مواضيع اليوم

أكثر من تساؤل والتفسير واحد هل رنّت أجراس المحاسبة والمساءلة في الأقاليم الصحراوية؟ تدحرجت نازل

إدريس ولد القابلة

2010-11-12 19:38:33

0

 

أكثر من تساؤل والتفسير واحد
هل رنّت أجراس المحاسبة والمساءلة في الأقاليم الصحراوية؟



تدحرجت نازلة مخيم "النازحين" بالعيون وتداعياتها ككرة الثلج لتكبر مع تناسل وتوالي الأحداث والوقائع إلى أن انكشفت معالم مخطط حركت خيوطه أياد من خلف الكواليس مستغلة هامش حرية التعبير والمناخ الديمقراطي للركوب على حركة احتجاجية عادية سيعتبرها الانفصاليون والموالون لهم – كعادتهم- "انتفاضة" رغم محدودية عدد الأشخاص الذين عاتوا فسادا بمدينة العيون.
بعد أحداث الاثنين والثلاثاء الأسودين، تساءل الكثيرون حول أسباب غض الطرف من قبل القائمين على الأمور عن بناء مخيم النازحين بـ "كديم إيزيك" بضواحي مدينة العيون، حاضرة الأقاليم الجنوبية، والبقاء في موقع المتفرج على توسعه الأخطبوطي، هذا رغم أن جملة من المؤشرات الواضحة أظهرت إمكانية استغلاله. لقد كان الأمر بادياً، وبدا كفرضية قائمة التحقيق على مختلف الأصعدة.
فكيف لم تولي المخابرات المدنية ومصالح الاستعلامات العامة ومختلف الأجهزة الأمنية، الأهمية اللازمة لهذه المؤشرات؟
ولماذا لم تلاحظ وزارة الداخلية ذلك وفي حوزتها أكثر من جهاز يراقب الشاذة والقادة في المجتمع أفقياً وعمودياً؟
فمنذ مدّة، وبالضبط منذ ظهور الملثمين، نادت عدّة أصوات بضرورة الانتباه إلى موجة العائدين إلى أرض الوطن بشكل غير مسبوق وأخذ الحذر والاحتياط من تداعياتها، لكن القائمين على الأمور لم يولوا أي اهتمام للموضوع. وقد بيّنت بجلاء الأحداث الدامية الأخيرة التي كانت مدينة العيون مسرحاً لها، خطورة ما تم التنبيه إليه سابقاً.
والآن أضحت أصوات عديدة تنادي بأعلى صوتها بإلزامية التعاطي بحزم وصرامة منصفة مع الانفصاليين، مشيرة إلى أنه كيف يعقل التصدي للإرهاب وخلاياه النائمة قبل استيقاظها بنجاح مشهود له بالتألق، في حين تفشل الأجهزة الأمنية في تتبع حركات وسكنات أعداء الوحدة الترابية الذين يعيشون بين طهراني المغاربة وأغلبهم يستفيدون من جملة من الامتيازات والعطايا والتسهيلات لم يسبق أن حلم بها مواطنو باقي أرجاء البلاد؟

سقطت الأقنعة و انكشفت الأمور

لقد كشفت أحداث يومي الاثنين والثلاثاء الأسودين أمر "الطابور الخامس" الذي يقتات من مجموعة من الأخطاء والهفوات الواجب الوقوف عليها حالياً واجثثات جذورها.
سيراً على هذا الدرب تساءل البعض عن فحوى ومغزى استمرار التساهل الكبير مع الطلبة الانفصاليين الذين لا يتوانوا في إشهار عدائهم البيّن للوحدة الترابية وللمغرب رغم أنهم يستفيدون من المنح والسكن والنقل المجاني وامتيازات أخرى، لا يستفيد منها باقي طلبة ربوع المملكة؟

إن أهوال أحداث العيون الأخيرة دفعت الكثيرة من المتتبعين إلى الإقرار بأن هناك تهاون بيّن في أداء الواجب المهني والاضطلاع بالمسؤولية بالطريقة التي من الواجب أن يمليها الضمير الوطني والدفاع عن وحدة البلاد وضمان أمن وطمأنينة سكانته، سيما على صعيد ما هو منتظر من الأجهزة الأمنية أو مختلف مصالح وزارة الداخلية.

ولا يخفي الكثيرون أن من أسباب ما وقع بالعيون، رغبة حزب "البام" في وضع أقدامه بحاضرة الأقاليم الجنوبية، بعد تنحية آل الرشيد ومن يساندهم والقضاء على نفوذهم، ويذهب أصحاب هذا الطرح إلى القول إنه قد تم غض الطرف في البداية على تجمع بعض ساكنة العيون بضواحيها على خلفية مطالب اجتماعية مشروعة، والتي كان القائمون على حزب البام سيجدون لها حلا، في الوقت المناسب، بعد تشويه صورة حمدي ولد الرشيد والنيل من نفوذ وسيطرة آل الرشيد على الجهة وتحميلهم مسؤولية تدهور الأوضاع وتناسل أسباب المشاكل والمعضلات الاجتماعية العويصة التي أضحت تعرفها مدينة العيون. إلا أن الرياح هبّت في اتجاه لم يكن في الحسبان ووقعت الكارثة بعد انفلات الأمور من يد حزب "البام"، إذ استغل أعداء الوحدة الترابية و"الطابور الخامس" الفرصة وأطلقوا أيديهم لتنفيذ مخططات مهيأة سلفاً. هذا، علما أن جبهة البوليساريو قد غيّرت من استراتيجيتها، إذ أضحت تعتبر أن المرحلة الحالية مرحلة ما تسميه بـ "المقاومة من الداخل" وليس من الخارج كما كان الأمر سابقاً.

استهداف رموز البلاد ومعالم سيادتها


لقد استهدفت عصابات من الملثمين وعناصر "الطابور الخامس" المدججة بالأسلحة البيضاء (سيوف وسكاكين ضخمة الحجم وأدوات حديدية حادة وسواطير وغيرها) وقنينات الغاز من مختلف الأحجام وقنابل "كوكتيل مولوتوف" رموز البلاد ومعالم سيادتها- من أعلام وصور الملك والشعار الوطني وبنايات وإدارات تجسد سيادة الدولة وهيبتها السياسية والاقتصادية والثقافية، ووجودها الاعتباري- وذلك في مختلف أرجاء مدينة العيون على امتداد يومي الاثنين والثلاثاء 7و8 نونبر 2010.

الآن وبعد استرجاع شريط مختلف الأحداث والنوازل التي سبقت العاصفة وربطها بأحداث يومي الاثنين والثلاثاء الأسودين تصبح الصورة واضحة، إذ لا يمكن لأحد أن يجرؤ على نفي ضلوع أياد عدوّة في التخطيط لافتعال نار الفتنة والشغب بمدينة العيون بهدف النيل من الاستقرار الذي ينعم فيه المغرب رغم كل المؤامرات المحاكة ضده داخليا وخارجيا.
فلم يكن خاف عن بعض متتبعي أحداث النزوح الجماعي إلى ضواحي العيون منذ بدايتها، أن هناك أياد أجنبية، كما حدث من قبل في أحداث أطلس إسني بمراكش، علما أن "الصحراء الأسبوعية" حدرت أكثر من مرّة من موجة عودة شباب ملثم من مخيمات تندوف، قاسمهم المشترك، تلقيهم تدريبات ميدانية بكوبا وبمعسكرات كائنة فوق التراب الجزائري.
فمن يمكن أن ينفي اليوم تورط أياد محسوبة على جبهة البوليساريو تحركت بدقة وفعالية وفق أجندة تخدم مصالح مافيا جنرالات الجزائر التي لم يهدأ لها بال منذ أن لاحظت حرص المغرب على المضي على درب التفتح وترسيخ الدموقراطية والاستعداد لتطبيق الجهوية الموسعة، فضلا على الخطوات المنجزة في مجال حقوق الانسان.

في واقع الأمر، إن البشائر الأولى للتصعيد قصد إعداد شروط الانفجار، ظهر في طور المفاوضات مع نازحي مخيم "كديم إيزيك"، وكان على المخابرات المدينة أن تعي الدرس مبكراً. وهذا، سيما وأن الدولة كانت أكثر من سخية في استجابتها بسهولة غير معهودة لجملة من مطالب المحتجين، فيما يخص السكن وفرص الشغل وتوفير بعض شروط العيش الكريم، تجاوزت الإمكانيات المتاحة فعلا لها، وكل ذلك – كما قيل- تجنباً لأي انزلاق أو تسييس للحركة المطلبية الاجتماعية.
كان على المخابرات المدنية أن تستشف، من منحى تطور الأحداث بالمخيم وتغيرات الأجواء السائدة فيه، أن هناك مخططاً مرسوم سلفا، خصوصاً وأن بعض عناصر التنسيقية أخذت، وقتئذ، تسيير، دون مبرر واضح، نحو التصعيد والتمسك بمطالب تعجيزية بهدف سد كل الأبواب لضمان عدم فض المخيم (آنذاك كان القائمون على الأمور يرغبون في هدف واحد لا ثاني، هو تفريق النازحين قبل حلول 6 نونبر). في حين سارت عناصر أخرى في مخيم "كديم إيزيك" في الشروع في خلط الأوراق ترقباً لتجميع الشروط قصد تنقيذ أجندة زعزعة الاستقرار وافتعال الفتنة. وقد تزامن كل هذا مع قرب المفاوضات غير الرسمية وغير المباشرة بين المغرب وجبهة البوليساريو، وكذلك مع استعداد المغاربة للاحتفال بالذكرى 35 للمسيرة الخضراء. وهذه أمور، كان على مخابراتنا المدنية ومصالح الاستعلامات التابعة لوزارة الداخلية استشفافها اعتباراً لخبرة ودراية عناصرها بمجال محاربة الشغب والتصدي للمناوئين، وبذلك كان في أمكانها اتخاذ ما تستوجبه الظرفية من إجراءات احترازية عوض ترك الأمور تسير في منحى يخدم أعداء الوحدة الترابية وعملائهم.
والحالة هاته، بعد أن انكشفت الأمور، لم تتوان أصوات كثيرة على القول إن ما جرى بمدينة العيون يتعلق بمؤامرة حيكت خيوطها ورُتبت أمورها وحُدّد المكلفين بتنفيذها في الجزائر تحت إمرة مافيا جنرالات الجزائر المتحكمة في قصر المرادية التي تعرف أن حلحلة قضية الصحراء هي إعلان عن نهايتها.
وفي هذا المضمار، يرى الكثيرون أن أجراس المساءلة والمحاسبة قد دقت مادام لم يعد من المحتمل لاحقاً، بأي وجه من الوجوه، اقتراف أي خطأ في تدبير ملف القضية الوطنية الأولى.
كما أنه أضحى من الضروري، فوراً دون انتظار، تغيير نهج تدبير الشأن المحلي بالأقاليم الجنوبية والبحث عن الأسباب التي ساهمت في إضعاف الجبهة الوحدوية بها مقارنة مع السابق، سيما وأننا لم نلاحظ خروج التظاهرات الوحدوية العفوية والتلقائية على غرار ما وقع سنة 2005، رغم أنها كانت أقل خطورة من أحداث الاثنين والثلاثاء الأسودين.


مرّة أخرى
قضية التعاطي مع إشكالية العائدين


من السلبيات الخفية التي ساهمت أحداث العيون في تعريتها، عدم التفكير في نهج سليم للاندماج الاجتماعي داخل مدينة العيون، إذ أضحت أحياء بكاملها تخص فئة من السكان دون سواها، مما كسّر آليات الادماج المتبادل والانفتاح والتواصل الدائمين بين مختلف فئات ساكنة مدينة العيون. كما ساهم في تكريس هذا الواقع سوء تدبير الشأن المحلي وجشع بعض المسؤولين والمنتخبين والأعيان، سيما فيما ارتبط بقطاع السكن والعقار وبعض الامتيازات. إذ تم توزيع البقع والمساكن وبطاقات الانعاش الوطني بطريقة لم تحترم مبدأ الاندماج والتعايش والاختلاط والتمازج بين مختلف فئات ساكنة مدينة العيون.
وهذا أمر لم ينتبه إليه أحد في إبّانه، خصوصاً وأن نهج تدبير هذا القطاع الحيوي- والذي ضخت فيه الدولة الملايير – جشع – حسب البعض- نوعاً من أنواع سياسة الانعزال بين الفئات.

عائدون أم عملاء، تساؤل شغل الكثيرون ، وقد سبق لجريدة "الصحراء الأسبوعية " في أكثر من ملف ومقال أن نبّهت إلى إشكالية بعض فئات العائدين إلى أرض الوطن في الآونة الأخيرة، سيما الفئة التي أضحت تسمى بـ "الملثمين" الذين، منذ وطأت أقدامهم أرض المغرب ظلوا حريصين على عدم كشف وجودهم حتى في مراسيم استقبالهم من طرف الوالي – وعدم الإدلاء بأي تصريح لوسائل الإعلام الوطنية. كما حرصوا على المكوث بمدينة العيون دون سواها من المدن المغربية، بما فيها مدن الأقاليم الجنوبية. علما أن جملة من التحريات أبانت أن الكثير منهم ينحدرون من قبائل لا تتواجد بالعيون والساقية الحمراء.
إنها بعض المؤشرات التي كانت جريدة "الصحراء الأسبوعية" قد انطلقت منها لتنبيه القائمين على الأمور وحثهم على الحدر من درجة اللون البرتقالي، لكن لا حياة لمن تنادي.
الآن وبعد أن اتضحت الأمور و ظهر الخيط الرابط بين مختلف الأحداث والوقائع التي كانت مدينة العيون مسرحاً لها، فقد رنّت أجراس المحاسبة والمساءلة في الأقاليم الجنوبية قبل غيرها.
فها هي أحداث العيون تطرح من جديد قضية التعاطي مع إشكالية العائدين، وهي ذات الإشكالية التي سبق لجريدة "الصحراء الأسبوعية" أن تناولتها في ملفها الصادر في عددها 79 بتاريخ 17-23 مايو 2010 والذي خلص إلى ما يلي:
"وجب اعتماد طريق واضحة المعالم ومحددة المقاصد، واستراتيجية دقيقة ومدققة للتعاطي مع قضية العائدين، تتكلف بتطبيقها بنية مهيكلة تحت إمرة المؤسسة العسكرية، وهذا بغية تعقعيد العودة على أساس "عقد اجتماعي ضمني" واضح الفحوى والمغزى، يبين الواجبات والحقوق والالتزامات تجاه الوطن والقائمين على أموره.
إن هذا المسار من شأنه تجنيب المغرب جملة من المخاطر وجبر الشرخ المحدث بين العائد والصحراوي الوحدوي، وبين ذي أصول صحراوية ومن له أصول من شمال أو شرق أو غرب المملكة".
وهاهي أحداث يومي الاثنين والثلاثاء الأسودين بالعيون تؤكد مرّة أخرى ما سبق وأن طالبت به جريدة "الصحراء الأسبوعية" في ورقتها المعنونة: "خارطة الطريق للتعامل مع العائدين لتفادي ما لا تحمد عقباه". والذي جاء في فقراته الأخيرة بالحرف آنذاك (مايو 2010):
"هناك العديد من الأمثلة الأخرى التي تبيّن نهج التعاطي الحالي مع العائدين يتضمن في ثناياه مخاطر قد تكون وخيمة، طال الزمن أو قصر، وهذا أمر وجب الوعي به حالياً قبل فوات الأوان".
وقد حدث ما كنا قد حدرنا منه. والآن لا خيار إلا فتح أبواب المساءلة والمحاسبة على مصراعيها وإعادة النظر جذرياً في نهج التعاطي مع ملف الصحراء وتدبير أموره داخلياً وخارجياً، وكذلك إعادة النظر شمولياً في تسيير الشأن المحلي في مختلف الأقاليم الجنوبية.
لقد انكشف أمر أحداث العيون بعد تأكد تورط أياد أجنبية وانفصاليين تلقوا تداريب بكوبا والجزائر، كما تحدث أكثر من مصدر مطلع عن دعم مالي ولوجيستيكي سخي أجنبي. كما اتضح، أن المستهدف الأول هو استقرار المغرب، وفي هذا المضمار سبق لأحمد زاروف كولونيل سابق بالدرك الملكي أن قال – بمناسبة أحداث 2005 بالعيون، حيث كان نائب رئيس لجنة الخارجية والدفاع بالبرلمان -"على المغرب أن يواجه مخططات أعداء وحدته الترابية ببرودة الدم وبابتكار إجراءات فعّالة لمواجهة الأعداء في عقر دارهم".

تدخل أمني "حضاري"

بقدر ما نشيد بالتدخل "الحضاري" والشجاع للقوات العمومية بالعيون، نأسف لزج مجموعة من رجال الأمن والدرك حديثي التحرج في معمعة أحداث تستوجب خبرة ودراية خاصة للمتدخلين.
تضطلع القوات العمومية – بمهام جسام، ويتمنى كل مواطن حر أن تتاح له فرصة الافتخار بنظام أمن مغربي عصري وكفء، ولعل نهج التعاطي مع نازلة مخيم " كديم إريك" في آخر حلقاتها تدعو إلى الافتخار، إذ خاطر رجال الأمن والدرك الملكي والقوات المساعدة دون حمل سلاح ناري لمواجهة القلاقل.
وإذا كان من المعروف أن أجهزتنا الأمنية لطالما اعتمدت الضربة الأمنية الاستباقية، إلا أنه بخصوص أحداث العيون غاب هذا النهج وتوارت هذه النظرة. لقد صدرت تعليمات منعت رجال القوات العمومية من استعمال الذخيرة الحية والدفاع عن أنفسهم باستخدامها، وهذا ما تم الالتزام به رغم أداء ثمنه غالياً جداً.
إن بعض المشاركين في التصدي لقلاقل العيون حديثي التخرج ومحدودي الخبرة الميدانية في التعاطي ميدانياً لحالات الشغب والفلتان الأمني، وهذا ربما ما ساهم في استشهاد بعضهم وهم يزاولون مهمتهم النبيلة.
ويرى الكثير من خبراء المجال الأمني أن أحداث العيون الأخيرة أبانت أن المغرب في طور خروجه من المقاربة الأمنية ضيقة الأفق. وفي هذا المضمار تؤكد مصادر أمنية مطلعة، أن الأجهزة الأمنية اتجهت نحو مقاربة جديدة أكثر انفتاحاً وليونة. إلا أن هذا التغيير – حسب ذات المصادر- رافقه بعض القصور في خطط تاكتيك التصدي لأحداث الشغب والانفلات الأمني بالعيون، إذ تم زج بعناصر شابة حديثة التخرج إلى مقدمة الصدمات عوض الاعتماد أوّلا على عناصر مدربة وذات خبرة في التصدي للشغب والمدربة ميدانياً على ذلك، سيما وأن ما وقع بالعيون من قبيل الشغب والقلاقل التي تتسارع بوتيرة فائقة يصعب المسك بزمامها وتتطلب مبادرات وردات فعل آنية لا تحتمل الانتظار.

على سبيل الخلاصة


إن التوجه الذي أخذه المغرب صعب ومليء بالمخاطر، وبالتالي ثمة بعض الشبكات الداخلية المناهضة لذلك التوجه العام، ربما لأنه يمس بمصالحها هذا علاوة عن الأعداء الظاهرين و من يوالونهم. وهذا كلام لا يطلق على عواهنه لأن أحداث العيون الأخيرة وتداعياتها ومسار تطورها يشي بوجود جيوب مناهضة، باعتبار أن مناهضتها هذه من شأنها أن تخدم أهداف ومرامي أعداء الوحدة الترابية المغربية، الآنية منها والمستقبلية. وطبعاً، قد تكون لهذه الجيوب شبكات تحاول إما عبر مؤسسات أو عبر علاقات أن تجد لها طريقا تمكنها من الاستمرار في مواقعها والحفاظ على مصالحها.
وما دامت كل هذه المحاولات المغرضة لا يمكن أن تغيّر بأي شكل من الأشكال المسار الذي اختاره المغرب، وجب أن تظل الإدارة قوّية للاستمرار في نفس الدرب الذي اختاره الملك. ولعل أوّل عمل وجب القيام به حاليا لمواجهة جيوب المناهضة، الإقرار الفوري بمساءلة المسؤولين على سوء تدبير الشأن العام بالأقاليم الجنوبية في جميع المجالات، وذلك لتكريس قاعدة القيام بالمهام الموكولة في إطار المسؤولية لصالح التوجهات العامة للبلاد التي حدّدها الملك.
إن الاتجاه الذي حدده الملك محمد السادس هو الانفتاح، ورغم كل الإكراهات والصعوبات المطروحة بفعل سوء تدبير الشأن المحلي بالأقاليم الجنوبية وملف الصحراء، فإنه من الواجب اعتماد نفس التعامل، سواء تعلق الأمر بالشمال أو الجنوب. ولا يمكن بأي حال من الأحوال إلغاء القانون، بل يجب تطبيق القانون، كل القانون، ولاشيء إلا القانون في كل المجالات.
لقد أظهرت أحداث العيون الأخيرة وتداعياتها أن المخاطر كل المخاطر قد تأتي ممن يدعون بغير تأهيل تأطير البلاد و العباد، أو من طرف من لهم تأهيل غير مشكوك فيه لكن ليست لديهم الإرادة الصادقة القوية لتوظيف كفاءتهم و موقعهم و نفوذهم لصالح الوطن و لخدمة مصالحه الإستراتيجية، أو من طرف جيوب خائنة متربصة تنتظر ظروفا مواتية، لذا أضحت اليقظة مطلوبة من طرف الجميع بأقاليمنا الجنوبية، وذلك للتصدي لكل ما من شأنه مراكمة سلبيات سوء التدبير و رداءة التسيير و خلق أجواء التوتر المفتعل لأسباب عبثية لتصبح مع مرور الوقت أخطارا يصعب مواجهتها والتحكم في تداعياتها.
فمتى سترنّ أجراس المساءلة و المحاسبة بالأقاليم الجنوبية؟ و هل ستتم مساءلة ومحاسبة كل من ساهم من موقعه وحسب درجة مسؤوليته بخصوص الوضع الذي نحن عليه الآن بالعيون والأقاليم الجنوبية؟
وهل ستتغير الأمور في هذه الأقاليم بفضل نهج آخر في تدبير ملف الصحراء على يد رجال أكفاء ونزيهين ؟
هذا هو السؤال




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات