في اي محاولة لتلمس اسباب الخطل الواضح في السياسة الخارجية العراقية..لن تتجه الاتهامات الا الى التقاليد الموروثة من زمن النظام البائد والتي تتعامل مع منصب المستشار على انه من الوظائف التكميلية التي تخدم متطلبات الوجاهة او مما يعد لاستيعاب اصحاب الخواطر او الرفقة القديمة من خلال المنحة السخية المضمونة لبعض الموالين للمسؤول..
والا كيف نفسر كل ذلك الاكتظاظ في دوائر الادارة السياسية العليا من قبل حملة لقب المستشار والنتيجة المتمثلة بهذا الكم من القرارات التي لا يمكن ان نعدها الا كومة من الاخطاء المتسلسلة..
فبناء على أي نصيحة او مشورة استندت الخارجية العراقية في اصرارها الغريب على عقد القمة العربية في بغداد..وعلى اي ظروف اومعطيات اعتمدت في بناء تصور امكانية اكمال متطلبات تجميع هذا العقد الفريد من اصحاب الفخامة والسيادة والسمو في العاصمة التي يكادون يزلقونها بابصارهم من الحنق..وماهو المنتظر عن ذلك السعي الى تحقيق نجاح ما لهذه القمة وهذا ما عز وندر وافتقد منذ نشوء الجامعة العربية ولحد الآن.. وهذا السؤال هو الذي ما فتأ يتقافز في اذهان العراقيين مستغربين من الذي كان ينتظره العراق من هذه"اللمة"وعلى اي اساس يمكن تخيل ان تسفر عن شئ ما يستحق ما سفح من اجلها من اموال اقتطعت من بنود قد تكون اكثر فائدة واحسن مردودا للشعب العراقي..
ثم ماذا كان هو الخفي او الغامض في مواقف الدول العربية وبالتحديد الخليجية وبالتحديد الاخص المملكة العربية السعودية يمكن ان يدفع السادة المستشارين ودوائرهم الاعلامية والسياسية الى توقع موقفا مغايرا من قبل هذه الانظمة التي أدمت اصابعها عضا بالنواجذ غيظا وتطيرا من تجربة العراقيين الديمقراطية منذ بواكيرها الاولى..تلك الانظمة التي ما زالت تتموضع كرأس رمح خائب في الثورات المضادة المناهضة لحرية الشعوب وأمنها ومسيرتها النضالية نحو التعددية والتداولية والوحدة والمساواة والعدالة واعلاء حقوق الانسان..
ضرر كبير ومؤلم ووبال مؤسف على الخطاب السياسي العراقي كانت هذه القمة.. واقرب الى الهم الجاثم على الممارسات الدبلوماسية كانت هي الرغبة السقيمة في استرضاء النظام الرسمي العربي المذعور استدرارا لتواجده على الارض التي تخضبت بالدماء الغزيرة نتيجة لسياساته المعادية للشعب العراقي..
ومن يجرؤ منهم على القدوم الى بغداد وهم اصبحوا ملتصقين بكراسيهم يحملونها معهم وهم يجتمعون كالخفافيش في القواعد العسكرية قرب طائراتهم المتأبهة مدارة المحركات استعدادا ليوم نحس مستمر..
ان التزام العراق الديمقراطي التعددي هو امام الشعوب العربية التي مجت طعم الذل والهوان ونادت باعلى الصوت الا لعنة الله على القوم الظالمين..وامام قواها الحية ومن يمثلها عن طريق التفويض الشعبي المباشر..التزام امام الشعب المؤمن باهمية التضامن ما بين الشعوب لتحقيق اسس التنمية والرخاء ومتطلبات الحكم الرشيد المستند على الديمقراطية وحقوق الانسان..
ان مجرد الدعوة الى القمة واستقبال هذه الفئة من الرؤوس التي آن اوان قطافها من مغتصبي السلطة وجلادي الشعوب يعد نكوصا من قبل الديمقراطية العراقية الناشئة وارتكاسا مخزيا الى مستنقع الديكتاتورية والاستبداد المتعفن..
فلتكن تداعيات هذه القمة فرصة جيدة لمراجعة سياسات العراق الخارجية التي اضر بها كثيرا اسلوب التعامل الشعاراتي المقولب المضلل مع دول المنطقة..وكذلك استيراد تقاليد ومتطلبات مرحلة النضال السلبي للاحزاب المتصدية لقيادة العملية السياسية..او بناء العلاقات استنادا الى مصالح آنية لحظوية ضيقة لهذه الفئة او ذلك التنظيم السياسي دون النظر الى الصورة الكاملة لمستقبل العراق وتفاعله مع محيطه العربي والاقليمي..
لقد قدمت لناالمملكة العربية السعودية وتوابعها فرصة طيبة لتصحيح مسارالدبلوماسية العراقية والتعاطي بما يمليه علينا واجب تمتعنا بالحرية والديمقراطية واستقلالية القرار السياسي..والمطلوب الان هو الاستماع الى صوت المواطن العراقي الرافض لهذه القمة العقيمة والداعي الى نصرة الشعوب العربية في نضالها من اجل التحرر والانعتاق وبناء الدولة المدنية الديمقراطية الحرة..
التعليقات (0)