الملحد الاول : كيف الصحة يا صديقي
الملحد الثاني : بخير والحمد لله
الملحد الاول : كيف تقول الحمد لله ألسنا ملحدين لا نؤمن بالله ؟
الملحد الثاني : نعم صحيح نسيت أستغفر الله .
في مرحلة الدراسة الجامعة وقبل اكثر من عقد من الزمن ألتقيت بزميل دراسة ملحد وكان الملحد الوحيد في الكلية و كان يعلن ألحاده وبكل اريحية وهو امر نادر الحدوث لحد الان . دخلت معه في نقاشات كثيرة حول وجود الله والأديان وغيرها من المواضيع . لم يكن من السهل ان استوعب ان هناك شخص لا يؤمن بوجود الله في مجتمعنا وكان الموضوع برمته مثيرا ومدهشا .
كل هذا أستوعبته لاحقا . ما لم أستطع استيعابه حينها هو حين حل شهر رمضان والتقيت به وأكتشفت انه صائم ! فقلت له ( لماذا أنت صائم ؟) قال لي ( ولماذا لا أصوم) قلت له ( انت لا تعترف بوجود الله ما الذي يجعلك تصوم ولمن ؟) فقال لي ( اتفهم استغرابك لكن الصيام أمر مهم بالنسبة لي واذا لم اصوم ساشعر ان شيء ما فاتني . الحقيقة ان الصيام بالنسبة لي شيء يجعلني اشعر بالأنتماء لمجتمعي وبدونه أشعر بمساحة كبيرة من الغربة والوحدة )
والامر الاكثر غرابة حين كنا نتمشى معا ونتبادل أطراف الحديث قرب الكلية وحل وقت الصلاة وطلبت منه ان اذهب الى الجامع لأصلي جاء معي وصلينا معا . لم أساله عن سبب صلاته فالسبب واضح وهو نفس سبب صيامه . لكني حدثته بطريقة اتسفزازية وقلت له بشكل مفاجيء ( أنت لست ملحد أنت متمرد على الواقع فقط ) فقال لي ( أقسم بالله أني ملحد ) . ضحكنا انا وهو كثيرا بعد ان قال الجملة الاخيرة التي خرجت منه بشكل عفوي .
في سن المراهقة كنت اعمل في محل لبيع المواد الكهربائية بالجملة في منطقة الشورجة وكان صاحب المحل المجاور للمحل الذي أعمل فيه ملحد . وكان مجتمع التجار في ذلك السوق ينظر اليه نظرة احتقار . لأنه كان يصرح بالحاده وينتقد دون أي مجاملة وبطبيعة الحال هذا امر يؤدي الى رد فعل سلبي . في يوم من الأيام قام أحد التجار بعملية أحتيال وسرق مجموعة من التجار وهرب . وكان صاحب المحل الذي أعمل به يتناقش في هذا الموضوع مع التاجر الملحد فقال له التاجر الملحد ( هذا حرامي سارق لعنة الله عليه وين يروح من عذاب الله ) . أثار كلامه استغرابي الشديد وفسرته حينها على أنه لغة معتادة في المجتمع الذي ينتمي أليه اعتاد لسانه عليها وطبعت في عقله وهو يقصد ( يجب ان ينال هذا السارق جزائه ومن الظلم ان يفلت بفعلته ) وليتني سالته حينها عن سبب تحدثه بلغة ايمانية وهو يصرح بعدم الأيمان بالله.
قبل فترة قرات موضوع في موقع ذو توجه ألحادي . وكان الموضوع يتحدث عن (الثغرات في الدين الاسلامي والدين المسيحي ) الطريف أن كل المناقشين ملحدين و صاحب الموضوع ملحد ( مسلم الولادة) كان يتحدث عن وجود ثغرات في الدين المسيحي مسكوت عنها ويتم التركيز فقط على الثغرات في الدين الأسلامي . وكان يدعو الى المساواة في نقد الاديان وليس التركيز على الأسلام فقط . والردود جائت من ملحدين ( مسيحيي الولادة) وتحول النقاش من نقاش بين ملحدين حول نقد الاديان الى نقاش بين ( ملحد مسلم وملحد مسيحي ) وكان النقاش يوحي للقاريء ان هناك شعور خفي بالانتماء للأديان التي ولد عليها الملحدين . بل صرح الملحد المسلم انه لا يرى الاسلام الا خرافة لكنه ينتمي للمجتمع الأسلامي وفيه يعيش .
- هل تمكن الملحد من ترك دينه وبقي منتميا لمجتمعه الذي يحمل هوية الدين الذي تركه ؟
- هل هي عادات اجتماعية قهرية ؟ وتعبيرات لغوية أعتادها لسانه منذ الصغر وطبعت في عقله ولا يستطيع تركها؟
- ام انها حاجة نفسية للشعور بالانتماء للمجتمع وعدم النكوص والأنعزال ؟
- ام انها أيمان مخفي ولا شعوري في عقول الملحدين ووجدانهم يظهر بشكل عفوي كلما شعر الملحد بالحاجة الى قوة تشعره بالامان ؟
- وهل يلتزم البعض بالدين لانه يجعلهم يشعرون أنهم جزء من المجتمع ويكتمون ألحادهم الخفي حتى عن نفسهم ؟
التعليقات (0)