‏)!!‏
‏ ‏وعندي أن لفظ‏(‏ الانجذاب‏)‏ أفصح في الدلالة عن الحب من لفظ‏(‏ الميل‏)‏ وأقوي منه‏.‏

ثم إنه لفظ وثيق الصلة‏,‏ بالسر الحقيقي للحب‏,‏

وهو القوة الكهرو مغناطيسية التي تنطوي

علي طرفين‏(‏ جاذب‏)‏ و‏(‏منجذب‏),‏

 والتي تكمن في الإنسان وتتألف جزئياتها بين الطرفين‏,‏

 بقوة إلهية لا يتحكم فيها الانسان‏!!.‏
ولا تكفي خاصية الانجذاب وحدها

‏,‏ لأننا قد ننجذب الي الجميل‏..‏ أو المثير أو المريح‏..‏

 لكن الانجذاب في الحب‏,‏ محوره الأساسي‏,‏ هو‏(‏ انعدام السبب‏)!!‏

وانعدام السبب‏,‏ يعني أن‏(‏ المنجذب‏)‏ لا يعرف لماذا انجذب‏!!‏

 والجاذب أيضا لا يدرك سبب هذا الانجذاب‏.‏

وقد يندهش‏(‏ الآخرون‏)‏ حين لا يوجد‏(‏ سبب منطقي‏)‏ للانجذاب‏!!‏
قد يكون الشخص بلا أي مواصفات تلفت الانتباه‏.‏

 ربما لا جمال فيه
ولا أناقة‏!!‏

ربما لا تناسب في العمر أو الديانة‏.‏

 ربما لا وفاق ظاهريا لاي صفة بين الطرفين‏!!‏

هنا‏...‏ حين نسأل‏(‏ المنجذب‏),‏ لماذا انجذبت أو أحببت فلانا‏!‏؟

 نجد أنه لا إجابة عنده إلا كلمة‏(‏ لا أعرف‏)!!‏

هذا هو انجذب الحب الحقيقي‏.‏ هذه هي روح الحب‏.‏

هذا هو الوهج الذي سطع بقوة إلهية لا حيلة للبشر فيها‏...‏

تلك هي معجزة الحب‏!!‏
حين نكون امام منجذب‏,‏ يعرف سبب انجذابه‏..‏

 فلسنا أمام حالة حب حقيقية أبدا‏!!‏

فالذي‏(‏ تجذبه‏)‏ امرأة مثيرة‏,‏ ليس في حالة حب لها‏..‏

 انما هو في حالة حب لجسدها‏!!‏

لأنك إذا أحببت شخصا لا تعرف ما الذي جذبك إليه

فأنت تحب‏(‏ الانسان‏)‏ كله‏.‏
أريد أن أقول‏,‏ إن الإنسان في تعريف مبسط‏,

‏ عقل وروح‏,‏ وقلب وجسد‏.‏ وحين أحب العقل‏..‏

 أو الروح‏..‏أو القلب‏,‏ أو الجسد‏,‏

 فأنا‏(‏ محدود‏)‏ في حبي بنطاق معين‏.‏

 لكن الحب بمفهومه الشامل‏..‏

هو حب لهذا الإنسان‏!‏ بعقله وروحه وقلبه والغلاف‏!!‏

 أي والجسد‏!!‏

 لكن لماذا‏..‏ لا أعرف‏!!‏
وقد يحدث‏(‏ الانجذاب‏)‏ مزدوجا‏,‏ إما متزامنا بين الطرفين‏,

‏ وإما أن يتأخر أحدهما عن الآخر‏.‏

والانجذاب الانفرادي هو أقصي أنواع الحب‏.‏

 ذلك أن المنجذب‏,‏ يرتطم بحائط من حقيقة تصفعه‏!!‏

فالطرف الآخر لا يشعر به ولا يحس‏.‏

 والالتحام بين روح وروح‏,‏ فيه سكون وهدوء‏..‏ وطمأنينة‏..‏ والتألف والتعارف بين جاذب ومنجذب‏,‏

 فيه التحام بين اثنين‏,‏ يندمجان في واحد‏...‏

 فيهجع كل منهما للآخر‏,‏ يذوب فيه ويتلاشي‏..‏ لنجد شخصية واحدة جديدة‏,‏ مغموسة في عطر الحب‏!!‏
إن محنة المحب من طرف واحد‏,‏ أنه منجذب بلا هوادة‏,

‏ إلي حيث لا منتهي‏,‏ إن ريحا تعصف به جذبا‏,‏ بقوة هائلة‏,

إلي فراغ لا يسمع فيه إلا أنين الوحشة

 ولا يحس فيه إلا بعذاب الاغتراب‏!!‏

يتحول المنجذب من طرف واحد‏,‏ إلي طفل رضيع‏,‏

 ألقت به أمه وسط عصف الريح موجعا بسياط الحرمان‏

 

 

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !