مواضيع اليوم

أفغانستان: هل تصبح "فيتنام أوباما"!

ممدوح الشيخ

2009-12-02 16:47:52

0

أفغانستان: هل تصبح "فيتنام أوباما"!
خبراء: سيطرة الجهاديين على باكستان يمكن أن تتحول من وهم إلى "هدف ممكن"

ستيفن سايمون: أوباما يعتبر تحويل أفغانستان لدولة ديمقراطية غير واقعي!

بقلم/ ممدوح الشيخ

 

بدأت عبارة: "أفغانستان هي فيتنام أوباما" تلتصق بالرئيس أوباما وبخاصة بعد تصاعد عمليات طالبان ضد الوجود العسكري الأطلسي، ومع أن البنتاغون يقول إن عدد القتلى بأفغانستان يبلغ حتى الآن 669 مع أكثر من 3500 جريح أميركي فإنها تبقى أرقاما لا تقاس بالعراق الذي بلغ عدد القتلى الأميركيين فيه حوالي 4500 والجرحى 18 ألفا. فلماذا الاستمرار في التشاؤم من الحرب الأميركية في فيتنام أوباما أي أفغانستان؟
هناك عودة للتمسك بأكاذيب إدارة بوش بأنه كلما سقطت طائرة فإنها سقطت نتيجة صعوبات تقنية! ورغم سقوط ف15 وطائرات عمودية فإنه لا يجري الاعتراف بقدرات طالبان المتطورة. ويؤكد البنتاغون على استحياء أن هناك عدداً من المقاتلات سقط منها 39 مقاتلة هليكوبتر. يتمثل الهدف الرئيس لأميركا في أفغانستان وباكستان، طبقًا للرئيس أوباما في هزيمة تنظيم القاعدة. ويتصور أن تحقق أميركا هذا الهدف عبر 5 مهام: إرباك الشبكات الإرهابية القادرة على شن هجمات دولية، والترويج لحكومة فعَّالة ومسؤولة في أفغانستان، وتعزيز قوات الأمن الأفغانية بحيث يمكنها الاعتماد على ذاتها، ودفع باكستان نحو السيطرة المدنية عبر حكومة دستورية مستقرة، ودفع المجتمع الدولي للمساعدة في تحقيق هذه الأهداف تحت رعاية الأمم المتحدة.
ويقول ستيفن سايمون الباحث في شؤون الشرق الأوسط بمجلس العلاقات الخارجية الذي كان يعمل في مجلس الأمن القومي الأمريكي بأن أهداف إدارة أوباما أكثر تواضعًا من أهداف سابقتها التي سعت لتحويل أفغانستان لدولة ديمقراطية بغض النظر عمَّا يستغرقه تحقيق ذلك الهدف من وقت، وهو ما رفضه أوباما باعتباره هدفًا غير واقعي، فواشنطن لا يمكنها إعادة بناء أفغانستان لتصبح دولة ديمقراطية. لكن إدارة أوباما تبدي قدرًا أكبر من الالتزام، فبينما كانت إدارة بوش تضع سقفًا لنشر القوات الأميركية في أفغانستان فقد أمر أوباما بإرسال 21 ألف عسكري أمريكي إضافي، وبحلول منتصف عام 2010 سيتم زيادة القوات الأميركية هناك بمقدار الثلث تقريبًا.
حرب صحيحة
الرئيس أوباما أكد خلال حملته الانتخابية أن الحرب على العراق كانت "الحرب الخاطئة" وأن الحرب في أفغانستان ضد تنظيم القاعدة هي "الحرب الصحيحة"، وساد الاعتقاد بأن أفغانستان أصبحت مركزًا للإرهاب العالمي ومصدرًا دائمًا للخطر على أميركا ما لم يتم القضاء على طالبان، ومن كان من المتوقع أن تقترح الإدارة مراجعةَ سياستها بعد 60 يومًا من توليها. وفي الوقت الحالي يتم نقل الاهتمام من العراق لأفغانستان بشكل جيد، وسيتجاوز إجمالي الإنفاق السنوي في أفغانستان قريبًا من العراق (65 مليار دولار لأفغانستان مقابل 61 مليار للعراق في ميزانية العام 2010).
ويدور الجدل حاليا حول ما إذا كانت أفغانستان ستتحول لفيتنام أخرى بالنسبة لأوباما، أم أن سياسة واشنطن تجاه أفغانستان الآن أضحت توازن بين مصالح واشنطن ومواردها. وفي كتاب عنوانه "في مقبرة الإمبراطوريات" وضعه سميث جونز الباحث بمؤسسة راند يستعرض حالات إساءة التقدير والحماقات التي وسمت التحرك الأميركي بأفغانستان حتى الآن مع تأكيد أن سجل واشنطن لا يبشر بالنجاح. كتاب ثانٍ عنوانه "فدائي الصدفة" أعده ديفيد كيلكولين الضابط السابق بالجيش الاسترالي، المستشار حاليا للرئيس اوباما يعرض استراتيجية مكافحة التمرد في أفغانستان لزيادة فرص النجاح الأميركي هناك.
وقم تم تحقيق بعض النجاحات عقب الغزو الأميركي يرجعها جونز لمجموعةِ متميزة من الأشخاص في مواقع المسؤولية، ومن أبرز الأمثلة على ذلك زلماي خليل زاد الذي عين سفيرًا لأميركا بعد ذلك، وهو من مواليد مدينة مزار الشريف وكان لديه التزام شخصي بتحسِينِ الوضع في أفغانستان، كما كانت لديه حساسية بالنسبة للخصوصية الاجتماعية والثقافية لأفغانستان، كما توفرت لديه قدرة وموهبة للعمل مع النظراء العسكريينِ، ومن ثم تمكن من تشكيل فريق عمل ناجح مع الجنرالِ ديفيد بارنو القائد العسكري الأمريكي آنذاك. وقد انتهى هذا الثنائي الناجحِ بسبب حرب العراق. فقد تم تعيين زلماي خليل زاد للعمل في العراق، فيما نقل الجنرالِ ديفيد بارنو للبنتاجون وتم استبدالهما بالسفير رونالد نيومان والجنرال كارل إيكنبري وكان ذلك اختيارًا غير موفق على الإطلاق طبقًا لما يراه جونز.
لماذا نحن في أفغانستان؟
ولا توجد إجابات واضحة عن السؤال القاتل: لماذا لا تزال أميركا متورطة في أفغانستان بهذا الشكل؟ جونز يقول إلى أنه اختار دراسة أفغانستان بسبب أهميتها لأميركا وهو يشير لأمور عاطفية كاشتياق الأفغان للأمن والأمل بعد عقود من الحروب المستمرة، لكنه لا يُفسر سبب حاجة أميركا لمساعدتهم في تحقيق ذلك. أما كيلكولن فيشير لمصالح أميركا والمجتمع الدولي في أفغانستان، لكنه لا يحدد هذه المصالح، أي أنه يؤكد أن أفغانستان تُعد حاليا مسرحًا لمجابهة الإرهاب التكفيري العالمي، وأن باكستان ستكون مركزًًا لهذا الإرهاب في المستقبل المنظور مما يجعل أفغانستان الجبهة الرئيسة في هذا الإطار، لكنه لا يستفيض في توضيح العلاقة بين باكستان والإرهاب العالمي، فضلاً عن إنه إذا كانت باكستان مركز الإرهاب العالمي فإن كون أفغانستان "الجبهة الرئيسة" تبدو فكرة غير مناسبة.
ويرى أنه في ضوء العلاقة الضعيفة بين عدم الاستقرار في أفغانستان من جانب والتهديد الخطير بحدوث حالة من عدم الاستقرار في باكستان، تؤشر إلى أن اللحظة قد حانت للعمل على إنقاذ عمل البعثة الأميركية في أفغانستان، وذلك عبر تبني استراتيجية أضيق نطاقا تركز على بؤر التهديد الفوري على أميركا. ومن ثم، فإن الاهتمام الرئيس يتعلق بالإرهاب، لذا يجب على واشنطن التركيز على التخلص من قيادة تنظيم القاعدة عبر غارات الطائرات بدون طيار.
وهو يُؤكد إمكان تحقيق نصر كامل على القاعدة في باكستان فإدارة أوباما قررت بعد ثالث يوم من تسلم عملها المضي قدمًا في تحقيق ذلك، والنظر لميزانية 2010 يكشف توجهًا لزيادة استعمال الطائرات بدون طيَّار، حيث تتضمن هذه الميزانية طلب إنفاق 79.7 مليون دولار على 792 قذيفة نارية أي ضعف الأرقام الموجودة في ميزانية عام 2009.
وتجدر الإشارة إلى أنه من الصعب الآن على أي مهاجمين دخول أميركا عما كان الحال في 2001، فقد أصبحت نظم الإنذار الأميركية أقوى كما أن المؤسسات الاستخباراتية والتنفيذية أضحت تتشارك المعلومات فيما بينها على نحو أفضل، إلا إن هذا لا يعني أن أميركا أصبحت آمنة بل يعني أن إجراءات مواجهة الهجمات الإرهابية أضحت أكثر فعالية، وهو ما لا يمكن القول بأنه حقيقي بالنسبة للجهود الأميركية لبناء الأمة في أفغانستان.
والاتجاه العام هو لتقليل التوقعات حول فرص نجاح عملية بناء الأمة في أفغانستان، وهناك تأكيد لعدد من الحقائق، منها: أن الأفغان يستاءون من الاحتلال أيًّا كان وأنهم سيظلون يُقاومونه، وأن خصوم أميركا على درجة عالية من المهارة والخبرة، فيما الحكومة الأفغانية فاسدة وتفتقر للثقة من قبل غالبية إن لم يكن كافة الأطراف. وتحقيق النصر في أفغانستان – وفقا لهذه المعطيات – يحتاج بين 5 و10 سنوات على الأقل، وذلك حتى يمكن بناء دولة ومجتمع مدني أفغانيين قويين قادرين على التواجد الفعال في كافة الأراضي الأفغانية.
ومعظم صناع السياسة الأميركيين ما يزالون حتى الآن مغرمين بفكرة "الجنرال الصحيح" أَو الاستراتيجية الصحيحة، وهناك اعتقاد غير مؤكد بأن استراتيجية "الاندفاع" التي اتبعتها أميركا في العراق سيصعب مقاومتها في أفغانستان. ويدحض ذلك تأكيد أن الاختلافات بين العراق وأفغانستان كبيرة، والاستراتيجيات التي كانت فعالة في الأولى لن تكون بالضرورة قابلة للتطبيق في الثانية. فحتى الآن لا يمكن تقسيم الفاعلين في أفغانستان بين قوى الخير والشر، على نحو يمكن استغلاله (كما كان الحال في العراق). كما أن غالبية السكانَ الأفغان ريفيون ومفرقون في أنحاء البلاد؛ فضلاً عن أن تركيب النظام العشائريِ يجعل من غير المحتمل تكوين ائتلافات لمحاربة القاعدة، وأي تحالف يمكن تكوينه في الوقت الحاضر سيكون موجهًا ضد الوجود الأجنبي في البلاد.
تصاعد القومية الباشتونية
وهناك أيضا قدر كبير من الاهتمام بباكستان، وضرورة تركيز صانعي القرار في واشنطن على التعامل معها أكثر من التركيز على عملية إعادة بناء الأمة في أفغانستان. الملمح الرئيس فيها تصاعد القومية الباشتونِية وبروز طالبان في باكستان وهما يرتبطان بالوجود الأميركي في المقام الأول. ورغم أنَّ الأمر يستحق عناء محاولة إقناع القيادةِ الباكستانية بأن طالبان (وليس الهند) هي التهديد الأكبر لبلادهم فإن احتمالات النجاح بهذا الخصوص ليست مضمونة، فمن غير المحتمل إقناع قيادةَ الجيش الباكستاني بأن أفضل طريقِ لحماية مصلحة باكستان الاستراتيجية هي التخلي عن الحلفاء الجهاديين الذين ترجع العلاقة بينهم وبين إسلام آباد لعقود طويلة. وبأنه في أي الأحوال، فإن تأسيس مجموعات من الأفغان داخل باكستان هو ما يشكل الخطر الأكبر على أميركا (وليس وجود طالبان الأفغانية)، وعليه فإن مشروع بناء الأمة في أفغانستان يبدو أمرًا جانبيًّا وغير مهم على نحو كبير.
الحلقة المفرغة
الأخطر ميدانيا في "فيتنام أوباما" أن أميركا تدور حتى الآن في حلقة مفرغة، ففي مواجهة تنظيم القاعدة الذي تستضيفه طالبان، تعمق أميركا تدخلها في أفغانستان وباكستان. أما القاعدة وطالبان فتردان على الوجود الأميركي بأعمال العنف تزعزع الاستقرار، وترد أميركا بزيادة ضغوطها ما يزيد الإصابات بين المدنيين ويكرس حالة عدم الاستقرار العام، ومن ثم يؤدي لإضعاف حكومتي كابول وإسلام آباد، الأمر الذي يُفيد القاعدة وطالبان. وسيتضح بل يتفاقم الأمر بشكل كبير في باكستان إذا لم تتمكن الحكومة من استيعاب مئات آلاف الباكستانيين الذين نزحوا أو هُجروا بسبب حملة وادي سوات.
والقلق بشأن قدرة باكستان على التعامل مع طالبان أمر طبيعي لاسيما أن طالبان مهووسة بفكرة سيطرة الجهاديين على باكستان. وهي فكرة يمكن أن تتحول من وهم لهدف قابل للإنجاز. فالجيش الباكستاني ضخم، وحسن التجهيز ويطِيع الأوامر ولديه جاهزية عالية لخوض الحرب، أما المخابرات الباكستانية، فرغم ميولها المكيافيلية من المحتمل أَن تقوم بإعطاء أو نقل أسلحةَ نووية إلى طالبان. وعليه، فإن واشنطن في تخطيطها للمرحلة المقبلة للسياسة الأميركية في المنطقة، عليها أن تتذكر هذه القيود على طموحات طالبان في باكستان، كما يجب عليها أن تضع في اعتبارها محدودية القدرة الأميركية على إعادة هندسة السياسة والمجتمع في أفغانستان.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !