مواضيع اليوم

أفكار توطين الفلسطينيين مؤامرة مرفوضة

حسن الطوالبة

2013-01-01 00:00:00

0

نغمة التوطين تعلو وتهبط بين فترة وأخرى حسب تطور الأحداث في المنطقة العربية وفي الساحة الفلسطينية بخاصة. وتوطين اللاجئين حيث يعيشون في الشتات وخاصة في البلدان العربية, هي فكرة يهودية صهيونية، لها سيناريوهات عدة: 1- إحدى هذه السيناريوهات هو توطين اللاجئين في البلدان العربية التي يتواجدون فيها بكثافة أي في الأردن ولبنان وسوريا والعراق. 2- إقامة وطن بديل للفلسطينيين في الأردن، وهو سيناريو تلوكه وسائل الإعلام منذ عقد ثمانينات القرن الماضي. وفي هذا السياق خرجت فكرة تقسيمية عقب احتلال العراق عام 2003م مفادها ضم محافظة الأنبار العراقية إلى الدولة الجديدة التي سوف يعيش فوقها اللاجئون الفلسطينيون. 3- والسيناريو الثالث هو إقامة دولة فيدرالية أو كونفدرالية بين الأردن ودولة فلسطين, وهو ما روج له قبل عدة اسابيع على لسان السيد محمود عباس الذي دعا الفلسطينين للاستعداد لقبول فكرة الكونفدرالية بين الاردن وفلسطين ، أو بالأحرى ما سيتبقى من أرض فلسطين بعد سلخ ما تراه إسرائيل من أراضي الضفة الغربية. ومثل هذا السيناريو نادت بمثله بعض الفصائل الفلسطينية اليسارية إذ نادت بإقامة دولة فلسطينية ديمقراطية تضم (الأردن وفلسطين وإسرائيل).
إن هذه الأفكار التي تصب في خانة واحدة، مصدرها العقل الصهيوني الخبيث الذي سعى منذ القديم إلى إنشاء دولة إسرائيل فوق فلسطين على حساب شعبها الأصلي، وهو الذي يعمل على إثارة الفتن الطائفية والعرقية في البلدان العربية، وما يجري في العراق وسوريه وليبيا واليمن والسودان ليس بعيداً عن العقل اليهودي الصهيوني، وليس بعيداً عن الأصابع الصهيونية ممثلة في الموساد حيث ينتشر أفراده في مدن هذه الدول.
ويمكن القول إن العقل اليهودي الصهيوني كان يدرك منذ قرن من الزمان أن تهجير الفلسطينيين من ديارهم هو من اكبر المشكلات واعقدها التي تواجه مستقبل الدولة اليهودية. إذ ليس معقولاً أن ينسلخ أي مواطن عن أرضه بالقوة ويقبل الوضع الجديد، إذ أن تجارب الأمم والشعوب عبر التاريخ تؤكد عمق الصلة بين المواطنين وأرضهم وبيوتهم. فالأرض والمساكن ترتبط ارتباطاً مباشراً بالمشاعر الإنسانية العاطفية، ففوق الأرض وتحت الأشجار تتكون الذكريات التي يصعب محوها , كما أن الإنسان تتكون لديه ثقافة من خلال قراءة التاريخ والجغرافيا. فالأجيال الفلسطينية التي ولدت خارج أرضها ومساكنها أكثر ارتباطاً بالأرض وبالتاريخ والجغرافيا، الأمر الذي دفعها إلى تنفيذ عمليات استشهادية فوق أرض لا يعرفون تضاريسها إلا من خلال الروايات والصور والذكريات التاريخية للأجداد.
صحيح أن اللاجئين الفلسطينيين يتعايشون مع الواقع المؤلم ، في مناطق الشتات، ويؤمنون بأن أرض العرب للعرب، ولكن الانتماء الوطني ظل مغروساً في ذاتهم، فالوطنية الحقة مترسخة في الذات رغم الإيمان بالعروبة وبالقومية العربية، فالعروبة خيمة كبيرة تستظل تحتها الخيمات الوطنية، ولا تقاطع بينها، إلا في العقول القطرية التي تنشد التميز والانزواء والعيش داخل أسوار قطرية لا تحمي القطر من التحديات العدوانية الخارجية. وعليه فإن فكرة التوطين مرفوضة: 1- من الفلسطينيين أنفسهم، لأن طموحهم هو العودة إلى ارض الأجداد وتنسم هواء البحر، واستعادة الذكريات الغابرة.
2- ومرفوضة من الاحزاب القومية واليسارية في الأقطار العربية، لإيمانها بالحق التاريخي للفلسطينيين في أرضهم , وهو الحق الذي أيدته الشرعية الدولية وخاصة قرار الأمم المتحدة رقم (194) القاضي بحق عودة اللاجئين إلى ديارهم.
وعودة إلى توقيتات طرح فكرة التوطين، فإن العقل الذي يقف وراءها يختار الوقت الملائم نفسياً لدى اللاجئين لطرحها. أي إن الفكرة التي تطرح عقب الأزمات والهزائم والنكسات التي يصاب بها العرب، والتي توحي أن حلم تحرير فلسطين صار بعيداً.
وبين مدة واخرى تعود الفكرة إلى الظهور ، عقب النزاعات المؤلمة التي حدثت داخل الأراضي المحتلة بين الأشقاء ورفاق السلاح بالأمس , وبين الانظمة والفلسطينين كما حدث في العراق وسوريه .
إن الاقتتال بين الفلسطينين من جانب , وبين الانظمة والفلسطينين من جانب اخر . أودى بمئات القتلى والجرحى والمهجرين خارج ديارهم، وهذا الوضع المأساوي زاد من حالة اليأس في نفوس اللاجئين في الشتات، بأن الأمل في العودة صار بعيداً ، وقد اعطى هذا الوضع الصهاينة دفعة أخرى لتكرار سيناريوهات التوطين خارج فلسطين. فاللاجئ الفلسطيني الذي جارت عليه الأيام وقست عليه ظروف المجتمعات العربية التي تعاني هي أيضاً أزمات الفقر والبطالة ، هذا اللاجئ قد يفكر بإيجابية تجاه أفكار التوطين في أي مكان، على أمل العيش في ملاذ آمن اقتصادياً واجتماعياً.
إن الأمر الأكثر إيلاماً هو تفكك الاطراف التي تحمل البندقية , تمسك كل طرف فلسطيني بموقفه ، وادعاءه أنه صاحب الحق، وأن الطرف الآخر يتآمر عليه، وكل طرف يتصل بالصهاينة لمصالح آنية، ورغم كل الاتفاقات ما زالت المصالحة متعثرة , رغم ما حدث قبل اسابيع من احتفال حركة فتح بعيد انطلاقتها في غزة , ومشاركة حركة حماس في هذا الاحتفال . ان الاوضاع الاقليمية والدولية رغم تعقيدها وتشابك المصالح التي تربط اطرافها , فان هذه الاوضاع مهيأة امام الفلسطينين لكي يسيروا قدما في ترسيخ وجود الدولة التي اعترفت بها الجمعية العامة للامم المتحدة في ابلول الماضي , وضرورة العمل سويا على كل المستويات السياسية والجهادية والاعلامية .
ونظرا لاهمية الاعلام فان الواجب القومي يقتضي من كل القوى الوطنية والقومية ان تشدد على وحدة المواقف القومية ازاء تحرير فلسطين , رغم قناعة البعض باستحالة تحقيق هذا الهدف . الا ان مسار التاريخ علمنا ان دولا زالت , وتقسمت دول اخرى , وتوحدت دويلات في دول قوية صار لها شأن في السياسة الدولية .
إن الواجب الوطني والقومي يستلزم من الوطنيين السياسيين والكتاب أن يعمقوا روح الوطنية لدى أبناء فلسطين، وأن حق العودة حق تاريخي مشروع، ولا تنازل عن الأرض والمقدسات، وأن تبقى جذوة المقاومة مشتعلة في النفوس. وأن الترويج لأفكار التوطين والوطن البديل هو إسهام في المخطط الصهيوني الرامي إلى ابتلاع الأرض والسيطرة على المنطقة من خلال المظلة الأمريكية. وأي تفكير في إقامة وطن بديل في الأردن هو مؤامرة يجب قمعها لما فيها من ضرر على الأردنيين وعلى الحق التاريخي للفلسطينيين في العودة إلى وطنهم.
 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !