أغلقوا جامعة الدول العربية.. شفاكم الله وعافاكم.. |
في فيلم "الإرهاب والكباب" ظهر عادل إمام وهو يبحث عن موظف اسمه الأستاذ "مدحت"؛ فقيل له إنه انصرف لقضاء حاجته، فراح عادل إمام يتنقل بين مراحيض "مجمع التحرير" وهو يردد عبارة "يا أستاذ مدحت شفاكم الله وعافاكم".. وأظن أن أحدهم قال له إن "مدحت" شخص مهم يقضي حاجته عادة في المباني الراقية، وهكذا توجه... عادل إمام إلى مبنى كبير فخم، على بوابته يقف حارسان توأم وجرى حوار مضحك.. المهم أن المبنى يوحي بأن مراحيضه بالفعل من النوع الممتاز المناسب لقضاء حاجة الأستاذ "مدحت"... لا أتذكر التفاصيل جيدا، أظن أن عادل إمام قد تكلم مع شخص ذي هيبة، على أنه "مدحت" موظف "مجمع التحرير" وأثنى على اختياراته بينما كان "مدحت" هذا وهو على الأرجح يشتغل على (الحبل الدبلوماسي) يتلقى الثناء بسرور إلى أن تبين له أن "عادل أمام" يتكلم عن "مدحت" آخر في قضية أخرى... وهكذا طردَ الحراس عادل إمام من المبنى الفخم ذي المراحيض فائقة الجودة.. إنه مقر جامعة الدول العربية. الذين كانوا يزورون مصر يعرفون جيدا شارع الجامعة العربية، ويعرفون لماذا يتمسك الأشقاء العرب ببقاء الجامعة هناك؛ إنه أنسب مكان لقضاء الحاجة.. الحاجة بكل أنواعها. هل تسمعون بسلعة ذات رواج كبير مكتوب على أغلفتها (فتيات جامعة الدول العربية)؟ إنهن من النوع الذي يسهل صيدهن وجرهن فيما بعد إلى شقق مفروشة في الشارع؛ نظيفة، مرتبة ومجهزة بالأوقية الذكرية والسجائر والفودكا القوية جدا… وعندما لا تعجبك (السلعة) التي حصلت عليها بمجهودك الخاص وأنت معروف بثقافتك ذات الدفع الرباعي (Hummer)، يمكنك أن تتصل بأقرب محل لبيع أي شيء لأي كان في أي وقت كان، المهم الدفع 50 بالمئة زيادة؛ دعما لمشاريع تطوير شارع جامعة الدول العربية. في الواقع لست مجبرا على الاتصال ولا بطلا، إذ يمكنك فقط أن تشير لتجد 100 لبيب يفتح لك طريق الالتحاق بأحلكِ الرّغبات في موطن السّكتات الدّماغية... الدانتيل الأحمر المشرشف... طيات اللحم الأبيض المتوسط.. خلجان الأفخاذ الطويلة، الأحذية البلاستيكية تحت الجلابيب.. الأفاعي تتأود على الحرير… ذلك هو شارع جامعة الدول العربية... مدارس لتعريب المتعة وقومجة السفالات.. حتى أن المواطنات المصريات من العائلات المحترمة صرن يتحاشين المرور في هذا الشارع لأن آلة البيع لا تفرق بين هذه وتلك.. أغلقوا شارع الجامعة العربية... أغلقوا الجامعة العربية... أغلقوا ضجيج آلات البيع... أغلقوا البيع.. أغلقوا بيانات الاستنكار.. إنكار.. إنكار... أغلقوا بيانات الثناء والمديح... أغلقوا المدح.. أغلقوا الأستاذ "مدحت"... شفاكم الله وعافاكم.. أغلقوا المراحيض.. التي تقضي حاجتها فينا... صباح مساء... ساء.. ساء... أغلقوا سوءاتكم... تكم.. تكم.. وانصرفوا... علي مغازي: شاعر وكاتب صحفي/ الجزائر |
التعليقات (0)