في لحظة ظن بها فرعون ليبيا بأنه قد ملك ليبيا وملك ناسها وخيراتها وملك أفريقيا كاملة، وخيل إليه أن أصبح ملك ملوكها؛ فطغى وتجبر واستكبر هو وجنوده في الأرض بغير الحق، وتجرأ على رب العباد وكذب بآياته، وكان آخرها ما ذهب إليه قبل اندلاع الثورة الليبية بقليل فكذب ما جاءت به الآيات التي أكدت أن التوراة والإنجيل قد بشرتا بمحمد – عليه أفضل الصلاة والسلام– وزعم القذافي بأن التوراة والإنجيل لم تبشرا بالنبي العربي، ووصل به الأمر إلى أن يقول: لماذا لم يحذف محمد – صلى الله عليه وسلم– قصص الأمم السابقة من القران؟! وذلك في خطبة ألقاها بمناسبة ذكرى المولد النبوي بداية هذا العام، فلم يمهله الله طويلاً وجاءه الموت من حيث لم يحتسب، وخرج عليه الشعب الليبي بأكمله، وبما أنه لم يكن يتخيل أن يخرج عليه من ظنهم عبيداً له فوصفهم بالجرذان والمهلوسين، وصرخ بهم مستنكراً ومستهجناً: من أنتم؟! وأعمل فيهم السيف قتلاً وذبحاً، إلى أن سقطت منه المدن مدينة تلو مدينة، وسقطت بعدها مدينة "سرت" مسقط رأسه وآخر معاقله، قبل أن يلقى الموت برصاصة اخترقت جبهته النتنة، وهلك دون أن يلفظ الشهادتين، وهو يسأل نفس السؤال: من انتم؟! ومعه عدد من أولاده ومرافقيه، وهم مختبئون داخل أحد الملاجئ، ليكون هذا جزاء من يتحدى الله عز وجل ويسخر من آياته ويستهزأ بشرعه ويسعى في الأرض الفساد، كما كانت عليه نهاية فرعون مصر؛ لعنة في الدنيا وويل وثبور في الآخرة، قال تعالى: " وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ، فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ، وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنصَرُونَ، وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُم مِّنَ الْمَقْبُوحِينَ" القصص 39–42. فأين ملك ملوك أفريقيا اليوم؟! وأين ابنه سيف الإسلام الذي كان يشير بإصبعه متوعداً ومهدداً بأنه سيعيد ليبيا إلى عصور الظلام؟! وأين الأعوان وأين الخدم والحشم؟! وأين القصور والجنات والزروع؟! وهل أغنت عنهم من الله شيئاً؟!
وهذا ما تابعناه البارحة على القنوات الفضائية، وكيف كانت نهاية هذا الطاغية، فقمت بعدها بنقل القناة إلى الإخبارية الأسدية لأرى كيف كان صدى هذا الخبر على طاغية الشام، فوجدت هذا الخبر مهملاً، وكعادتهم لم يتوقفوا عن ممارسة الكذب والعهر الإعلامي، حيث سمعت خبراً مضحكاً مبكياً، جاء فيه ادعائهم بأن عصابات إرهابية مزودة بقذائف "الآر بي جي" كانت وراء مقتل الشهيدات الثلاثة اللاتي قتلن البارحة في مدينة حمص!! بينما كانت القنوات الأخرى تنشر تصويراً لوالدة الشهيدات وهي تدعو على المجرم بشار، مؤكدة بأن قوات الأمن هي التي دمرت منزلهم، وأظن أن المجرم الأسد سيأتي بهذه الوالدة بعد أيام ليخرجها على تلفازه، لتنكر ما قالته من قبل، وتؤكد بأن المسلحين هم من قتل أبنائها، كما فعلوا هذا مع الشهيدة زينب الحصني، وأحياها من بعد الموت!!
ودون أي اتعاظ أو عبرة مما حدث لحليفهم القذافي تريد قناة المجرم الأسد– وبكل وقاحة وقلة احترام لعقولنا– أن تلعب بنا كما كان يفعل الهالك القذافي، وتعكس الحقائق وتكذب الواقع، وما دروا بأن استحمارهم وكذبهم لا ينطلي إلى على أذناب هذه الأنظمة الآيلة إلى الانقراض، بينما العالم أجمعه يدرك تفاهة هذه الأكاذيب، ويدرك أن جيش الأسد وأمنه وشبيحته هي التي تقتحم المدن مدينة تلو مدينة وقرية إثر ثرية، وترتكب فيها كل أنواع الإجرام والقتل والبطش والقهر في محاولة فاشلة لإسكات ثورة الشعب السوري الشجاع الصامد.
وإن كان الإعلام الأسدي قد تجاهل مقتل الهالك القذافي ومر عليه مرور الكرام، إلا أنه قد وصل للشعب السوري ليكون دافعاً لهم بالاستمرار والصمود والمضي قدماً نحو الحرية المنشودة، والتي سينالونها بإذن الله كما نالها إخوتهم في ليبيا، بعد أن جعل الله نيران الأسد والقذافي عليهم برداً وسلاماً، فبوادر النصر قد هلت على شعبنا السوري بتشكيل مجلس وطني أعلن الشعب بأنه يمثلهم واعترف به أخوانهم الليبيون، وفتحت لهم سفارة في ليبيا، وزيادة أعداد الجيش المنضم إلى الشعب والساعي لحمايتهم من بطش الأسد وجنوده، وتقارير تؤكد بأن جيش الأسد منهك وانه بات يمثل مشكلة للأسد، ولم يبق إلا إعلان النهاية لهذا المجرم.
بالإضافة إلى رؤى تواترت بزوال نظام الأسد، وهنا ابشر إخوتي برؤيتين رآهما أخويين فاضلين، نحسبهم والله وحسيبهم، الرؤيا الأولى: أخت فاضلة رأت مناماً عند استلام الأسد الابن حكم سوريا بأنه سيبقى في الحكم أحد عشر سنة ثم يسقط بعدها ملكهم، والرؤيا الثانية: حدثني صديقي من أيام عن حلم رآه قبيل انطلاق الثورة السورية بقليل فقال: بأنه رأى أناساً يهربون والخوف يملأ نفوسهم إلى مخابئ تحت الأرض، ومن جملة من رآهم بشار الأسد، وهو يلهث ويمسي مسرعاً يتلفت في كل الاتجاهات، وفي مشيه عرج خفيف، حاول صديقي أن يسأله ما الذي يجري لكنه تمتم بكلام مبهم، وبالكاد نطقه، ثم مضى مسرعاً باتجاه الناس الهاربة.
ما جرى في مصر وتونس وليبيا سنة من سنن الله في خلقه، فما تحدى أحد الله وأظهر في الأرض الفساد، إلا أذله وأهلكه ونزع ملكه وفرق شمله وشتت جنده، ولكن للفراعنة منطق واحد يرفض الاستفادة من دروس من سبقهم أو عاصرهم من فراعنة، ولن يدركوا هذه الحقيقة إلا بعد قصم ظهورهم وجعلهم عبرة وأية لمن خلفهم، أو قد لا يدركوها مطلقاً كما هو حال فرعون ليبيا، واعتقد جازماً أن الخوف قد تملك طاغية الشام وجنوده بعد أن رأوا مصرع حليفهم القذافي، مدركين أن نهايتهم ستكون أشد بشاعة من نهاية القذافي، ولو كنت مكانه اليوم لكنت ثاني دولة تعترف بالمجلس الوطني السوري، واضعاً نفسي تحت القانون وطائلة المسئولية قبل أن انتظر النهاية السوداء، وهيهات هيهات، وبعداً للأسد والقذافي كما بَعِدت ثمود.
احمد النعيمي
Ahmeeed_asd@hotmail.com
التعليقات (0)