مواضيع اليوم

أمة أقرأ.. الواقع والمأمول

جواد الحسن

2010-10-08 13:21:59

0

أمة أقرأ.. الواقع والمأمول - 
   إن أول خطاب وجهه المولى لأمة الإسلام على لسان نبيه محمد صلى الله عليه وسلم هو "اقرأ" في أول سورة العلق: { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5)}. وبنزول هذا التوجيه الرباني الذي تفتحت له عقول الأمة, فهمت ما تقرأ, وعملت بمقتضاه, حتى أضاء الكون بنورها, واستلمت زمام القيادة والريادة في العالم, في عصر كانت فيه الأمم الغربية ترزح تحت وطأة الظلام, لقرون عدة.
  

ولكن ومع تخلي أمة أقرأ عن أهدافها وبؤرة علومها واختراعاتها, واتخاذها منحى آخر أبعدها عن رسالتها التنويرية, قامت الثورات الغربية على واقعها المرير, وتلقفت العلوم العربية وبنت عليها وطورتها, وسقتها من ينابيع الدعم, حتى يومنا هذا, فسادت علومهم البشرية, وسيطروا على العالم المعاصر, متجاوزين ما كانوا عليه في تلك العصور الوسطى المظلمة, وتمسكوا بالريادة, حتى قال موشي ديان رئيس وزراء العدو الإسرائيلي الأسبق قولته المشهورة: " إن العرب أمة لا تقرأ, وإذا قرأت, لا تفهم, وإذا فهمت, لا تعمل".
  

وحري بكل من يحمل هم الأمة, أن يعود للدراسات المعاصرة, التي تكلمت عن أسباب تخلف أمة أقرأ, وتمحيصها, وسبر أغوارها, والتي يأتي في مقدمتها العزوف عن القراءة, كما أظهرت نتائج مفزعة, وأرقام مخجلة واقع القراءة في أمة أقرأ:
  

فقد نشرت صحيفة الرأي الأردنية دراسة حول معدلات القراءة في الوطن العربي, أظهرت إن القارئ العربي يقرأ كل عام نحو ربع صفحة, في الوقت الذي تبين فيه أن معدل قراءة القارئ الأمريكي 11 كتاباً, والبريطاني 7 كتب في العام.
  

وحسب تقرير شركة سينوفات المتعددة الجنسيات لأبحاث السوق, الذي نشر عام 2008م في الرباط, فإن المصريين والمغاربة يقضون يومياً 40 دقيقة في قراءة الصحف والمجلات, مقابل 35 دقيقة في تونس, و34 دقيقة في المملكة العربية السعودية, و31 دقيقة في لبنان. أما على صعيد الكتاب, فاللبنانيون يفضلون قراءة الكتب التي يكرسون لها 588 دقيقة شهرياً, وفي مصر 540 دقيقة شهرياً, وفي المغرب 506 دقائق شهرياً, وفي المملكة العربية السعودية 378 دقيقة شهرياً, وفي تونس 306 دقائق شهرياً.
ومن خلال تلك الأرقام نجد أن اللبنانيين يقضون ما يقارب 15 دقيقة لقراءة الكتب يومياً, والمصريين ما يقارب 10 دقائق, ويأتي المغاربة, فالسعودية, وتونس, بأرقام أقل من تلك الدقائق. 
  

شعوب لا تعطي وقتًا للقراءة أكثر من دقائق معدودة لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة في اليوم, ماذا تفعل في ال 24 ساعة المتبقية؟.
  

وورد في تقرير منظمة الأمم المتحدة للعلوم والثقافة والتربية (اليونسكو), أن نصيب كل مليون عربي من الكتب لا تتجاوز ثلاثين كتاباً, مقابل 854 كتاباً لكل مليون أوربي, و212 كتاباً لكل مليون أمريكي.
  

وبحسب إحصائيات اليونسكو فإن الدول العربية أنتجت 6500 كتاب عام 1991م, بالمقارنة مع 102000 كتاب في أمريكا الشمالية, و42000 كتاب في أمريكا اللاتينية والكاريبي. (تقرير التنمية البشرية لعام 2003م).

   وأظهر متوسط الإحصاءات في المركز الثقافي العربي في مدينة جرمانا أن الأوربي يقرأ بمعدل 35 كتاباً في السنة, أما العربي فإن كل 80 شخصاً يقرؤون كتاباً واحداً في السنة, وبتلك اللغة الرقمية فإن كل 80 عربياً يقرؤون كتاباً واحداً, مقابل أوربي واحد يقرأ 35 كتاباً, إذاً لكي تتم قراءة 35 كتاباً باللغة العربية فإننا نحتاج (2800 عربي)!. وبـ حصيلة تلك الأرقام نصل إلى نتيجة مردها, ثقافة أوربي واحد تعادل ثقافة 2800 عربي!.
  

إن واقع القراءة في أمة أقرأ مرير, حتى لو لم تكن تلك الأرقام دقيقة, فقد تحدث كثير من المثقفين العرب عن تلك الدراسات, ووصفوا نتائجها بغير المستهجنة أو البعيدة عن الواقع العربي المعاصر.
  

وأثبت كثير من الدراسات أن نسبة القراءة في الدول الفقيرة أكثر منها في الدول الغنية, وهذا يدحض الادعاء بأن الفقر سبب رئيسي في تخلف الأمة عن القراءة, ومن يساوره الشك في حقيقة تلك الأرقام, فليسأل نفسه وجلسائه عن آخر كتاب انتهى من قراءته.
  

ومن المتوقع والمأمول أن تتم الاستفادة من الكتاب الإلكتروني مع التوجيه والتشجيع من مؤسسات الدولة, بعد أن ارتفعت معدلات اقتناء الكمبيوتر المحمول بين أوساط الشباب العربي.
  

وبذا فإن الأمل معقود على الجهات المعنية بتربية الأبناء ونشر الثقافة في بلداننا الإسلامية بضرورة زيادة البرامج والأنشطة التوعوية التي تعمل على زيادة الاهتمام بالقراءة والاستفادة من مخرجاتها لنستطيع مواكبة الركب العالمي المتقدم في مجالات العلم والاختراعات وليكون لنا دور فاعل في النهضة العالمية كما كان لأجدادنا من قبل.

 


طالب فداع الشريم
taleb1423@hotmail.com

 

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !