مواضيع اليوم

أنا أحبها وسط!!!

رأفت الظاهر طه

2009-12-10 21:45:08

0


أنا أحبها وسط!!!


علينا أن نتحرى الصدق و أن نكون صادقين مهما أستطعنا مع أنفسنا و أهلنا و عملنا و علمنا ... فالصدق في النهاية يهدي البر و من ثم الى الجنة و الكذب يؤدي بصاحبه الى الفجور و من ثم الى النار ... و لا مجال للخلط بين الجد و المزح و الكذب و الاشاعة و لا حتى ان كان ذلك في سبيل إضحاك الناس ... أصعب شيء في الدنيا ان تجد كل ما يدور من حولك بل من الدائرة القريبة منك كذبا ... و حتى إن صدقنا قولهم ان الكذب ملح الرجال و ان تمادينا و صدقنا بان البعض راى صداما او فلانا في القمر ... او ان البعض قال سبحت بين مكة و المدينة بساعات قليلة ... الكذب خصلة ذميمة وصفة قبيحة وعمل من الرذائل وظاهرة إجتماعية انتشرت مع الأسف في أوساط الكثيرين من سياسين و اعلاميين، من طلاب و مدرسين، و حتى بين افراد العائلة الواحدة و حتى و مع الاسف قد يكذب الاب على ابنائه ...... الكذب عكس الصدق تماما ... فهو منتشر و قد يحصل في المنتديات والمجالس والعلاقات والمعاملات وقد لا يسلم منه لا الصغير ولا الكبير ... لا الذكر ولا الأنثى ... لا القارئ ولا المؤلف ... و زاد اليوم أكثر بالمسجات و الايمالات و الفيس بوك و توتر و غيرها ... و هنا نتذكر قول الله سبحانه وتعالى: وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ ٱلْكَذِبَ هَـٰذَا حَلَـٰلٌ وَهَـٰذَا حَرَامٌ لّتَفْتَرُواْ عَلَىٰ ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَىٰ ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ [النحل:116]. و قد يأتي الكذب لدوافع عدة منها الحسد و الطمع او العادة على الكذب او بهدف البيع و التجارة (التسويق) (البرستيج) و قد يعتبره البعض شطارة ... و قد يقوم البعض بشهادة الزور و هذا كذب عظيم و البعض الاخر قد لا يدلي بشهادته و هذا يهدم و يضر الصدق و اهله... و نهاية الكذب ان يكشف امره ... و الكذب أصلا محرما في الاديان السماوية الثلاث ... و له استثناء في حالات ثلاث كما ورد عن الرسول (محمد صلى الله عليه و سلم) ... الاصلاح و على العدو و إرضاء أهل البيت ... و يبقى الكذب كذبا حتى في اليوم الاول من نيسان ... و الشعر العربي الاصيل قال الكثير في هذا الموضوع و قد قال به الإمام الحافظ ابن حبان - رحمه الله-


كَذَبْتَ، وَمَنْ يَكْذِبْ فَـإِنَّ جَـزَاءَهُ إذَا مَا أَتَى بِالصِّدْقِ أنْ لا يُصَدَّقَا
إذَا عُرِفَ الكذَّابُ بالكِذْبِ لَمْ يَزَلْ لَدَى النَّاسِ كَذَّابًا، وَإن كانَ صادِقَا
وَمِنْ آفَةِ الكذَّابِ نِسْـيانُ كِذْبِـه وتَلْقَاهُ ذَا فِقْـهٍ إذَا كانَ حَـاذِقَا

و حتى أستطيع أن اوصل الفكرة و ببساطة  و ما هي عواقب الكذب و ما يفعل باهله و خاصة عندما يكون الكذب بعيدا عن الواقع و مخالفا له كأنما تتذوق السكر و تقول عنه ملحا او العكس ... و يا ليت الناس يتحرون الصدق و يقولونه ... و حتى ان صدر الكذب عنهم و جاء بعد موقف محرج فما عليهم الا الاعتذار عن ما صدر و اعادة التصحيح و محاولة التوضيح ... فلا مجال لقول ما لا نفعل ... فلا مجال للاستمرار بالكذب تحت ضغط موقف معين او خجل مزيف. و ذات يوم حصلت القصة التالية:
حيث خرج ذات مرة خطيب و خطيبته بعد أن دعاها إلى فنجان قهوة ... و جلسا في مطعم في مكان منعزل جميل ... كان الخطيب مضطربا جدا ولم يستطع الحديث وهي بدورها شعرت بذلك لكنها كانت رقيقة فلم تسأله عن سبب اضطرابه، خشيت أن تحرجه فصارت تبتسم له كلما وقعت عيناهما على بعض وفجأه أشار للجرسون قائلا :(( رجاءا ... اريد بعض الملح لقهوتي )) !! نظرت اليه وعلى وجهها ابتسامة فيها استغراب ...أحمر وجهه خجلاً ... ومع هذا وضع الملح في قهوته وشربها... تجرأت و سألته لم أرى او أسمع بشرب القهوة بالملح ... أليس شربها مع السكر او بدونه؟ و مرة أخرى و من شدة ارتباكه اجاب بسرعة و سرد القصة التالية: عندما كنت فتى صغيرا، كنت اعيش بالقرب من البحر، كنت احب البحر واشعر بملوحته، تماما مثل القهوة المالحه، الآن كل مره اشرب القهوة المالحه لأتذكر طفولتي، بلدتي، واشتاق لأبواي اللذين علماني وربياني وتحملا لأجلي الكثير... رحمهما الله وأسكنهما فسيح جناته ... و أخذ يبكي حتى امتلأت عيناه بالدموع.... تأثر كثيرا ... كان هذا شعوره الحقيقي من صميم قلبه، تأثرت خطيبته بحديثه العذب ووفاءه لوالديه فأغرورقت عينيها بالدموع .... فرحة بزوج حنون ووفي أهداها الله إياها ... حمدت الله على نصيبها... لطالما طلبت ذلك من الله بصدق.... تـأكدت الان انه الرجل الذي تنطبق عليه المواصفات التي تريدها ... كان ذكيا، طيب القلب، حنون، حريص ... لكن قهوته المالحة شيء غريب فعلاً وإلى هنا القصه كأي قصة لخطيبين ... فحدث عن قصص الخطاب و أحلامهم ما شأت و سارت الايام و تزوجا في بيت صغير لا تخلو جدرانه من الايات و الصور و القول المأثور... وكانت كلما حضرت لزوجها قهوة وضعت فيها ملحاً لانه يحبها هكذا، حتى و إن كان بين الضيوف فزوجته تخصه بفنجان قهوة مالح ... لا وسط و لا سادة و لا حلوة... ((مالحه)) و بعد وقت طويل من زواجهما وإنجابهما ستة أطفال ... توفاه الله ... مات الرجل الحبيب إلى قلبها بعد أن تحمل منذ صغره أعباء كثيرة ... لكن بيتهما وعشهما الدافئ أهدى للمجتمع ستة أطفال ... كبروا الصادق و خليل أطباء وعلي مهندس رفيع المستوى والرابع سعد محام شريف يقف مع الحق إلى أن يرده لأصحابه، يقصده الفقراء قبل الأغنياء ... يحبه القضاة لنزاهته... والخامسة طبيبة والاخيرة لا تزال تفكر ماذا تدرس ... الأهم ... مات هذا الأب، بعد أربعين عاماً من حياة الحب والود مع رفيقة دربه و أم أولاده ... لكنه قبيل موته ترك لأم الصادق " زوجته " رسالة هذا نصها : (( أم الصادق، سامحيني، لقد كذبت عليك مرة واحدة فقط في حياتي ... إنها القهوة المالحه! أتذكرين اللقاء في المقهى؟ كنت مضطربا وقتها لأني دعوتك و قد نسيت محفظتي في البيت و يلفني الخجل منك فلا مجال لادعوك للغداء ... وأردت طلب سكر لقهوتي ولكن نتيجه لاضطرابي قلت للنادل أعطني ملحا للقهوة بدلا من أطلب السكر ! وخجلت منك بالعدول عن كلامي فاستمريت و واصلت طلبي و شربت قهوتي! أردت اخبارك بالحقيقه بعد هذه الحادثه ولكني خفت أن اطلعك عليها فتظني أنني ماهر و محنك في الكذب! فقررت الا اكذب عليك ابدا مره اخرى... لكني الآن أعلم أن أيامي باتت معدودة فقررت أن أطلعك على الحقيقه...(انا لا احب القهوة مالحه! صدقيني طعمها غريب! إنها مفسدة للعقل والقلب! لكني شربت القهوة المالحه طوال حياتي معك ولم اشعر بالاسف او الندم على شربي لها ... لان وجودك معي وقلبك الحنون طغى على كل شيء ... ولو ان لي حياه اخرى في هذه الدنيا اعيشها لعشتها معك حتى لو اضطررت لشرب القهوة المالحه مرة اخرى في هذه الحياة الثانية ... لكن ما عند الله خير وأبقى وإني لأرجو أن يجمعني الله بك في جنات ونعيم ... دموعها اغرقت الرساله و رطبتها ... وأخذت تبكي كالأطفال و ذات يوم سألها ابنها الصادق: أمي ما طعم القهوة المالحه؟ فاجابت: إنها على قلبي أطيب من السكر، إنها ذكرى لن تموت ابدا ... فهي عمري الذي مضى، وفاضت عيناها بالدموع ... و قالت يا بني القهوة لا تشرب مالحة لكن الخجل أو الحب وراء ذلك ... و لا أنصحك أن تقول شيئا و أنت مرتبك و كان لدي رسالة من والدك ... يا الهي كم احببت ان أقرأها عليك و أخوانك ... لكن مزقتها الدموع ...


لايكذب المرء إلا من مهانته أو فعله السوء أو من قلة الأدب
لبعضُ جيفة كلب خيرُ رائحة من كذبة المرء في جدّ وفي لعب

اللهم انني اسالك الصدق

 

 

 

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !