فتحت عيناها بعد غفوة يأس، نظرت ذات مساء في مرآة التاريخ المزور، وجدت شعرها قد ابيض بشيب المحن و تجاعيد الأشكال النضالية قد بدأت ترتسم على وجهها الشاحب المنهوك بشعارات الأمس..تهاطلت ثلة من الأسئلة على مخيلتها المتقاعدة عن الحركة في صفوف التحرير... " من وضعني هنا رهينة الصمت؟ كيف أصبحت لا أتقن الكلام؟ من سرق لساني؟ كيف أصبحت لا أجيد الصراخ؟ من اختلس حلقي؟ آهاتي؟..كيف لم أعد احترف التصفيق؟ من لطخ يداي بطين الانبطاح؟ كيف آليت لهذا الوضع؟ صرخت بقوة الصمت المكبل في خنادق التقدمية.." أطلقوا سراحي أطلقوا سراحي" كيف و أنا من اخترع معارك النضال؟ كيف ؟ وأنا من زرع صرخة الأجيال؟ كيف؟ وأنا من علمت الطير التحليق عاليا بلا قيد أو شرط؟ كيف؟ كيف؟ كيف؟ ..من جردني من ذاتي الصامدة؟ من عزتي ووقاري الشامخ؟ ..فلست أنا من تصمت لست أنا من تبكي..كيف أصبحت الدموع على مشارف جفوني ومقلتاي تدمعان طيلة النهار..لماذا تركت الجبناء يشعلون في قلبي فتيل النار؟ لماذا تركتهم يضعون اسمي على مأدبة غيبتهم القذرة كوجوههم..تبا لهم مادرسوا كيف يتعامل مع مناضلة من الطراز النادر...لكن ماذا ؟ هل سأكفر بحسن الظن و اغتال كل إحساس جميل يراودني تجاه هؤلاء..لكني لم أكن يوما قاسية وان نعت بها ظلما وطغيانا ..هاهي ذي الدموع ترغب في الانهمار ...على ما ستنهمرين يا جبانة ؟ تريدينني أن ارتاح؟ لا لا تكذبي ..لم تريحيني يوما، لن تنالي مني ..أنا لا أحب البكاء..لا أحبه..تأففت و جلست على أريكة المتاهة..ثم واصلت أسئلتها التي لا ترحم ....ما كل هذا الملل الذي يجتاح مملكتي ويسلخ جلد طموحي ؟ من أين تسللت أنت؟ كم مرة وعدت نفسي أن لا أترك نافذة الأوهام و الشيطان مفتوحة ودائما أنساها..و ها أنت دخلت يا ملل من جديد إلى غرفة أحلامي الربيعية..عدت من جديد لتفعل فعلتك بي..أرديتني جثة هامدة و قلبا ينبض بعذابات الخونة..سحقا لهم وسحقا لهذا القلب الكافر بالمنطق..قطعة اللحم هاته التي لا تحفظ دروس الأيام..آه منك يا عقلي الرزين، كم أنت مصيب دائما ،لكن ما عساي افعل مع هذا القلب المغفل ؟ مع هذه الذات المنخورة بالوفاء..آه يا وفاء لم يبقى منك سوى الاسم..فأنا أيضا اغتلتك ذات مساء..وهل تصدق أني لم أعد أجيد ترديد الشعارات و لا بتلك الوقفة الأسدية المرهبة ...يبدوا أن الهموم و لعنة هؤلاء القوم تتبعني أينما ارتحلت!!!!!!!!!!!!!
التعليقات (0)