في رحلة بين مدينة تيارت و أخرى قريبة منها ،و في الكرسيّ المقابل رأيت رجلا في الأربعين رفقة أطفاله ،كانت تبدو عليهم علامات الفقر و العوز لكنّ الأطفال سعداء جدّا بألعابهم الجديدة ....ربّما الأب فضّل أن يشتري لأولاده ألعابا بسيطة لا يتعدّى ثمن الواحدة الرّبع دينار، فالولد يحمل سيّارة بلاستيكية صغيرة يحضنها تارة و يجعلها سريعة على الكرسي تارة أخرى ...و البنت تراقص دميتها برفق و تمسح شعرها بحنان ...أمّا الأصغر فيصدر صوتا مع حركات درّاجته النّارية الحمراء .....
كنت أراقبهم و أعيش معهم فرحتهم الكبيرة .....فلو سألت الولد عن سيّارته لقال أنّها أغلى سّيّارات الدّنيا
لا تساويها الملايين ....و لو حدّثت البنت عن الدّمية لقالت ..أنّها أروع هديّة تلقّتها من والدها ....
أمّا الصّغير فلم يوقف درّاجته و لم يهدأ ....
هذا الأب رغم جهله بأمور التّربية و رغم فقره الواضح أوصلته غريزته إلى أنّ ذاكرة الأطفال ستزهر بهذه الهدايا ...ستحملها شهادة غالية عن أب لا يملك شيئا غير حبّه لأطفاله .....
هؤلاء لا يفكّرون في الغد الآتي بهمومه و مآسيه لا يفكّرون في الملابس البالية التي لا تغطّي معظم أجسادهم الصّغيرة ...و لا يفكّرون في الخبز الّذي لا يكفيهم ليوم آخر ....
لكنّهم سعداء الآن بهذه اللّحظات مع هذا الأب الفقير الّذي فضّل فرحتهم عن غد هو في علم الغيب ........
سؤال لم أعرف جوابه ....هل يعلم هذا الرّجل أنّه أحسن بكثير من أب غنيّ لا يعرف شيئا عن الأبوّة غير الإسم المسجّل في الدّفتر العائليّ ؟؟؟؟؟؟
ليلى عامر ... في طريقي إلى تيارت ... 08 أوت 2010
التعليقات (0)