سباق الطلقة الأخيرة في الملف السوداني:
أميركا تأمل بـ "طلاق مخملي"..البشير يهدد بتأجيل الاستفتاء..والمعارضة تهدد بتأجيل الانتخابات
ممدوح الشيخ
تشهد السودان تجاذبات حادة بين البشير ومعارضيه فيما ما يشبه سباق الطلقة الأخيرة، فالرئيس المهدد بسيف المحكمة الجنائية الدولية يريد الانتخابات في موعدها بأي ثمن ليظل متمتعا بالحصانة في مواجهة مذكرة القبض عليه انتقل من رفض تأجيل الانتخابات إلى التهديد بتأجيل استفتاء تقرير مصير الجنوب، بينما أميركا تدرس خيارات انفصال الجنوب.
وحسب سكوت غريشن المبعوث الأميركي الخاص للسودان فإن أميركا تأمل أن تمهد الانتخابات الشهر القادم في السودان السبيل إلى طلاق مدني لا حرب أهلية بسبب تحركات من أجل الانفصال في الجنوب الغني بالنفط.
ويأمل الأميركيون بتكرار تجربة انفصال تشيكيا وسلوفاكيا اللتين انفصلتا عام 1993 في "طلاق مخملي" هادئ ومتحضر بعد أن بقيتا دولة واحدة في إطار وحدة قسرية فرضها الحكم الشيوعي منذ عام 1989.
قال غريشن إن أميركا مستعدة لأي انفصال في نهاية الأمر قد يسفر عنه الاستفتاء وتعمل لحل القضايا الخلافية أملا في تفادي تكرار الحرب الأهلية التي استمرت عقدين وانتهت قبل خمس سنوات.
لكن تقرير مستقبل الجنوب متوقف على استفتاء تقرير المصير الذي أصبح ورقة مساومة بيد نظام البشير بعد أن اتسعت دائرة التحالف المعارض له. فقد انضم الحزب الاتحادي الديمقراطي السوداني المعارض إلى ائتلاف معارض يطالب بإصلاحات ديمقراطية مع اقتراب موعد الانتخابات. وأصبح الحزب الاتحادي الديمقراطي الذي يتزعمه محمد عثمان الميرغني عضوا بـ "الإجماع الوطني" الذي يضم عددا من الأحزاب المعارضة والمتمردين الجنوبيين السابقين من الحركة الشعبية لتحرير السودان.
وشكلت أحزاب المعارضة والحركة الشعبية لتحرير السودان في الخريف "مؤتمر جوبا" الداعي لإصلاحات ديمقراطية، ثم تحول اسمه بعدها إلى "مؤتمر الإجماع الوطني"، حيث يشكل تقريبا مجمل الطبقة السياسية باستثناء حزب المؤتمر الوطني بزعامة الرئيس عمر البشير. ولم يتخذ قادة الإجماع الوطني" قرارا خلال اجتماع في أم درمان مؤخرا بشأن تقديم طلب جماعي بتأجيل الانتخابات أو الدعوة لمقاطعتها. ومن المقرر أن تجري الانتخابات (تشريعية ومحلية ورئاسية) بين 11 و13 نيسان/ إبريل في السودان انتخابات.
الرئيس السوداني رد على التوجه السائد بين المعارضة بشأن تأجيل الانتخابات بالتهديد بعدم إجراء استفتاء لتحديد مصير جنوب السودان إذا طالبت الحركة الشعبية لتحرير السودان بتأجيل الانتخابات. البشير قال: "إذا رفضت الحركة الشعبية (لتحرير السودان) إجراء الانتخابات سنرفض إجراء الاستفتاء ولن نقبل تأجيل الانتخابات حتى ليوم واحد". وفي تصعيد آخر أعلن في الخرطوم تأجيل اجتماع "مجلس الرئاسة" الذي كان مقررا عقده بين الرئيس السوداني ونائبيه علي عثمان طه والجنوبي سيلفا كير لبحث إجراء الانتخابات.
وكانت الحركة الشعبية لتحرير السودان قد انضمت مؤخرا لأحزاب المعارضة الرئيسة بشمال البلاد التي تقول إن الانتخابات تفتقر لضمانات النزاهة والشفافية، ويتعين تأجيلها لشهر نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل. وعبرت أحزاب المعارضة السودانية عن قلقها من عمليات تزوير في إجراءات تسجيل الناخبين. من جانبه، وجه مبارك الفاضل مرشح حزب الأمة المعارض أحد أبرز منافسي البشير، اتهاما لحزب المؤتمر الوطني الحاكم بالاستمرار في عمليات تسجيل الأسماء والسيطرة على سجلات الناخبين. ووقع جميع المرشحين الرئاسيين الأحد عشر الذين يعارضون حزب المؤتمر الوطني الحاكم بيانا مشتركا يطالب بتشكيل مجموعة مستقلة للتدقيق في الشؤون المالية وإدارة "المفوضية الوطنية للانتخابات" وطالبوا بتسوية الشكاوي التي تقدمت بها المعارضة فيما يتعلق بسجلات الناخبين.
وأرجأت قوى الإجماع الوطني – حتى الآن – قرارها النهائي حول المشاركة بالانتخابات أو مقاطعتها حتى ترد رئاسة الجمهورية على مذكرة رفعتها لها، وحددت اجتماعا قالت إنه حاسم الأسبوع المقبل لاتخاذ القرار النهائي، إن الحركة الشعبية تؤيد خيار تأجيل الانتخابات وقيام حكومة انتقالية تشرف على العملية الانتخابية. وتقدم سلفا كير ميارديت النائب الأول للرئيس السوداني رئيس الحركة الشعبية بمذكرة إلى رئاسة الجمهورية ضمنها النواقص والتجاوزات المتصلة بالانتخابات داعيا لحكومة قومية تشرف على الانتخابات.
كانت مصر اقترحت في فبراير من العام الجاري تأجيل الانتخابات السودانية واستفتاء تقرير المصير إلى ما بعد حسم الخلافات، وجرت بالقاهرة مفاوضات بين شريكي الحكم السودانيين بالقاهرة ناقشت المقترح المصري القاضي بتأجيل الانتخابات في المستويين البرلماني القومي والولائي واستفتاء تقرير المصير إلى حين حسم القضايا الخلافية في اتفاق السلام الشامل بين الشمال والجنوب وحل أزمة دارفور.
التعليقات (0)