أملٌ وانتظار في حضرة اليتم..!

أملٌ وانتظار في حضرة اليتم..!

لم تكن كما كل الليالي.. أنجمها تسطع ببريق أحمر وتنبئ عن فجر حزين.. والطيور قطعت تسابيحها لتلعن قاتلاً سيظهر في ثياب المصلين.. غاب القمر عن سمائها متوارياً خلف سحابة تُبحر في ظلمة الحزن الدفين..

يخلدُ المنهكون إلى نومهم.. ويتعبد المتعبدون في محاريبهم وخلف جدران دارٍ متواضعة في الكوفة أذن الله لها أن تُرفع.. يجلس الذي عنده علم الكتاب ومن يحكم أقاليم الشرق والغرب يُلملم الجراب منطلقاً بها نحو أزقة الكوفة.. وقبل أن يصل.. كان هنالك صبية صغار وأطفال ثيابهم ممزقة ورؤوسهم مغبرة.. مسح اليتم بانكساراته على وجوههم.. بعضهم يجلس وقد ضم ركبتيه إلى صدره والبعض الآخر لم يحمله شوقه على الجلوس.. والكل يمد بصره عله يلمح مقدم ذلك الفارس من بعيد..

سمعوا خطواته التي ألفوها فصاح بعضهم ببعض..

- لقد وصل "صاحب الجراب" وصل..

- لقد جاء أبونا، ليطعمنا..

وسط الصيحات يركض الجميع نحوه لعل المسافات تُطوى أكثر وأكثر..! يتحلقون حوله فيوزع عليهم الجراب التي ملأها بالطعام يُجلسهم في حجره ويمسح بيده على رؤوسهم أراد أن يودعهم فنظروا إليه بعيون منكسرة..

- أبتاه لا ترحل عنا.. ابق معنا هذه الليلة..

لم يقل لهم سآتيكم غداً وأطرق برأسه إلى الأرض..

ما هي إلا ساعات قلائل فإذا بكل شيء مضطرب الناس والدواب وحتى الكون والجماد... وصيحة تدوي لأهل الأرض من السماء "تهدمت والله أركان الهدى" انقضى الليل دونما أن يطلع الفجر فظلمة المصاب اكتسحت كل القلوب.. كل شيء أظلم وتغير إلا أمل اليتامى الذين يجوبون الأزقة منتظرين.. وما يزالون ينتظرون...!

2191432هـ