الناس نشطون،فرحون و حيويون؛لأن السنة الميلادية يطل رأسها على مقربة من بضع سويعات.مررت من ساحة جامع الفنا؛لا أكاد أمر إلا بمشقة و جهد كبيرين لأن الساحة مليئة بالناس المتأهبين للتحول من زمن افتراضي إلى زمن افتراضي آخر.و لكن هل يجدر بنا كمسلمين التنازل عن قيمنا المحافظة للنزال داخل حلبات ثقافية لا تهمنا في شيء؟
أجساد نسائية شبه عارية ،تضاريسها رهن الإشارة البصرية ؛يستوي في هذا الأجانب و المحليون.إن العراء الذي استأنسنا به ربما هو الذي جعلنا في ألفة مع أنواع جديدة من العراء سواء العراء الفكري أو الثقافي أو النفسي...
التقطت أذناي مصطلحات تدخل في سياق الاحتفال السنوي المرتقب؛أحد الأجانب كان في عجلة من أمرة و كان يتحدث في الهاتف و يردد بلغته الأجنبية : موزيسيان ..لي موزيسيان...
آخر كان ضمن زمرة من مرافقيه يتحدث هو أيضا في الهاتف و يردد بنبرة إما إيطالية أو إسبانية :...ديسكوتيك..
بحكم علاقتي المعيشية اليومية بساحة جامع الفنا كانت لدي القدرة على الفرز بين الصالح و الطالح أو بالأخص بين الشاذ و السوي؛الزوار ليسوا كلهم يزورون المدينة الحمراء للسياحة السوية و إنما هناك زوار يبحثون عن المتعة المريضة.ليس بمقدور الناس المحافظين أن يتدخلوا في أمر هذه الإسقاطات الجنسية البهيمية و لكنهم بالكاد يعزلون أنفسهم داخل سوق رأسهم لئلا يسمعوا ما لا يعجبهم؛لما يتدخل أحدهم في هذا الشذوذ ينصح بأن يلتزم حدوده لأنه كمن يبحث عن –جوا منجل و شاشية للعجل-
و سياح محليون أو أجانب يصوبون كاميراتهم على أهداف لا يعلمونها إلا هم متطفلين على حرمات و أعراض الناس ...
قضيت أغراضي فلما مررت من الساحة من جديد و كان موعد التاريخ الافتراضي قد اقترب لاحظت ارتفاع التأهب للنعرة الاحتفالية و كانت الأجساد العارية لازالت سارية المفعول و كأني بها أكباش الأضحية التي ستنحر على موعد تمام منتصف الليل..
تقدم الليل قليلا...توقفت أمام مربض الحافلات أنتظر الحافلة وسط الزحام.هذا الأخير رغم حدته فإن مظاهر أضحية العيد المنتصف الليلي في تأجج.أرغمت على الحياد لأفسح المجال لمرور هذا و ذاك ...
توقفت الحافلة مثل الهلال ليلة العيد و اضطررت إلى تجنب الزحام حتى لا تسرق حافظتي كما حدث لي سابقا.انطلقت الحافلة في وضعيتها المكرية المفرية مثل الفرس المحزوزة القفا..كان بإمكاني تحمل غرائب الحافلات و الناس و لكن ليس بإمكاني تحمل انبعاث روائح الخمر المتعفن المنبعثة من بعض الركاب....
تذكرت حوارا مع أحد الأصدقاء الذي كان متحمسا لمشاركة المسيحيين في احتفالهم تحت دافع التسامح كما كان يردد.....و قلت مع نفسي:طيب؛ فعلى هذا الأساس من المشروط علينا أن نخلع ملابسنا لنعبر على تسامحنا...
التعليقات (0)