تتآلف كلماتي و تلبس أجمل الفساتين لتحضر أفخم احتفال في معجم الصمت...حيث الهمس ينشد ضد الحقائق الوهمية أجمل تعابير الكشف...كلماتي تتراقص على إيقاع الحان الصمت...وفي المقابل المفارق...كلمات تخرج مجهرة بحقائق مزيفة توهم الإنسان بكل تفاصيل التيه و الاغتراب. إنها مأدبة عشاء تنظم على شرفها بحضور صديقات لها من معاجم أخرى..تبادل لمستجدات الصمت و تقابل لنظرات الهمس.

     كلماتي تخجل...تربت على الحياء...ومن الحاضرين حروف خشنة...تنطق جاهرة دون أن تقول شيئا..كلماتي تعشق الصمت الأزلي....لأنها إن نطقت لن تنافق أحدا....لن تجامل و لن تمدح....ولن تبالغ...بقدر ما أنها ستعمل على إنزال الفرسان من فوق جيادهم لتبصق في وجوههم أجمل عرابين الكره لشدة استنفاذهم لكل قوى الجياد.

    كلماتي ترفض التشكيل وتنبذ حركات الفتح و الكسر و الضم و الجزم،لأنها حركات خائنة لها وعميلة جهات أخرى...إنها حركات لا تخدمني أنا ككلمة بل تخدم غرباء عني هم لا ينطقون بكلماتي إلا في نطاق براغماتياتهم الضيقة...من أجل هذا عانقت كلماتي الصمت...فصمتت حتي خيل لأولئك أنها ماتت....فتعالى الأذان باكرا قائلا بانتشاء " أيتها المعاجم....أيها الناس...لكم البشرى....ماتت كلمات جمال....ننتظر حضوركم في مقبرة الحروف...لا تحضروا الكفن....فلقد أعددناه ذات يوم...أحضروا جميعا أطفالكم ليلهو بما تبعثر من كلماته قبل أن توارى الثرى...."

     شيع الخبر في أسواق الكلام...حيث تسري المتاجرة في الحروف السمينة...المبتضعون يتفقدون أسنان الحروف... و بعض البائعين و السماسرة يزينونها بكلام من قبيل "تغماس اوغي...عاد تمزيانت....عماس ما تورو..."

     حياة كلماتي طبعتها الصراحة بموازين الواقع و المحايثة الشعورية...لذلك كثيرا ما تنزفت دماء لعمق الجراح التي تكبلتها...

     غريب أمر الاخرين...يعشقون الاطراء و المجاملة و المديح....اذا نطقت بما يخدم له هذا البعد نافقني هو الاخر بما تمهر به كلماته...لكن الفرق بيني وبينه...اني ان تعمدت مجاملته اتقنت ذلك لدرجة لا تترك أي مجال للشك...اما هو فمهما جاملني استطعت اكتشاف مدى نفاق كلماته..أأتركه لحاله؟ أم ابين له أن "اصباغة ديالو مفروشة ماشي ميتاليزي"..

                                                                                           jamal_philo@hotmail.com