مواضيع اليوم

أمة الشهادة على الناس ؟

محمد بن عمر

2010-09-03 15:26:09

0


أمة الإسلام... أمة الشهادة على الناس ؟

خلق بديع السماوات و الأرض الكون .. و ملأه بمخلوقات شتى .. و عوالم مختلفة.. متنوعة في أجناسها و متكاملة في أدوارها لحفظ نظام الكون في صيرورته .. و استخلف بني آدم لعمارة هذا الكون و صناعة الحضارة و المدنية دون سائر المخلوقات.. و أنزل الأمطار و جعل الليل و النهار خلفة لمن أراد أن يتذكر من بني آدم أو أراد شكورا .. و لقد حد بديع السماوات و الأرض حدودا وضبط سننا أزلية ثابتة لجميع مخلوقاته .. لا تحيد عنها .. – طوعا و كرها - تحيى بمقتضى السير على هداها كل الكائنات و تضمن بها لنفسها صيرورة سالكة و طبيعية و حياة هانئة .. طيبة..
إن خروج أين من هذه الكائنات عن حدود الله و نظامه و سننه الأزلية الدقيقة في الكون الذي أبدعه بقدرته الفائقة و حكمته الأزلية يعني حتما فقدان هذه الكائنات الضعيفة في أصل خلقتها .. لتوازنها الحيوي و اندثارها .. أو موتها و هلاكها : فخروج كوكب الشمس عن مداره الذي خلق له و اقتراب الشمس و لو قليلا من الأرض يعني حتمية احتراق الكون برمته كاحتراق القطار الذي يحيد عن سكته، أو تحطم السيارة الجانفة عن الطريق المعبدة لسيرها.. كذا تضطرب حياة الإنسان و تنتابه شتى الأمراض و المهالك و تتقاذفه الوساوس إن حاد قليلا أو كثيرا عن ( الصراط المستقيم) المعبدة له منذ الأزل ، و قد فصلت له معالمها تفصيلا بينا في كل الكتب السماوية التي أوحى الله بها إلى كل أنبيائه عليهم السلام ، حتى يبلغوها إلى أقوامهم بألسنتهم عبر مختلف الأزمنة و الأمكنة التي استعمروها .. و عمروها .
إن قوانين الله و سننه في الكون و الإنسان و الحياة – إذن- هي قوانين أزلية /أبدية ثابتة خلقت مع خلق كل هذه العوالم .. و كانت مهمة كل الأنبياء عليهم السلام ، منذ أقدم العصور تقضي بأن ‹‹ يذكروا أقوامهم بحتمية الإصطباغ و السير طبقا لهذه القوانين الأزلية إذا ما أرادوا الأمن و السلام و العيش الطيب الرغيد في الدنيا و الفوز برضوان الله و جنته في الآخرة ... أما الزيغ عن هذه القوانين و السنن الفطرية التي فطر الله الناس عليها منذ خلقهم : فيعني حتمية نيلهم الخزي و الشقاء في الدنيا و خلودهم في عذاب جهنم يوم يقوم الناس لرب العالمين. ›› .
إن قراءة متبصرة لآيات القرآن الكريم لا تلفها الأهواء و التأويلات المغرضة ... تكشف لنا عن كل القوانين و السنن التي تحكم جميع العوالم التي خلقها الله و الخاضعة طوعا أو كرها لمشيئته عز و جل لا تحيد عنها منذ الأزل .. كما تحتوي هذه الآيات - وخاصة الآيات المدنية - على كل سنن أمة الإسلام الأبدية التي قد سار على هديها الصالحون من عباد الله و الأنبياء منذ أقدم العصور ، و ملخصها : ( أعبدوا الله مالكم من الاه غيره)، والتي تكررت على ألسنة كل الأنبياء عليهم السلام . فتوحيد الله و خضوع الإنسان لشرع الله و قيمه الثابتة التي فطر الناس عليها في الأسرة و المجتمع و كل علاقات الإنسان بنفسه و بربه و بأخيه الإنسان ... كانت و لا تزال جوهر كل الرسالات السماوية .... و لذلك وهبت الأمة المستمسكة بهذه القوانين الأزلية الثابتة المفصلة في كتاب الله:"الشهادة على الناس أجمعين ".
إن تشبث أمة الإسلام بقوانين الله و سننه الأزلية الثابتة يخضع في التطبيق للنسبية التي يخضع لها سائر عمل بني آدم القابع في إطار زماني و مكاني محدودين في حياته الدنيوية .. إن خضوع المؤمن في أي عمل يكتسبه هو عمل نسبي لا شك في ذلك لأنه يتم في مكان و زمان محدودين حتما .. فما ارتآه الرسول الكريم و صحابته في الخضوع لشرع الله
و تشكيل مختلف الأجهزة التنفيذية في الميادين الأمنية و العسكرية و الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية و غيرها .... لتسيير و تيسير حياة المسلمين في إطار دولتهم الفتية آنذاك .. قد تختلف اختلافا جذريا عن تلك التي يرتئيها المسلمون في العصر الحديث لبعث "دولة الإسلام" – دولة توحيد الله - القادرة على لمّ شعث المسلمين و تفرقهم ..
و توحيدهم في كيان واحد و قوي ، قادر على نصرة المسلمين و حماية مصالحهم المادية و المعنوية و كل المستضعفين في الأرض و نصرة دين الله .
إن تغير العصر و تطور أساليب الحياة فيه و تقدم منتجات الحضارة.. لا يعني مطلقا تغيير المسلمين لصراط الله المستقيم و سننه الأزلية التي فصلها الله في كتابه العزيز.. بل يعني فقط الأخذ بأسباب الحداثة المادية في الخضوع لكل هذه السنن و كيفية تطبيقها التطبيق الأمثل و الاجتهاد في تنفيذ "الأحكام القرآنية" قدر المستطاع .. إذ لا بد من الأخذ بأحدث الأساليب الأمنية و العسكرية و الجهادية والاقتصادية و غيرها لحماية كيان الدولة والأمة الإسلامية من الأعداء المتربصين ... و لا بد لاستحداث الوسائل و الآليات و الأجهزة التنفيذية المناسبة الكفيلة بتوزيع ثروات المسلمين في أرض الإسلام بأقصى درجات العدالة و الأخوة الإسلامية و مراقبة الله التي تجمع المسلمين حكاما
و محكومين .. و لا بد من استغلال منتجات الحضارة المعاصرة لاستنباط كل قوانين الله المفصلة في الذكر الحكيم .. حذرين من الوقوع في استنباط قوانين متضاربة متناقضة لأن الاختلاف في "استنباط الأحكام الشرعية" برهان قوي عن زيغنا عن الطريق المستقيم الذي سطره الله في كتابه العزيز، لأن الله قد أخبرنا "أنه لو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا ، كما هو شأن المدارس الفقهية الإسلامية التي تتضارب الأحكام فيما بينها و تتناقض و تختلف باختلاف المجتهدين مما يبرهن بقوة عن انحراف كل هذه المذاهب الفقهية و المدارس الاجتهادية عن الإسلام الصحيح %.


محمد بن عمر – تونس
عضو اتحاد الكتاب التونسيين
Mohamedsalembenamor21@yahoo.fr
http://mohamedbenamor21.blogspot.com/






التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !