كنت قد قرأت منذ زمن كتابا (أو كتيب) بعنوان "ألف باء التدوين" للكاتب والمدون المحترف محمد سعيد أحجيوج . وقد كان هذا الكتيب عونا لي في تصحيح الكثير من أخطائي التدوينية اللتي أرتكبتها قبل أن أقرأه . ألا أني في أحيان كثيرة أجد نفسي وقد أرتكبت خطئا هنا أو هناك بعد أن انشر مواضيعي التدوينية . مما يثبت أن الطبع غلب التطبع .
ولقد لاحظت أن كثيرا من المدونين الأعزاء يرتكبون ما أرتكبه أنا من أخطاء تدوينية . لذا قررت أن أشارك الجميع ملاحظات ونصائح سعيد أحجيوج عن التدوين . علها تكون عونا لهم في تدويناتهم كما كانت عونا لي .
أولا أود أن أشير الى أن السيد محمد سعيد أحجيوج قد كتب كتابه مستهدفا المدونين المحترفين . ألا أن هذا لا يعني بأنه غير مفيد للمدونين الهواة أمثالنا .
والمدون المحترف هو المدون اللذي ينشأ مدونة خاصة به بعد أن يحجز مساحة عند أحد مزودي خدمة أستضافة المواقع مقابل مبلغ معين . ومن ثم يقوم بتثبيت مجموعة برامج خاصة على هذه المساحة تعمل بمثابة منصة تدوين .
والمدون المحترف يقوم بأنشاء مدونته غالبا ليتربح منها ماديا . ولأننا هنا في أيلاف مدونون هواة ولدينا قوالبنا الجاهزة ومدوناتنا المجانية المعدة سلفا قدمتها لنا أيلاف مشكورة, فلسنا بحاجة الى شرح الكاتب عن كيفية أنشاء مدونة أحترافية , وسأنتقل الى بعض النقاط والتعريفات المهمة اللتي وردت في الكتيب . ونصائح الكاتب اللتي تنفع المدون الهاوي وأترك الباقي . وسأقوم بذلك بأسلوبي الخاص للأختصار قدر المستطاع .
يعرف الكاتب المدونة على أنها : دفتر يومي لنشر اليوميات ألكترونيا . ألا أنها تختلف عن مواقع الأنترنت العادية بأسلوبها الخاص وفلسفتها المحددة لطريقة الكتابة والمعالجة . فعلى عكس الصحف والمجلات والكتب , المدونات وسيلة تواصل حميمية بين المدون وقرائه . فمع المدونات لايبقى القاريء سجين صفة القاريء الأفتراضي . بل هو قاريء متفاعل ودائم التواصل مع المدون . وهو ما يتطلب من المدون أسلوبا معينا في الكتابة والتواصل وأحتراما اكبر للقاريء . أذ لايكفي أن ينقل الشخص مقالاته او نصوصه الأدبية الى المدونة لنقول بأنه أصبح مدونا . في حين أنه مجرد أسم مختفي خلف نص جامد . بل عليه أن يكون أكثر حميمية في كتاباته وتواصله مع قراء مدونته . ويدرك جيدا أن الكتابة للمدونات ليست كمثل أي كتابة أخرى .
ويلخص الكاتب كل ذلك بعبارة " التدوين ضرب من النشر الألكتروني اللذي يتميز بطابعه التواصلي الحميمي وعلاقاته الأجتماعية الفريدة اللتي يخلقها بين المدون وقارئه .
ما يميز المدونات عن المواقع الأخرى هو الأسلوب المختلف في الكتابة والمعالجة والحضور البارز لشخصية المدون .
ينبهنا الكاتب الى سؤال مهم يجب أن يسأله المدون لنفسه قبل أن ينشأ مدونته . وهذا السؤال هو : لماذا أحتاج الى مدونة ؟ .
ويتابع . سؤال بسيط ولكنه من الأفضل التفكير فيه جيدا . التخطيط هو السر الأول لنجاح المدونات . بغض النظر عما اذا كنت تدون خواطرك الشخصية المحضة , آرائك ومواقفك السياسية , أو تدون عن خبرتك في مجال تخصصي ما .
قبل البدء : التخطيط
يقول المؤلف "أن التدوين بلا تخطيط كالخروج الى الشارع عاريا بدون ملابس" .
قد ينظر البعض الى التخطيط كحصان جامح . كلا , ضع هذه الحقائق التلقينية جانبا . الأمر ابسط من ذلك بكثير .
تريد أن تدون أجب عن الأسئلة التالية .
- لماذا تريد أن تدون ؟ .
- كيف تريد أن تدون ؟ .
- متى تريد أن تدون ؟ .
امسك ورقة وقلم وأكتب كل ما يخطر على بالك . هذه أفضل طريقة لترتيب افكارك وتحديد الأولويات .
فقط تذكر شيء واحد : لا توجد قوانين للتدوين . هناك فقط قواعد توجيهية يمكن الأستئناس بها . لذا فأن أجوبة الأسئلة الثلاث السابقة لا تعني أحد غيرك , وهدفها الوحيد هو مساعدتك على خوض تجربة تدوينية ناجحة .
النص القابل للفحص .
الكتابة للمدونات تختلف عن الكتابة للصحافة والنشر الورقي . فالقراءة من الشاشة عملية مرهقة , والقاريء يحتاج الى أن يصل الى ما يبحث عنه بسرعة وسهولة . دون أن يضطر لقراءة مقالات مطولة ومملة .
من المعروف أن القراء على الويب لايتبعون عادة نمط القراءة العادي بمواصلة القراءة سطرا سطرا . بل أنهم يتقافزون من فقرة الى أخرى بحثا عما يريدون قرآئته حقا . ما يفعلونه هو اجراء مسح سريع لمحتوى المقال الى أن تصطاد كلمة أو عبارة ما بصرهم وتركيزهم .
لذلك من الضروري كتابة مقال تساعد القاريء على القراءة السريعة . بجعل النص قابل للمسح , scannable . وذلك بالتركيز على المسائل التالية .
القوائم lists :
تعتبر القوائم من بين الأجزاء الأكثر قراءة دائما في المقالات الألكترونية . فهي تسهل تلخيص الموضوع وتمنح القاريء أمكانية التركيز على الأهم وتساعده أكثر على الفهم .
التنسيق :
لا تجعل القاريء يفر من مدونتك كما يفر من الجحيم بأستخدامك لألوان صارخة . أو مزيجا من الألوان . أكتب موضوعك بلون واحد فقط . وليكن الأسود . أجعل الروابط بلون مختلف واضح , وليكن الأزرق . أستخدم التبريز لأضهار كلمات رئيسة معينة بكتابتها بخط سميك او أضافة خلفية بلون هاديء اليها .
الفقرات :
أجعلها قصيرة ومركزة . لاتكتب كل سطر كفقرة مستقلة ولا تكتب فقرات طويلة . ولا تجعل محاذاة النص وسط الصفحة .
العناوين والعناوين الفرعية :
كلما كان بأمكانك اضافة عناوين فرعية للمقال كان ذلك أفضل لأغناء تجربة القراءة . كذلك العناوين تساعدك على تنظيم هيكل الموضوع بشكل أفضل . ويسهل عليك الكتابة .
الصور:
يقولون بأن الصورة خير من ألف كلمة . حسنا . هذا ليس صحيح تماما . الهدف من الصورة ليس تحويل المدونة الى لوحة فنية . بل دورها على تقريب عناصر معينة من المحتوى . لذلك أستخدم فقط الصور اللتي تساعدك على شرح وجهات نظرك وتساعد القراء على الفهم , وتحفزهم على القراءة .
لاتنسى , كلما جعلت محتوى مدونتك سهلا في القراءة , كلما أزداد عدد قرائك وأرتفع تفاعلهم معك . ولا تنسى أن الكتابة للمدونات تتميز بأسلوب حميمي في التواصل مع القراء , لذلك لا تخفي شخصيتك وتكتب بأسلوب جاف لا يختلف في شيء عن التقارير الأخبارية .
اللغة والكتابة :
بحكم أن المدونة شخصية يستسهل البعض الكتابة , ويقترف في حق اللغة مجازر شنيعة من أخطاء يتقلب لها الأقدمون في قبورهم . والبعض الآخر يريح نفسه تماما ويكتب بالعامية .
حسنا أنها حرية شخصية أن يكتب الشخص بالعامية . ولكن لو كنت تريد أنتشار أكبر لمدونتك فالأفضل الكتابة بالفصحى . حتى لو كنت لا تجيد قواعدها بشكل سليم , وأغلبنا كذلك , فأن أفضل طريقة لأكتساب تلك القواعد وتحسين مهاراتنا اللغوية هي الأستخدام اليومي لها .
لو كان بأمكانك الكتابة بأسلوب لغوي خاص بك سيكون ذلك أمتيازا لصالحك .
الكتابة ليست سهلة , أنها تتطلب أمتلاكا لناصية اللغة وحصيلة معجمية لا بأس بها . اذا لكتابة أفضل لابد من القراءة .. الكثير من القراءة .
التعليقات :
التدوين كما أشرت من قبل , أسلوب حميمي في التواصل والمدونات على عكس وسائط النشر الأخرى , ليست طريقة للتواصل ذات أتجاه واحد . بل هي أقرب الى شبكة أجتماعية ذات علاقات تواصل متعددة الأتجاهات . ذلك التميز مبني على عنصر أساسي في المدونات .. التعليقات .
بعض المدونين يفضلون غلق باب التعليق لأسباب متعددة . لو أن أسلوبهم في الكتابة مميز وحميمي فأن ذلك لن يؤثر كثيرا على الطابع التواصلي للمدونة . غير أن وجود التعليقات يبقى مهما لبناء علاقات تواصل متعددة الأطراف بين المدون وقرائه من جهة , وبين القراء أنفسهم من جهة أخرى .
لذلك أجعل التعليق في مدونتك سهلا , حفز القراء على التعليق وأفهم متطلباتهم جيدا .
لماذا يشارك القراءفي التعليقات ؟
- لأنهم يعرفون المدون شخصيا .
- لأضافة تفاصيل مكملة للموضوع .
- طلب تفاصيل أضافية حول جزئية ما .
- تصحيح خطأ ورد في الموضوع .
- الموضوع استفزهم من حيث طبيعة الطرح أو وجهة النظر .
- شكر المدون .
- لأضافة رابط الى مدوناتهم .
لماذا لا يشارك القراء في التعليقات .
- الموضوع لا يتطلب تعليقات .
- لايوجد حافز للتعليق . والأمر لايمثل لهم أي أهمية .
- المدون لا يرحب بوجهات نظر مخالفة لرأيه .
- التعليق عملية مملة .
الدعاية :
حتى لو فعلها رئيس دولتك وأنشأ مدونة خاصة به فسيحتاج الى الدعاية لها وألا فلن يعرف بأمرها أحد . هذا ما يقوله المؤلف وأنا أؤيده في ذلك .
ولكن لأن المؤلف يتكلم عن المدونات الأحترافية كما قلنا فسوف أضيف من عندي بعض النقاط الخاصة بالدعاية لمدوناتنا على أيلاف .
أولا أن موقع أيلاف بحد ذاته هو دعاية ممتازة لمدوناتنا . فهو موقع معروف ومشهور أصلا وقبل أن نسجل مدوناتنا على صفحاته . ألا أن هناك بعض الخطوات البسيطة اللتي تعتبر دعاية أضافية لمدونتك أذا ما قمت بها .
- تسجيل الدخول قبل التعليق يعتبر ميزة دعائية لمدونتك ." فإن المدونين الذين يكتبون تعليقات سيقودون الآخرين الى مدوناتهم لان اسمائهم ستكون مفعلة وعند الضغط عليها تقود الى مدونة كاتب التعليق" . وهذا نص مقتبس من شرح أدارة المدونات لتوضيح الموضوع .
- كلما شاركت في التعليق أكثر كلما أزداد عدد القراء اللذين سيكتشفون وجود مدونتك من نافذة آخر التعليقات . فالقاريء عادة لا يبحث عن المدونات اللتي لا يعرفها .
هذا ما يخصنا نحن مدوني أيلاف . أما نصائح السيد محمد سعيد أحجيوج فسأحاول أختيار ما يهمنا منها كمدونين هواة .
أبدأ بمراسلة أصدقائك المقربين وأخبرهم عن مدونتك , لاترسل رسائل آلية ولا تزعج أحدا بالسخام . أكتب بأسلوب لطيف وأدعو أصدقائك لزيارة مدونتك .
نفس الشيء أفعله مع مدونين آخرين مشهورين . فربما يكتبون عن مدونتك لو كانت مميزة في مدوناتهم وبالتالي تحصل على عدد زوار جيد جدا .
المدونات والمصداقية :
بحكم أن المدونات تتميز بالشفافية والأستقلالية عن أصحاب القرار وأصحاب رؤوس الأموال , فأنها تتجه الى أن تكون مرنة في التعامل مع الحقائق ومصادر الأخبار . غير أن هذه المرونة قدر ما هي مصدر قوة للمدونات , من الممكن أن تكون نقطة ضعفها أيضا . أذ ممكن أن تعصف بكل المصداقية اللتي يريد المدون الأتصاف بها . لذلك , ثمة صفات يجب أن يتصف بها كل مدون يريد أن يتمتع بذات ما يتمتع به الصحافي أو الكاتب المحترف من مصداقية . وهذه النصائح ليست حصرا للمدون المهتم بالتدوين الصحفي , أي التدوين عن الأخبار والتحليلات السياسية , بل كل المدونين بغض النظر عن طبيعة كتاباتهم .
أول ما يجب ان يتصف به المدون هو الصدق . الصدق مع نفسه والصدق مع قرائه .
حين ينشر المدون أخبارا مشكوكا في صحتها أو تحليلات أو تقارير تعتمد على تخمينات غير مؤكدة , فعليه أن يشير الى ذلك صراحة . المدون خلال بحثه عن الحقيقة ومصادر الأخبار الموثوق منها قد يقع في أخطاء كثيرة .. أخطاء فادحة . عليه اذا في كل مرة تسجيل تحفضاته تجاه ما يسرد . وذكر كل شكوكه . والأشارة دوما الى أحتمال أن تكون شكوكه خاطئة .
ليس عيبا أن يخطأ أحدنا في نشر معلومة مغلوطة . لكننا جميعا ملزمون بتصحيح ما نشرناه من أخطاء حين نكتشف ذلك . وأهم ما على المدون العمل به في هذه الحالة هو تجنب الحذف . حذف المعلومات المغلوطة , فحينما ينشر مدون مقالا يحتوي على معلومات غير صحيحة أو مشكوك فيها . فهنا على المدون التحلي بالشجاعة , فمهما تكن أخطائه عليه الأعتراف بها وتصحيحها علانية . وأن تطلب الأمر الأعتذار عنها , عليه أن يفعل بصراحة .
الصفة الأخرى هي الأمانة . من الطبيعي أن يعمد المدون الى الأقتباس مما هو منشور قبلا في مدونات أخرى أو مطبوعات . والأمانة تقتضي أن يشير الى المصدر بشكل كامل وصريح . لو أن المدون أقتبس من موقع ما وأكتفى بذكر المؤلف . فأن ذلك يعتبر اضرارا بحق المؤلف . الصواب هو الأشارة ايضا الى وصلة الصفحة (URL ) المقتبس عنها .وليس فقط أسم المؤلف . والأمر نفسه ينطبق عند الأقتباس من المطبوعات الورقية . يجب ذكر كل التفاصيل الممكنة .
اذا , المدون اللذي يريد مدونته أن تتصف بالمصداقية والأحترافية عليه أن يتصف بالصدق , ويحدد صراحة ما ( الصواب تماما ) وما ( يحتمل الصواب ) فيما يكتب . عليه ان يتحلى بالشجاعة في الأعتراف بأخطائه , بالحكمة في تصحيحها ., وبحسن النية في نشر الأخبار . عليه أن يتصف بالأمانة في التعامل مع المصادر اللتي يقتبس منها , وعليه دائما أن يضع مصلحة قرائه نصب عينيه .
الكتاب شيق ومفيد لمن يريد التزود بمعلومات كثيرة عن التدوين . وخاصة التدوين الأحترافي الربحي . لذا أنصح الجميع بقرائته . والرابط التالي يوصلك الى الكتاب مباشرة .
التعليقات (0)