الحرب في أفغانستان لا زالت لغزا لم أجد لها مبررات مقنعة فتصريحات كبار رجال الجيش الأمريكي والبريطاني تنادي بزيادة القوات الحليفة لتحقيق النصر على طالبان حتى لا تتولى السلطة مرة ثانية في أفغانستان وتكون مصدر إرهاب للغرب كما صرح قائد عسكري بريطاني بأن الهزيمة أمام طالبان سيكون لها خطر نفسي كبير !! على الناتو أوطالبان ؟ . والسؤال هل لطالبان جيش مدرب يستطيع أن يقف في وجه قوى الناتو؟ وإذا كانت هناك جماعات مسلحة كما نسمع فمن يدربها ويزودها بالأسلحة الحديثة الفتاكة في أعالي الجبال ؟ . لا شك أن هناك معارك فصناديق الموتى من جيوش الحلفاء لم تتوقف ولازالت تنقل إلى بلادها تباعا يوميا . ومعني هذا أنه هناك مقاومة يتولاها الشعب الأفغاني وليست طالبان لوحدها . والشعب يمكن السيطرة عليه بالحديد والنار لفترة لكنه يعود قويا حالما تزول قوات الأحتلال . قد تطول الحرب لكن تاريخ المقاومة الشعبية اتبت أن المقاومة الشعبية لا ترتبط بفترة معينة بل تمتد لأجيال . فالأجيال الجديدة ستكون مدفوعة بالأنتقام ومقاومتها أقوى من مقاومة الأباء والأجداد . وخير مثل لذلك الأخوان المسلمين في مصر فعندما قضى عليهم عبد الناصر ظهر جيل جديد من أبنائهم اكبرعددا وإيمانا بحركتهم من أبائهم . ومعنى هذا أن حلف الأطلسي يضحي بالاف من جنوده وامواله ليترك أفغانستان يوما ما وستتوالى اجيال من طالبان من أبنائهم ستكون أقوى وأشرس حبا في الأنتقام . طالبان لم تنشأ لتحقيق هدف خارجي أو الجهاد من أجل الاسلام . المقاومة الطلابية الأفغانية حركة نشأت لمحاربة أمراء الحرب الذين تقاسوا افغانستان بعد نهاية الأحتلال السوفييتي ونشروا فيها الفساد والأستغلال والنزعات القبلية وأفتقد الشعب الأفغاني الأمن والسلام الذي كان يحلم به بعد خروج السوفييت. وعندما بدأت طالبان كانوا قلة من الرجال المؤمنين وسرعان ما تلاحم معهم الشعب وأستقبلوا بالترحيب والعناق وأحتلوا معظم أفغانستان دو مقاومة , وأندمج معهم الشعب . فقد وجد الشعب الأفغاني فيهم منقذا لهم من أمراء الحرب الفاسدين . صحيح نشر طالبان معهم تعاليم إسلامية شديدة وقوانين رجعية لأنهم لم يكونوا يعرفون غيرها . وقد تفهم الشعب الأفغاني غاياتهم ونواياهم لكنه وجد معهم الأمن والسلام والطمأنينة وهي المرحلة الأولى الضرورية لاستقرار أي شعب , أما المشاكل الأخرى وإختلاف الأراء والرؤيا في المشاكل السياسية والأقتصادية والأجتماعية فتحل مع الزمن وفق متطلبات الحياة . لقد مرت الدول العربية والأسلامية بنفس التجربة في اليمن والخليج وكثير من الدول الأسلامية لكن أستقرار الأمن ساعد على تطور التفكير الديني . وما طبقته طالبان من الشريعة الأسلامية لا زالت تطبقه بعض الدول الأسلامية ويتعامل معها الغرب بأحترام وتبادل المنافع . فأين المرأة في السعودية واين القانون وأين حقوق الأنسان والحريات كما يعرفها الغرب في معظم دول العالم العربي والأسلامي إن لم يكن جلها ؟ .فلماذا تستفرد أفغانستان ؟ هل افغانستان خطر على الغرب أكثر من إيران أو الصين أوروسيا أو اليابان ؟ هل تملك أفغانستان جيشا سوى إرادة شعبها . يقول البعض أن طالبان أوت القاعدة وبن لادن , لكن بن لادن جاءها لاجئا هاربا من الملاحقة ومن عادة المسلمين حماية من يلود بهم حتى ولو كان ظالما أو عدوا. رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل من بيت أبي سفيان عدو الأسلام الأول ملادا أمنا للذين حاربوه قبل وأثناء دخول مكة . أما أعوان بن لادن من العرب فقد وجدهم في أفغانستان ولم يأتوا معه, وقد أتى بهم الأمريكان وسلحوهم ودربوهم لأخراج الأتحاد السوفييتي من أفغانستان وفعلا نجحوا . ولا يستطبع الشعب الأفغاني أن ينسى جميلهم في تحرير بلادهم من السوفييت ويسلمهم لحكامهم العرب لقتلهم. كان من الممكن التفاوض مع طالبان لمنع عرب القاعدة من أي نشاط سياسي في أفغانستان بعد تحررها من السوفييت ولكن دول الناتو لم تعطيهم الوقت . مما شجع بن لاندن واعوانه أن يدعوا كذبا بأنهم وراء كل نشاط الجماعات الأسلامية في العالم . والجميع يعرف أن معظم الجماعات الأسلامية لا يربطها تنظيم واحد وإنما هي خلايا محلية موجودة في كل بلاد بها مسلمين . فلم تكن طالبان ولا حتى القاعدة وراء أحداث نيورك ولندن ومدريد بل كانت هذه الأحداث من نتاج خلايا إسلامية محلية نشأت وترعرت وتعلمت في أمريكا وبريطانيا وأسبانيا . مثل هذه الخلايا الأسلامية نشأت في مصر منذ الأربعينات وكذلك في الجزائر ولا زالت تتعايش معها وقد نشطت كل الخلايا المحلية في البلاد العربية دون وجود رابطة تنظيمية بينها قبل وجود بن لادن والقاعدة . إذا كانت الحرب في إيران ضد الأرهاب فالأولى أن يحارب الأرهاب في عقر داره لا بعيدا بألاف الأميال في الجبال في أفغانستان .أما اذا كان وجود بن لادن واعوانه في أفغانستان هو السبب فيجب أن يلام من أتى بهم هناك , ومع هذا كان بالأمكان وقف نشاطهم بالتفاوض مع طالبان , ومن الطبيعي أن تتجاوب طالبان مع الدول الغربية لوقف نشاطهم , فطالبان لا تريد نشاط القاعدة أن يستشري في أفغاستان لان ذلك يهدد إستقلالها ومن تم حكم طالبان نفسه. ولكن تدخل حلف الناتو وإحتلال أفغانستان قوى العلاقة بين طالبان والقاعدة أمام عدو مشترك و بزوال هذا العدو المشترك ستصطدم طالبان مع القاعدة وتضطرهذه الأخيرة إلى طردهم من أفغانستان . لا شك أن هنك اسباب أخرى لحرب أفغانستان غير الأرهاب وهي الموقع الأستراتيجي لأفغانستان والنفط والتواصل مع الدول المستقلة حديثا في جنوب روسيا الأتحادية وهي نفس الأسباب التي التي جعلت الأتحاد السوفييتي يسبق الغرب في إحتلاله لأفغانستان وقد فشل . فهل سيفشل حلف الناتو كذلك ؟ إذا كان هذا هو السبب الحقيقي فلماذا تغطية الحقائق بالغربال على الشعوب .
التعليقات (0)