أعدموا الإعدام.
تتوجه أنظار المهتمين بالشأن الحقوقي هذه الأيام إلى إيران. حيث تناقلت التقارير الصحفية خبر عزم السلطات القضائية هناك تنفيذ حكم الإعدام في سيدة إيرانية تبلغ 43 عاما كان قد صدر في حقها منذ سنة 2006.
سكينة أحمدي أشتياني كانت قد أدينت قبل أربع سنوات من طرف لجنة قضائية في تبريز بتهمة الزنا، وحكمت عليها بالجلد 99 مرة. وتم تنفيذ الحكم فعليا. لكن المحكمة أعادت النظر في الحكم بعد ذلك. وتوجهت للمرأة بتهمة بالزنا و هي في ذمة زوجها، لذلك قضت المحكمة بإعدامها رجما بالحجارة رغم غياب أدلة ثابتة على تلك الجريمة. و هو الحكم الذي أقرته المحكمة العليا سنة 2007 في الإستئناف الذي كانت قد تقدمت به السيدة " سكينة ". ومنذ ذلك الحين مازالت هذه المرأة تنتظر مصيرها في كل لحظة.
الخبر الذي نشرته وسائل الإعلام الدولية أثار موجة من ردود الفعل و خصوصا عند الجمعيات الحقوقية. لكن الحساسية في موضوع إعدام هذه السيدة لا تتعلق بالإعدام في حد ذاته، وإنما بالوسيلة التي يفترض أن ينفذ بها الحكم. فالإعدام رجما بالحجارة سلوك يدل على عقلية حاقدة و متشددة و لا تعرف الرحمة. فكيف يمكن أن نتصور شخصا يقف و سط حشد من الناس و هو يستقبل و ابلا من الحجارة التي لن تتوقف عن الهطول على جسمه إلا إذا سقط جثة هامدة.؟؟. ورغم نفي السلطات الإيرانية نيتها في تنفيذ الإعدام بهذه الطريقة، فإن طبيعة النظام في إيران، والتشدد المرتبط بمسألة " الحدود الشرعية " تجعل مسألة التنفيذ بهذا الأسلوب واردة جدا.
مازالت كثير من دول العالم تطبق أحكام الإعدام و تنفذها بالرغم من المجهودات المكثفة للتوجه إلى إلغاء هذه العقوبة في القوانين الجنائية. و تبذل منظمة العفو الدولية مجهودات جبارة في هذا الإطار، لكن مجموعة من العوامل الذاتية و الموضوعية تحول دون الوصول إلى إجماع دولي حول إلغاء العقوبة. و يحضر الدين الإسلامي كعامل بارز في هذا الشأن، لأن كل الدول الإسلامية تجد حرجا في إلغاء الإعدام لأن ذلك يتعارض مع التشريع الديني ( القصاص). و من هنا تأتي خطورة المسألة، حيث يمكن أن يصبح الإعدام وسيلة قتل و تنكيل ضد الأفراد تحت ذريعة تطبيق الحدود إذا نجحت التيارات الدينية المتشددة في الوصول إلى السلطة في العالم الإسلامي.
إن أحكام الإعدام ليست و قفا على الدول الإسلامية وحدها، لكن مصدر القلق الأكبر بصدد هذا الموضوع يأتي من هذه الدول. ونحن نعلم أن رجال الدين هم أكثر المتشددين بخصوص هذه المسألة، ونظرا للحضور الوازن للدين في القرار السياسي لعدد من الدول الإسلامية، فإن الأمل في إلغاء هذه العقوبة بشكل تام مازال بعيدا. لكن عدم تنفيذ هذه الأحكام و تحويلها إلى السجن المؤبد يعتبر في الواقع خطوة في الإتجاه الصحيح في انتظار إعدام الإعدام. محمد مغوتي.12/07/2010.
التعليقات (0)