أمريكا تصافح كوريا عبر كلينتون

قبل 30 ساعة تم إعلامنا انأ واونا لي بالتجهز،كنا في خشية من أن يتم إرسالنا إلي معسكر عمل... فجأة قيل لنا إننا ذاهبون إلى لقاء"لينغ "

الرئيس الامريكى السابق أثار الدهشة عندما سافر الى كوريا الشمالية.ليصطحب صحفيتان إلي بلادهما،بعد أن كانتا في السجن منذ خمسة أشهر، تقتضيان عقوبة" 12 سنة" مع الإشغال الشاقة...التهمة عبور الحدود والتواجد بصورة غير قانونية.

المدهش أيضا أن الاتصال بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة كان على جانب رفيع المستوى في بيونج يانج بين الرئيس الامريكى السابق ببل كلينتون و حاكم كوريا الشمالية كيم جونغ ايل. أفادت وكالة يونهاب الكورية الجنوبية بالاعتماد على وسائل الإعلام لجارتها الشيوعية ،أن كلينتون تلقى رسالة شفوية من الرئيس الامريكى باراك اوباما بالسفر إلي كوريا بالنيابة عنه،الأمر الذي نفاه البيت الأبيض على الفور ...الحقيقة تظهر بعد يوم مفادها إن كوريا اشترطت حضور كلينتون شخصيا مقابل الإفراج.

ببل كلينتون(62 عام) ، زوج وزيرة الخارجية الامريكى هيلاري كلينتون ،كان مرحب به عند وصوله إلي المطار،فقد أذيع خبر وصوله في القنوات الإعلامية للدولة الكورية.كما كان في استقباله وزير الخارجية كيم كي غوان،كذلك الأطفال المقدمين للزهور،فالرحلة أريد لها أن تحمل طابع إنساني،حسب ما أشار إلي هذا ديكتاتور كوريا،وفي الوقت الذي كان يتم فيه الإعداد لإطلاق سراح السجينتان ،كان كلينتون على طاولة المأدبة الخاصة التي أقيمت له على شرفه من قبل كيم الثاني.

وسائل الإعلام الأمريكية أشارت إلي أن الحكومة سوف تدعم الجهود الرامية للإفراج عن الصحافيتين واللتان تواجدتا في كوريا الشمالية بدون الحصول على أذن "الحالة مطابقة تماما للمقبوض عليهم حاليا في إيران، والذين تواجدوا أيضا عن طريق الخطاء في.. إيران" ،كما إنها على استعداد لإحياء الحوار للوصول إلي حل حول النزاع البالغ طريق مسدود و الدائر على خلفية البرنامج النووي لكوريا الشمالية،وليس الديمقراطية التي لم تعد من أولويات الإدارة الحالية.

أل جور نائب الرئيس السابق كلينتون كان في الساحة الخلفية، يكاد يكون مشارك رئيسي في إطلاق الصحفيتان" اونا لي و لورا لينغ"،واللتان تعملان من ضمن الفريق الإعلامي في تلفزيون سان فرانسيسكو."أل غور احد المؤسسين لهذه القناة"

لماذا أصرت كوريا على اشتراط إيفاد كلينتون لهذه المهمة؟الواقع أن كلينتون كان قد استقبل في العام 1994 على غرار الرئيس السابق جيمي كارتر بعد انتهاء مدة توليه،من قبل الحاكم السابق ومؤسس الدولة كيم ايل سونغ " والد الديكتاتور الحالي كيم جونغ ايل ".الزيارة لم تسفر إلا عن اجتماع مفاوضة والعودة. ألا أنها في كل الأحوال تركت انطباع جيد عند الكوريين،بالمقارنة مع خليفته جورج دبليو بوش الذي تدهورت العلاقة في عهده...كان بوش يصف كوريا الشمالية مع بعض الدول الأخرى على إنها "محور الشر" الحالي.

هناك أمر أخر كلا الدولتان،تسعيان إلي الود والتصالح،على خلفية مدارة الكبرياء،فإدارة اوباما تريد التخلص من مأزق التعنت الكوري إمام الهيبة الأمريكية، حيال حق امتلاك الأسلحة النووية "حتى وان لم تكن الإدارة الحالية على اقتناع تام بهذا الطرح الذي ورثته من بوش"، من طرف أخر معاناة الشعب الكوري من الفقر المدقع ، بالإضافة إلي العزلة الدولية ، هما سببان كافيان ،لإيجاد حجة من اجل التوافق مع العدو الأمريكي حسب وصفهم.

بعد ثماني سنوات من التقاعد ، ببل كلينتون لا يزال... ببل كلينتون ،حريص على عمل الخير ، وغالبا ما يحقق نجاحا في ذلك ،ومؤسسته خير دليل... المفارقة التي يمكن ملاحظتها هي إن الرئيس كلينتون غادر البلاد إلي كوريا ، و مؤسسة الرئاسة ، ليس في وضع أفضل مما كانت عليه أيام فترة رئاسته، ففي رئاسة كلينتون انخفض معدل البطالة إلي أكثر من 40 %،كما أن معدل الفقر تراجع إلي نحو 20 %، والمستفيدين من الرعاية وصل إلي أكثر من 50 %. سوق الأسهم حقق ارتفاع إلي أكثر من 300 %,العام الذي سبق وصوله إلي الرئاسة،بلغ عجز الميزانية مبلغ وقدره 290 مليار دولار ،بينما كان هناك فائض قدره 237 مليار دولار في العام الذي غادر فيه الإدارة.

لا يمكننا أن ننكر على صعيد آخر بأن كلينتون أمضى فترتي رئاسته قبل 9/11 ,هاتان الفترتان كانتا خالية نسبيا من الصراعات وراء البحار عموما.. وجد بعض الاستثناء من خلال تواجد خطورة على القوات المبعوثة إلي الصومال وهايتي والبلقان ، ولكن في المجمل كانت بمنأى عن الصراعات على نطاق واسع مع خسائر منخفضة بشكل ملحوظ.

كل هذا السلام والرخاء وقع في ظل سحابة من سوء السلوك الرئاسي،ولكن لا يختلف اثنان بأن ببل كلينتون هو سياسي داهية,وموظف حكومي له مهارات كبيرة في الاتصال الفعال ،وبلوماسية فوق الرائعة,حتى ولو انه يتكبد تعب وعناء السفر" فقط لإطلاق سراح النساء",فكلينتون لازال يحظى بالفتيات!