مواضيع اليوم

أقواس "أعطني خصما محترما.. أصنع لك نجاحا معتبرا" للدكتور امين الزاوي

عبدالباقي فكايري

2010-01-15 19:16:26

0

مقال اثارني وجذبني الى افكار الدكتور امين الزاوي المحترم في اراءه  بالجزائر وقد كتبه في يومية الشروق اليومي بالجزائر 14/01/2010 وانتظر اراءكم

بقلم: الدكتور أمين الزاوي/ aminzaoui@yahoo.fr

1- هل صورة الجزائري، مهما كان موقعه في المجتمع، مثقفا أو مسؤولا أو مواطنا بسيطا، هي صورة العاطل، الفاشل، العاجز، المهزوز، المهزوم إلا إذا كان له خصم عنيد؟

2-هل الجزائري لا يتفوق إلا في الظروف المأزومة والمتأزمة؟
3- وهل الجزائري "يدبر حاله" جيدا حين لا يكون هناك مال كثير، وهل المال المتوفر الوافر لا يخلق لديه سوى الفتنة بدلا من أن يخلق الهمة والإبداع؟
4-هل يطور الجزائري شأنه الثقافي فقط حين تكون الحرية مصادرة ويكون الفضاء السياسي فضاء للحزب الواحد، وهل التعددية لا تخلق لديه سوى الفوضى غير المنتجة؟
أ- قبل شهر أو يزيد حمل بعض أشباه المثقفين والفنانين "العلفيين" )من العلف( على الجزائر، وجرحوها في رموزها وذاكرتها وحتى في جغرافيتها، وعيّروا هذا البلد حتى بأسماء مواطنيه وأسماء مدنه التي بدت لهم قبيحة وغير مناسبة. لقد تجاوزت الوقاحة والتخلف كل تصور. واندهشنا لذلك واندهش معنا حتى بعض أصدقائنا من المثقفين العرب ، لا لشيء إلا لأن الأمر جاء وصدر من بعض الأسماء الأدبية التي كنا نعتقد تيمنا بالخير، أنها تمثل قليلا من العفة وبصيصا من الأمل في الثقافة المصرية الآيلة إلى الشيخوخة والمتقشبة في الإنشائية الفارغة.
لا أريد أن أقف عند هذه الحالة الباطولوجية الثقافية الأدبية، ولكني أريد أن أدفع بالحوار الذي اندلع عقب مباراة كرة القدم بين الجزائر ومصر إلى مداه الثقافي والفكري، انطلاقا من ذلك لا أرغب في العودة إلى سرد ما قيل من كلام وقح وغير ثقافي في حق الجزائر، ولكني أريد أن أحاور هذا الإنشاء المؤسس وهما على منطق واهم، والذي في الوقت نفسه يريد أن يوهم المواطن ويغالط الرأي ويشوش على المبادئ والقيم الكبيرة والكريمة.
لقد استعمل هؤلاء المثقفون المصريون جملة من التعابير المستهلكة والمتعبة كـ"الدفاع عن الكرامة" و"مصر أم الدنيا" و"مصر الأخت الكبيرة" و"مصر مركز العروبة" وما إلى ذلك من كليشهات سمعناها من السياسيين والسياسويين في ساعات تبرير الهزائم وابتلاع المهازل، ولكن أن تستعمل هذه اللغة وهذه الإنشائية الميتة من قبل مثقفين أو مفكرين فتلك كارثة الفكر ومأساة الثقافة وجنازة اللغة، تلك علامة على فقر فاضح في الفكر والإبداع والثقافة، وإشارة واضحة على غياب سؤال الحداثة المؤرق.
أسائل اليوم هؤلاء المثقفين المصريين ومن خلفهم من المثقفين المتمصرنين من "الجزائريانيين" الذين يدافعون عنهم أو يغازلونهم أو يبايعونهم
-لماذا يسكت هؤلاء "الخلق" اليوم، حين يصنع النظام المصري جدارا فولاذيا في بطن الأرض لمحاصرة الفلسطينيين، وبداية برمجة موتهم دقيقة دقيقة؟
ذكرني هذا الحصار اللاإنساني والهمجي بما عاشته قبيلة "أولاد رياح" الجزائرية بمنطقة مستغانم سنوات الاستعمار على يد جيوش القائد العسكري الدموي بيليسيي Pelissier حين حاصرها في 18جوان 1845 واضطرها إلى اللجوء إلى داخل الكهوف هروبا من التعسف والبطش، وإذا بهذا المستعمر يكشف عن فنون الهمجية بسد منافذ الكهوف وأطلق غازات بداخلها ليحرق من بالداخل ويختنق جميع أفراد القبيلة، وقد عرفت هذه الجريمة في التاريخ بـ enfumades فكانت واحدة من أكبر المجازر بشاعة تعرضت لها قبيلة من الجزائريين الذين لم يكونوا يريدون سوى العيش الكريم والحرية.
وأنا أتابع فصول بناء جدار الحصار الفولاذي المصري مشفوعا بجدار الحصار الإلكتروني الإسرائيلي، تذكرت ما قرأته عن حصار قبيلة أولاد رياح والإبادة الجماعية التي تعرضت لها.
وها هي غزة تعيش ما عاشته قبيلة أولاد رياح.
لست مؤرخا ولكن ما أردت أن أقوله للكتاب والمثقفين المصريين ومن والاهم من المتمصرنين الجزائريانيين: "لماذا لا يقوم هؤلاء الذين أخذتهم الحمية والحماس بعد مقابلة في كرة القدم ربح فيها من ربح وأخفق فيها من أخفق..؟ لماذا لا يقوم هؤلاء المتوجون بجوائز الخليج وجوائز أدبية عربية أخرى تسير ريعها لجان تحكيم شللية بكتابة مقالات ضد صانعي الإبادة الجديدة للفلسطينيين وبذات الحماس الذي كتبوا به عن بلاد جميلة بوحيرد وشعب جميلة بوحيرد...؟ إن التستر بأمن الدولة تارة والقول بسيادة الدولة على حدودها )وأية سيادة..!؟( كلام لا يثبت أمام الواقع، لأن مثل هذا الكلام يكون حقا، ربما، إلا حين تكون الجارة فلسطين مستقلة وقادرة على إدارة سيادتها وتوفير أوليات الحياة لمواطنيها.
ب- وما يدفعني إلى الذهاب بالنقاش أبعد أيضا، والخطاب موجه هنا للجزائريين، هو ما سمعته أو قرأته في بعض صحفنا منقولا من أفواه بعض المسؤولين الجزائريين وبعض المثقفين أيضا الذين حولوا كل ما يقومون به اليوم عبارة عن "رد فعل" ضد ما قام به بعض هؤلاء المثقفين المصريين، وكأن الدنيا بدأت وانتهت عند مصر، يريدون أن يعجلوا في إنجاز مؤسسات ثقافية (ولو على حساب الجودة) ليقولوا للمصريين إن لنا كذا وكذا، يريدون أن ينظموا كذا وكذا من تظاهرات وفيستيفالات ولو كان ذلك على طريقة البريكولاج ليظهروا للمصريين بأن لنا نشاطا ثقافيا..!
أقول إن مثل هذا التصرف هو عمل عشوائي في الثقافة وصبياني في السياسة.
فالجزائر لو كان لها أن تتعلم من خصم بل عدو تاريخي كبير لتعلمت أولا وقبل كل شيء من خصمها رقم واحد الذي هو فرنسا التي مهما اختلفنا معها علينا أن نعترف بأن لها مؤسسات ثقافية عريقة ومتحضرة وديمقراطية ولها حياة ثقافية احترافية ومتميزة من مهرجانات وملتقيات ونشر وسينما وفن تشكيلي وإعلام ومسرح وغيرها
إن مثل هذه التصريحات تضعنا ثقافيا وإعلاميا في خانة المعاند وتظهرنا وكأننا نقوم بالثقافة على قاعدة "رد الفعل" لا "الفعل" وشخصيا أعتقد أن العدو الأساس والأول للثقافة وللمثقفين هو كل ممارسة قائمة على "رد الفعل" والتعنت والموسمية والفلكلوروبة.
إن كل من يشتغل في الثقافة أو يدافع عنها إنتاجا أو تسييرا، إبداعا أو تنظيما، معتمدا على سياسة "رد الفعل" هو في المطاف ضد الثقافة المحصنة التاريخية، وهو في ذلك وبذلك يغتال نموها الطبيعي، وهو في هذه الحال ضد ما تأسس وتراكم من إبداع كان إنتاجه طبيعيا بعيدا عن هاجس رد الفعل.
لقد وصل بنا مرض "رد الفعل" في العمل الثقافي والإعلامي إلى محاولة تشويه احتفالاتنا الأمازيغية العريقة. لذا فأصحاب ثقافة "رد الفعل" ركبوا قطار الانتهازية، محاولين تجيير عيد يناير البربري، وهم الذين كانوا بالأمس القريب ساكتين عنه أو غير مبالين به، هذه المرة وانطلاقا من هوس "رد الفعل" على ما مارسه مثقفون مرتزقة مصريون بمعية مثقفين جزائريانيين متمصرنين، هاهم يفتحون كتب التاريخ ليشرعوا في ترتيل بعض الدروس علينا والتي اكتشفوها البارحة متأخرين. إننا نقول وبكل وضوح لا تربطوا أعيادنا ولا ثقافتنا بتصفية حسابات ضد آخر. علينا أن نرفع احتفالات أعياد يناير البربرية الوطنية التي ظل آباؤنا وأجدادنا يحتفلون بها من أحراش امسيردة إلى القالة احتفالا كبيرا يضعها على قدم المساواة بعيدي الفطر والأضحى، علينا اليوم أن نجعلها فرحة وطنية "متساوقة" مع وصول اللغة الأمازيغية إلى مرتبة اللغة الوطنية وأن نجعل هذا العيد لحظة مراجعة جادة ما وصل إليه واقع تدريس اللغة الأمازيغية في مدرستنا الجزائرية. احذروا أولئك الذين ينفخون في كل شيء من أجل أن يظهروا "أكبر" الوطنيين.
إن الثقافات الكبيرة للشعوب المبدعة تنمو بعيدا عن العناد والتشنج و"رد الفعل"، وهو طريقها الطبيعي للانخراط في المنجز الثقافي الإنساني والإسهام فيه دون الوقوع في "فوبيا" الشرق أو الغرب.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات