أعمدة الحكمة السبعة
بقلم د/صديق الحكيم
فاتحة القول: في هذا الصباح المشرق من أيام شهر رمضان المبارك وجدت نفسي أقف وقفة تأمل للحكمة الصينية الشهيرة "أن تضئ شمعة خيرا من أن تلعن الظلام "ووجدت أنني وقد لعنت الظلام فيما مضي كثيرا دون أن ألتفت إلي عمل إيجابي مفيد للناس وأقله إضاءة شمعة وسألت ومانوع الشمعة التي يمكن أن يضيئها أمثالي ممن لايملكون سوي القلم فوجدت أن شمعتي هي كتاب أدل الناس عليه لأمرين الأول أننا أمة اقرأ والثاني لأن القراءة أصل المعرفة التي هي أساس أي تقدم منشود لمصرنا الحبيبة التي نريدها قوية تحقق نهضتها بسواعد أبناءها وعقولهم
لذا جاءت فكرة هذه السلسلة من (الشموع المضيئة) والتي سنتناول في كل حلقة منها أحد الكتب دون التقيد بموضوع معين ربما دينية أو أدبية أوتاريخية أوغيرها واليوم حديثنا عن كتاب (أعمدة الحكمة السبعة )
هوكتاب صدر في عام 1922 وضع فيه لورنس العرب خلاصة تجربته السياسة في إدارة أنظمة دول الشرق الأوسط بعد سقوط الدولة العثمانية، وساهم في قيام الثورة العربية الكبرى.
وهذا كتاب فريد من نوعه حول تاريخ الجزيرة العربية وهو من تأليف الضابط الإنجليزي توماس إدوارد لورنس أو كما يعرفه الكثير من الناس بلورنس العرب وكما يعلم الجميع، فإن هذه الشخصية التاريخية الاستشراقية التي دخلت إلى ثقافتنا وأثرت بها بشكل كبير، كانت عبارة عن رحلة رجل إنجليزي داخل الصحراء العربية، أثناء الحرب العالمية الأولى (1914-1918) لكنها لم تكن رحلة رجل عادي، بل هي مسيرة رجل في مهمة لتجنيد القبائل العربية ضد الدولة العثمانية.
و هذا الكتاب عبارة عن سيرة ذاتية للورنس، خاصة المرحلة الخاصة من حياته التي قضاها مع البدو، والمعارك التي خاضها إلى جانب الملك فيصل بن الحسين (ملك سوريا ثم ملك العراق وابن الشريف حسين شريف مكة) وفلسفته في الحياة بعد هذه التجربة التي حولته إلى إنسان غير عادي.
وقد تم تحويل هذا الكتاب إلى فيلم من بطولة بيتر اوتول، وعمر الشريف، وأنتوني كوين. وحقق نجاحا باهرا. لكن يظل الكتاب يحمل فلسفة عميقة ما زالت تسحر كل من يقرأه.فعلى سبيل المثال، تحدث لورنس عن الشخصية العربية، وكيف استطاع أن يحول القبائل المتناحرة، التي لا تدين لأحد أبدا، لتقف صفا واحدا مع الإنجليز ضد الأتراك. وقد قال عبارة أظنها هي الأصدق في وصف الروح العربية، حيث قال أن العربي حين يصدق بك ويؤمن برسالتك، سوف يتبعك إلى أقاصي الدنيا، ولو بذل في ذلك حياته
.قالوا عن الكتاب
وأفضل تحليل لهذا الكتاب، للكاتب الإنجليزي كولن ولسون، في كتابه "اللا منتمي"، حيث تحدث بإسهاب عن المعاناة الروحية التي كان يمر بها لورنس، وكيف أن هذه المعاناة هي التي قادته ليصبح شخصية أسطورية خلدها التاريخ.إن شخصية الكاتب مثيرة للجدل، يستحق الإطلاع.
قال عنه فيلادز "إنه كتاب كان وسيظل قمة للكتب والأدب الكلاسيكي"
ومع ذلك فيجب قراءة هذا الكتاب ببعض الحذر فقد قال عنه ونستون تشرشل"ليس هناك في هذا الكتاب من أثر بالغ...كل ما فيه مبالغ فيه وشخصي وقد كتب في ظروف لا يستطيع الإنسان -كما يبدو- أن يعيشها.. ولكن لورنس كان على أية حال رجلا"
وقد قال لورنس نفسه عن الكتاب "لقد بدأت كتابة مذكراتي لأكشف القناع عن حقيقة القصص والأشياء ولأقنع العرب القلائل الذين يعرفون مثلما أعرف, وفي هذا الكتاب أيضا عنيت للمرة الأخيره أن أسجل حكمي الخاص على ما يجب أن يقال"
وقال أيضا لأحد أصدقائه: "إن كتابي بني على أكاذيب ولأنني قد أصبحت بطلا أسطوريا فقد كان من الضروري أن أعيش هذه الأسطورة"
وبعث لصديقه إدوارد جارنت قائلا: "إن همي أن أؤلف كتابا ممتازا" وبع أن انتهى من كتابته بعث إليه يقول:
"إن كتابي مهزلة لا تستحق أن تقرأ..فإذا أردت أن ترى بعينك كيف تشوه الأفكار الجميلة والمادة الرائعة فارجع إلى أي صفحة من صفحات الكتاب, إنني لا أعتقد بأن هناك أي ناشر في فليث ستريت يرضى حتى بأن يحرق الكتاب فكيف بحق السماء تعتقد بأني قد جئت بعمل ممتاز"
خاتمة القول :وبهذا سيظل هذا الكتاب مسار جدل تماما مثل صاحبه
وهذا رابط الكتاب لتنزيله مباشرة لمن أراد الاطلاع عليه
http://www.waqfeya.com/book.php?bid=2764
والله من وراء القصد
الشموع المضيئة(1)
التعليقات (0)