بشر الحافى :
بشر الحافي هو بشر بن الحارث بن عبد الرحمن بن عطاء بن هلال بن ماهان بن عبد الله المروزي أبو نصر، المعروف بالحافي،الإمام العالم المحدث الزاهد الرباني القدوة ، شيخ الإسلام
أحد أعلام التصوف في القرن الثالث الهجري[1].
ولد سنة 152 هـ في بغداد وعاش فيها، وصحب الفضيل بن عياض(2)
قصة توبته :
كان في بداية حياته لاهيًا لاعبًا، وكان سبب توبته أنه وجد رقعة فيها اسم الله عز وجل في أتون حمام فرفعها ورفع طرفه إلى السماء وقال: سيدي اسمك ههنا ملقى يداس! ثم ذهب إلى عطار وطيبها وحفظها، فأحيا الله قلبه[3]. وقيل أنه كان يقام في منزله مجلس لهو وغناء وخرجت جاريه من المنزل فرات الامام موسى بن جعفر الكاظم فسألها مولاك عبد ام حر قالت :بل حر فقال صدقت لو كان عبدا لله لاستحى واكمل سيره فدخلت الجاريه واخبرت بشرا فالقى ما في يده وخرج حاسر الرأس حافي القدمين يطلب الامام الكاظم يطلب العذر ويعلن توبته.
ليس تابعياً، وإنما هو في الطبقات التي جاءت بعد التابعين، وقد وردت ترجمته في كتب التراجم والرجال، وننقل لك منها ما أورده ابن كثير في البداية والنهاية، حيث قال: هو بشر بن الحارث بن عبد الرحمن بن عطاء بن هلال بن ماهان بن عبد الله المروزي أبو نصر الزاهد المعروف بالحافي. نزل بغداد. قال ابن خلكان: وكان اسم جده عبد الله الغيور، أسلم على يدي علي بن أبي طالب قلت: وكان مولده ببغداد سنة خمسين ومائة، وسمع بها شيئاً كثيراً من حماد بن زيد وعبد الله بن المبارك وابن مهدي وأبي بكر بن عياش وغيرهم، وعنه جماعة منهم: أبو خيثمة وزهير بن حرب وسري السقطي والعباس بن عبد العظيم ومحمد بن حاتم. قال محمد بن سعيد: سمع بشر كثيراً ثم اشتغل بالعبادة واعتزل الناس ولم يحدث، وقد أثنى عليه غير واحد من الأئمة في عبادته وزهادته وورعه ونسكه وتقشفه.
ثناء العلماء عليه
قال إلإمام أحمد بن حنبل يوم بلغه موته: لم يكن له نظير إلا عامر بن عبد قيس ولو تزوج لتم أمره، وفي رواية عنه أنه قال: ما ترك بعده مثله، وقال إبراهيم الحربي: ما أخرجت بغداد أتم عقلاً منه، ولا أحفظ للسانه منه، ما عرف له غيبة مسلم، وكان في كل شعرة منه عقل ولو قسم عقله على أهل بغداد لصاروا عقلاء وما نقص من عقله شيء، وذكر غير واحد أن بشرا كان شاطراً في بدء أمره، وأن سبب توبته أنه وجد رقعة فيها اسم الله عز وجل في أتون حمام فرفعها ورفع طرفه إلى السماء وقال: سيدي اسمك ههنا ملقى يداس ثم ذهب إلى عطار فاشترى بدرهم غالية وضمخ تلك الرقعة منها ووضعها حيث لا تنال، فأحيا الله قلبه وألهمه رشده وصار إلى ما صار إليه من العبادة والزهادة.
وقال عنه أيضا :
وقيل لأحمد : مات بشر . قال : مات والله وما له نظير ، إلا عامر بن عبد قيس ، فإن عامرا مات ولم يترك شيئا . ثم قال أحمد : لو تزوج ! .
قال محمد بن عبد الوهاب الفراء : حدثنا علي بن عثام ، قال : أقام بشر بن الحارث بعبادان يشرب ماء البحر ، ولا يشرب من حياض السلطان ، حتى أضر بجوفه ، ورجع إلى أخته وجعا ، وكان يعمل المغازل ويبيعها ، فذاك كسبه
وقال يعقوب بن بختان : سمعت بشر بن الحارث يقول : لا أعلم أفضل من طلب الحديث لمن اتقى الله ، وحسنت نيته فيه ، وأما أنا ، فأستغفر الله من طلبه ، ومن كل خطوة خطوت فيه .
قال إبراهيم الحربي : لو قسم عقل بشر على أهل بغداد ، صاروا عقلاء .
قلت : قد روى لبشر أبو عبد الرحمن النسائي في " مسند علي " .
وقال السلمي : كان بشر من أولاد الرؤساء ، فصحب الفضيل ، [ ص: 475 ] سألت الدارقطني عنه ، فقال : زاهد جبل ثقة ، ليس يروي إلا حديثا صحيحا .
وقد أفرد ابن الجوزي مناقبه في كتاب .
من كلامه :
قد يكون الرجل مرائيا بعد موته ، يحب أن يكثر الخلق في جنازته
لا تجد حلاوة العبادة حتى تجعل بينك وبين الشهوات سدا .
شاطر سخي أحب إلى الله من صوفي بخيل
المتقلب في جوعه كالمتشحط في دمه في سبيل الله
ما اتقى الله من أحب الشهرة
لا تعمل لتذكر ، اكتم الحسنة كما تكتم السيئة .
ليس أحد يحب الدنيا إلا لم يحب الموت ، ومن زهد فيها ، أحب لقاء مولاه
أخبرنا أبو محمد بن علوان ، أخبرنا الإمام موفق الدين عبد الله بن أحمد سنة إحدى عشرة وستمائة ، قال : حدثني ابني أبو المجد عيسى ، أخبرنا أبو طاهر بن المعطوش ، أخبرنا أبو الغنائم محمد بن محمد ، أخبرنا أبو إسحاق البرمكي ، أخبرنا عبيد الله بن عبد الرحمن الزهري ، حدثني حمزة بن الحسين البزاز ، حدثنا عبد الله بن محمد بن عبيد ، حدثني حمزة بن دهقان ، قال : قلت لبشر بن الحارث : أحب أن أخلو معك . قال : إذا شئت فيكون يوما . فرأيته قد دخل قبة ، فصلى فيها أربع ركعات لا أحسن أصلي مثلها ، فسمعته يقول في سجوده : اللهم إنك تعلم فوق عرشك أن الذل أحب إلي من الشرف ، اللهم إنك تعلم فوق عرشك أن الفقر أحب إلي من الغنى ، اللهم إنك تعلم فوق عرشك أني لا أوثر على حبك شيئا . فلما سمعته ، أخذني الشهيق والبكاء ، فقال : اللهم أنت تعلم أني لو أعلم أن هذا هاهنا ، لم أتكلم .
قال : قال رجل لبشر وأنا حاضر : إن هذا الرجل - يعني أحمد بن حنبل - قيل له : أليس الله قديما وكل شيء دونه مخلوق ؟ قال : فما ترك بشر الرجل يتكلم حتى قال : لا ، كل شيء مخلوق إلا القرآن
من أحب الدنيا فليتهيأ للذل، وكان بشر يأكل الخبز وحده فقيل له: أما لك أدم؟ فقال: بلى أذكر العافية فأجعلها أدماً. وكان
لا يلبس نعلا بل يمشي حافياً فجاء يوماً إلى باب فطرقه فقيل من ذا؟ فقال: بشر الحافي، فقالت له جارية صغيرة: لو اشترى نعلاً بدرهم لذهب عنه اسم الحافي. قالوا: وكان سبب تركه النعل أنه جاء مرة إلى حذاء فطلب منه شراكاً لنعله فقال: ما أكثر كلفتكم يا فقراء على الناس فطرح النعل من يده وخلع الأخرى من رجله وحلف لا يلبس نعلا أبداً.
وفاته :
توفي بشر الحافي في بغداد يوم 10 محرم سنة 227 هـ[1]. ولما مات كانت جنازته حافلة جدًا حتى أنه أخرج من بيته بعد صلاة الفجر، فلم يوضع في قبره إلا بعد صلاة العشاء. وقد رآه بعضهم في المنام فقال: ما فعل الله بك؟ فقال: غفر لي ولكل من أحبني إلى يوم القيامة
قال ابن خلكان: وكانت وفاته يوم عاشوراء وقيل في رمضان ببغداد وقيل بمرو سنة سبع وعشرين ومائتين. قلت: الصحيح ببغداد في هذه السنة وقيل في سنة ست وعشرين، والأول أصح والله أعلم.
وحين مات اجتمع في جنازته أهل بغداد عن بكرة أبيهم فأخرج بعد صلاة الفجر فلم يستقر في قبره إلا بعد العتمة، وكان علي المدائني وغيره من أئمة الحديث يصيح بأعلى صوته في الجنازة هذا والله شرف الدنيا قبل شرف الآخرة، وقد روي أن الجن كانت تنوح عليه في بيته الذي كان يسكنه، وقد رآه بعضهم في المنام فقال: ما فعل الله بك، فقال: غفر لي ولكل من أحبني إلى يوم القيامة.
منقول من سير أعلام النبلاء للإمام الذهبى
والبداية والنهاية لإبن كثير
التعليقات (0)