أظن أن الحالة وصلت إلى حد لا يسكت عنه ، والنفق الذي نلج فيه تضاءلت أنواره واختزلت حتى لا نكاد نرى بصيص النور ، والبركان يغلى والقضية في تفاقم ، والله المستعان .
الغلاء الذي ينتشر هنا وهناك أصبح لا يطاق، ولا يستثني شيئا البتة، ولا أنكر أن الفرد العربي… فرد صابر صبر الجمال في صحراء الله، تعود على ضرب المطارق، وألف العيش بين المطرقة والسندان.. يعلل الأمر بالإيمان بالقضاء والقدر .. وكله قضاء الله وقدره .
لكن أن تصل الأمور ببساطة إلى لقمة العيش فهذا خط أحمر…
فلو ارتفع سعر الوقود.. أمر عادي .. نرجع إلى عصر الجمال والخيول . ولو ارتفع سعر الغاز.. لا بأس.. نطبخ على الحطب .
حتى الكهرباء .. لها بديل عندنا في القنديل الزيتي .
والأمر سيان في ارتفاع سعر الملابس والمساكن والأدوات الكهربائية والحاجات الاستهلاكية ومستلزمات ا لمدارس .
لكن ما لا أقدر أن أستوعبه أن يأتي اليوم الذي يستغني فيه الفرد العربي عن البرياني والمندي .
أرجوكم إن البرياني والمندي خط أحمر لا أستطيع أن أمر عليه مرور الكرام .
ارتفع سعر الأرز عالميا ومعه ارتفع سعر الأرز محليا، فهل سيأتي اليوم الذي يقال فيه فقد الأرز…. ومعه نفقد البرياني والمندي … هذا أمر لا يحتمل !!
حسب الإحصائيات العالمية: فإن العالم ينتج حوالي 500 مليون طن من الأرز، والصين والهند وحدهما يستهلكان 250 مليون طن. وبالحسبة البسيطة نجد أن هاتان الدولتان هما العدو المباشر للبرياني والمندي .
يا لعجب هاتان الدولتان لقد غزتنا غزوا عميقا ومن الداخل.
فبعد انتشار البضائع الصينية انتشار رائحة سجائر الزوج في أنف وملابس الزوجة ، وتحول ( الصنايعي ) العربي إلى تاجر ومروج للبضائع الصينية ، وبعد أن أصبح بين كل هندي وهندي .. هندي ثالث ، حتى بات هناك مناطق سكنية بالكامل تقع تحت وطأة اللغة الأردية ولا تخضع إلا لمنطق كيرلا وحيدر أباد ، وفاق عددهم سكان بعض الدول التي يقطنون فيها أضعافا وأضعافا .
وبعد أن استولت هاتان الدولتان على الأيدي العاملة وعلى معظم حاجاتنا الأساسية الاستهلاكية وتوغلت في ثقافتنا المحكية وخلفيتها الشرائية .
بعد كل هذا وذاك يأتي الآن الخبر بأن هاتان الدولتان تريدان أن تستوليان على قوت يومنا وسحب شعبية المندي والبرياني من بين أيدينا ؟!
ومادام الأمر يسير بهذه الطريقة فقد نصل إلى نتائج لا تحمد عقباها.
ومن موقعي الحساس ( كمنظر ) على كافة المستويات يجب أن أجد حلا جذريا لهذه المعضلة.
فإما أن تغزو ثقافة الهامبورغر الأسواق الشعبية الهندية والصينية ، أو أن تتحول عربات الوجبات السريعة المنتشرة في طرقات بومباي وشنغهاي إلى وجبات السوشي والسباغتي والبابيا والبيتزا .
هذا بنظري هو الحل الوحيد للإبقاء على شعبية المندي والبرياني هنا .
التعليقات (0)