ــــــــ
نذير حبش
28-11- أصل اللغة
بعد قراءتي مصادفة لمقال الأستاذ (حسين علوان حسين) المعنون (رد على د. مجدي عزالدين حسن : الإعتباطية و القصدية في اللغة/ 2) (الرابط 1) ، قلت في نفسي أما العالم العربي يجهلني أو يتجاهلني ! وأنا شخصياً أيضاً لا أنشر في كل المواقع. أحب التخصص والواقع أن كل المواقع تنشر في كل الإتجاهات وأنا في السياسية (عراقي مستقل) ، والمستقل لا تعني المحايد ، إذ صفة "عراقي" تعني الكثير الكثير. مهما يكن الأمر فسوف أعرّف بنظريتي في (الجذر والدلالة) ، التي أعتبرتها ـ فلم أجد أحد سبقني إلى ذلك ـ الأولى في التاريخ التي أسست لمعنى (جذرٌ) و (دلالته) في آخر بنية لغوية واحدة لا يمكن تجزءتها أكثر ـ ألجزء الذي لا يتجزأ ـ جذور أحادية وثنائية الصوت ، بعدها لم أجد أكثر من ذلك في رحلة تفكيكي للغة.
وكذلك أن أسم الأستاذ (حسين علوان) سبق وأن انتبهت إليه حين قرأت له (ألصراع في ملحمة كلكامش: قراءة في جدلية الملحمة) الرابط (2). إذ أنا كنت قد طرحت الفكرة في مقالاتي بعد صدور منهجي في حزيران 2007 ، كتفكيكي في الطبعة الأولى وتحليلياً (لغوياً) لقصة (قايين وهابيل) على اعتبار أنها صراع بين طبقة الفلاحين والرعاة. وأيضاً كيف كلكامش يمثل مرحلة الفوهو (البدل) وكذلك الرأسمالية مقابل أنكيدو الذي يمثل المشاعة والبداوة الذي يمنع من أن يحتكم المتمدن على الثروة الحيوانية وأمور أخرى.
وكنت قد بدأت بقراءة وتحليل الملحمة بكاملها بعد أن حصلت على نصها للعلامة طه باقر ـ مازال موجود قسم من المقال الذي كنت بدأته ـ فتركته لأنه قد احترقت فكرته.
كثير من أراء الفلاسفة والعلماء قد سقطت بعد ظهور نظريتي وأصبحت قسم منها لا تجدي. أفلاطون والفارابي وسوسير وغيرهم في موضوع اعتباطية اللغة ، والسبب ببساطة لأنني تتبعت نشوء لغتنا الرافدينية الأم واشكالها المهاجرة ووصلت إلى العناصر الأساسية لها ، وكيف نشأت "قبل" أن توجد ، وهكذا أسست لأول مرة في التاريخ علم الجذر والدلالة بشكله الحقيقي ، وهذا القول لا يدل على تضخم (الأنا) بل هو الواقع فعلاً مبرهن عليه بشكل رياضي إستناداً إلى قوانين وقواعد منطقية أعطيتها واختبرتها بواسطة المخزون اللغوي المحلي والمهاجر ، (اللغات الأجنبية). ودعوت علماء الآثار والتاريخ القديم العراقيين إذا ما لهم أي إعتراض على نظريتي وليعترض من يرغب بشكل علمي على الرحب والسعة.
سأتكلم في هذا المقال بعجالة عن كيفية نشأة اللغة ـ حسب نظريتي ـ وهي ثابتة وسليمة يمكن التأكد منها عملياً ، وعن العناصر ألأساسية الخمسة عشر التي تتكون منها لغتنا العراقية الأم وأشكالها المحلية والمهاجرة ، القديمة والمعاصرة. ألعنصر الخامس عشر أحجبه دائماً لأنه غير فاعل رغم أنه من المرحلة التأسيسية. وثانياً في علم الإنترنت يسرقونك على المكشوف دون خجل ، لهذا يبقى هذا العنصر لإحراج من يحاول ذلك.
ألقصة ليست إن كانت اللغة قصدية أو اعتباطية بعد أن عرفنا كيف (نشأت) اللغة بالفعل. يقول الأستاذ مجدي عزالدين تحت عنوان أصل اللغة (( تباينت الفرضيات والنظريات حول موضوع نشأة اللغة الإنسانية. وهناك اختلاف (قديماً وحديثاً) حول مدى مشروعية التناول البحثي لمثل نوعية هذا الموضوع، حيث تذهب وجهة النظر المعارضة إلى أن النتائج المترتبة على بحث مسألة أصل اللغة، ليس بوسعنا بأية حال أن نتحقق من مدى مصداقيتها وواقعيتها، وعلى ذلك لا يجب النظر إليه بوصفه موضوعا للبحث العلمي الموضوعي. في مقابل وجهة النظر المعارضة، نجد وجهة نظر أخرى تؤيد البحث في هذه المسألة، بوصفها تشكل بإمتياز موضوعا للدراسات اللغوية، وفلسفة اللغة وما يتصل بها من حقول معرفية. )).
بالفعل تحققت وجهة النظر الثانية في نظريتي في الجذر والدلالة "القلِمعنْتِق" (علم العناصر Elementics) المصطلح الشخصي الذي نحته لنظريتي ، ويبدو لي أن منهجي غير معروف ! ونظريتي مبرهنة عليها بالواقع اللغوي ـ المخزون اللغوي ـ وتحولتْ إلى منهج يجب اتخاذه للوصول إلى جذور ، (عناصر) ، أية لغة أخرى لمعرفة جذورها الأولى ، أقصد اللغات غير الرافدينية إن كانت محلية أو مهاجرة ، كاللغة الصينية على سبيل المثال. أنظر الرابط (3).
أللغة قصدية بالنسبة إلى نظريتي ، وما يقوله الفارابي ومن يتبع رأيه أتضح فساده. تكلمت في مقالاتي عن طريقة تطور الفكر من خلال اللغة ، وفيما يخص الأسماء نحتُّ مصطلحين سميتهما (الكنية) و (التعريف) فلفظ (جَمَل) ليست تعريف له بل (كنية). وتعريف (جمل) هو مجموع الكنى التي ستتراكم عبر مسيرة بناء الفكر البشري بواسطة اللغة. فكلمة (رأس) ، (رجل) ، (شعر) و (أذن) كلها كنى. وفي تطور الوعي البشري المتجلي في اللغة سنرى حقيقتين للغة أولهما أن اللغة هي تجلي الوعي كخطوة أولى لبزوغ وعي الكائن البشري ، وثانيهما تستقل وتصبح أداة للوعي. فعندما نقوم اليوم بتعريف (جمل) سنستخدم الكنى التي هي تجلي الفكر في صورة لغة ، وفي ذات الوقت باتت اللغة كبناء فكري وسيلة للتعبير عن المواضيع التي يتناولها الوعي. والصورة الثانية لا شأن لي بها فهي موضوع علوم لغوية عديدة مختصة بها.
فالقول بالإعتباطية بات غير سليم ، بعد أن برهنت كيف نشأت اللغة ، وكيف بدأ الإنسان يبني مفاهيمه بعد أن صبّ مفاهيمه كخطوى أولى في (دالٍ) صوتي : التّجلي ، ومن ثم المناهج المنطقية التي إتبعها الإنسان لتوظيف (الدال signifiers) الصوتي ، بعد الخطوة الأولى التي سميتها " التجلّي" وهي مرحلة عبور الإنسان من المرحلة غير اللغوية إلى المرحلة اللغوية ، في توظيفها لبناء مفهوم (مدلول signified) جديد. بعد أن كان يستند إلى مناهج منطقية حسب مراحل تطور وعيه.
فنحن نعرف الآن كل كنية كيف نشأت مثلا (رأس) نحن نعرف ما هو عنصر أو عناصر هذا اللفظ ومن أين جاءت هذه العناصر ، ونعرف ركني الدال والمدلول !! فلفظ (رأس = ر أ ـ ت => رق ـ ت ) ليس من ذات جذر لفظ (مُخ = م ـ ضمة خ => م ـ قق) ولا من جذر لفظ (قرعة = ق ر ـ ق ـ ت => قرقت) وهكذا والكل يمكن إعادته إلى عناصره الأولية. وبعدما عرفنا مصدر العناصر ، وخطوات تطورها حسب الطرق العشرة التي أعطيتها يمكننا أن نعرف منشأ كل لفظ. ألأمثلة الثلاثة حسب تفكيكيتي ، الأول يشير إلى ا"لفكر" والثاني إلى "النطق" والثالث إلى "الأعلى" أي أعلى الشيء وقمته.
سبق وان قلت عن سوسير وغيره من غير الممكن أن تكون اللغة اتفاقية. ليس لدينا برلمان القبيلة ونجلس ونقرر أسم هذا الشيء وذاك. هذه فكرة لا تليق بالعلم ولا بالعلماء لو أمعنوا التفكير قليلاً. كيف يجلس مجتمع يقرر أسم هذا الشيء وذاك والمجتمع نفسه لا يملك لغة !؟! وأكيد الوسط الإجتماعي لابد منه لنشوء الوعي ـ اللغة ، لكن ليس بالطريقة الكاريكاتورية هذه.
قصة اللغة هي نفسها قصة الوعي ، وقصة تطورها هي قصة بناء وتطور الوعي ، وهذا تتبعته كالتالي:
1ـ يمر الإنسان في المرحلة البهيمية الغريزية وسميتها (المرحلة الظلية). في هذه المرحلة أساس مفاهيم الكائن البشري هي الغريزة. قد لا تخلو هذه المرحلة من ترديد بعض الأصوات كفعل غريزي وكمحاكاة وردات فعل لا يقف وراءها وعيٌ قصديّ.
2ـ ألمرحلة الثانية هي مرحلة يدخل الإنسان فيها مرحلة الوعي الصامت وسميتها (المرحلة شبه الظلية). يجتاز الإنسان الرافديني في هذه المرحلة الغريزية وتتكون لديه (مفاهيم) داخلية ، وتلعب لغة الإيماءة والإشارة دوراً فيها. عند سماعه لـ(عو) أصبح لا يشير إلى الخوف الغريزي ، بل أصبح لديه "معنى" الـ(خطر) و الـ(عدوّ). وهذا المفهوم (خطر) أصبح يستحضره من الكائنات الحية والمادية كالنار وغيره على حد سواء.
بدأ "يعي" الصوتَ الصادر من الفم والشرج ، والماء وطرق الحجر ببعضه إلخ الذي كان في المرحلة الظلية موجوداً دون أن ينتبه إليه بشكل واعٍ. سيساعدانه في المرحلة القادمة في صبّ مفاهيمه (signifieds) في تلك الأصوات (signifiers) !!
3 ـ ألمرحلة الحاسمة هي مرحلة الوعي الناطق عن وعيّ قصديّ. بعد أن كان قد درب جهازه الصوتي غريزياً على بعض الأصوات ، وبعد دخوله مرحلة الوعي المُدْرك من قِيل الذات المفكرة ينبثق فكرٌ (مدلول signified) من أحد المبدعين ويربطه بـ(دال صوتي signifier) منطقي ، والمجموعة لم تكن أقل مستوى ، فالحضارة تصل مستواها كالأواني المستطرقة كما أقول ، ولكن كالشاعر الذي يرتب بيتاً من الشعر حسب رتم متناغم ، رغم أن الكل يملك ذات اللغة ، لكن من بين الكل يستطيع هو عمل ذلك. بعد ذلك الكل يمكنه حفظ ذات البيت الشعري ، ويعتمده الجميع كمرجع للتعبير عن ذاك الشيء ، وهذا هو دور الوسط الإجتماعي. بالتأكيد لا يوجد وعي ـ لغة ـ إذا لا يوجد أنا وأنت وهي وهو.
وقد تتبعت هذه المفاهيم والدالات الصوتية المرتبطة بها وحددتها بخمسمة عشرة وسميتها العناصر (elements) وانفصلتُ عن تسمية (Semantics) ونحتُ المصطلح الحقيقي الذي يشير إلى الجذر والدلالة وهو (Elementics) لاحتواء اللفظ على جذرين: جذر "المعنى" (عن En ) وجذر "القول" (قل El). أنظر الرابط (4).
ربط فكرة النار بالصوت الحادث عند انفلاق الحطب في حالة الإشتعال (قت). فأصبح (النار) (قت) و (قت) هي (النار) ! وهكذا باقي العناصر. من الفم والمخرج تأتي أكثر من نصف عدد العناصر ، والباقي من أصوات الطبيعة !!
بعد ذلك أتتبع تطور الفكر البشري وأعطيت عشرة طرق (مناهج) يتبعها الإنسان لبناء مفاهيمه بقصدية. فالآن نعرف كيف جاءت الأسماء المادية وما نسميها التجريدية واحد وإثنين ، خمسة إلخ. ستنير ما خفي عن المدرسة الفيزيائية والمدرسة التجريدية. فلم يجلس شيخ القبيلة وأعضاء مجلسه وقال (خ) و (م) إلخ نطلقه على الشيء الفلاني ، إنما اللغة هي تجلي وبزوغ وانعكاس للفكر نفسه وتطوره ، هي الفكر نفسه في البداية. سوف نعرف حق المعرفة كيف بدأ عنصر من العناصر الخمسة عشرة وكيف يأتي منه (خم) والذي يعني (كيمياء) اليوم. وكيف يتطور (المفهوم signified) نفسه عبر التاريخ مع بقاء (الدال الصوتي signifier) نسبياً كما هو.
نظريتي تضيف لنظريات وفلسفات اللغة التي كانت تفتقر إلى خيط البداية (بداية اللغة). أنتجت المرحلة التي سبقتها نظريات أحادية الرؤية ومنها تخمينية غير علمية. أنا ما فعلته ـ لا أدعي العبقرية من اللحظة الأولى ـ فقصة منهجي معروفة لكثيرين ـ كان الموضوع إثبات أن اللغة الإنكليزية إن هي إلا شكل مهاجر للغتنا الأم العراقية الرافدينية. وأهم ما يجب معرفته هو أنني دخيل على التخصص فأنا بدأت الآن أتعرف قليلاً جداً على على النظريات اللغوية ، لهذا وأنا أبحث انتهجت منهج القطيعة.
أفكار سوسير والفارابي في "اعتباطية اللغة" باتت غير سليمة. فاللغة بدأت بشكل قصدي وأثبتت نظريتي أن هنالك علاقة منطقية بين الدال والمدلول. أنا أصبحت لا أقرأ بسبب ضياع بلدنا العراق بهذا الشكل ، وأنا في الغربة أنشأت هذه النظرية مؤخراً. أحرجتُ نفسي العام الماضي 2011 ، وهذا أسلوب أتبعه لدفع نفسي للقراءة ـ وبعض البلهاء يعتقدون أنني أتصرف بدقة عمانوئيل كانت ! ـ وقد يكون في تموز ، وكتبت في إحدى مقالاتي بأنني فتحت كتاب سوسير (علم اللغة العام) وقرأت فيه إلى ص 49 ، كي أقول ما له وما عليه ، لكن توقفت وإلى الآن ، ونسيت حتى الملاحظات التي سجلتها عليه ، يجب العودة ثانية !
بعض العلماء المعاصرين أخذوا الأمثلة بعد كمال اللغة البشرية وهذه بداية فاسدة في البحث العلمي بشأن اللغة ! فأتفاقنا على اللون الأحمر للتوقف الآن هذا موضوع آخر لا يخص نشأة اللون الأحمر كلغة. وفرق بين نشأة الكلمة وبين توظيفها أصلاً ، وما يخص الجانب اللغوي مازال الإنسان يعمل وفق قواعد منطقية أيضاً. ربط اللون (الموضوع) بالمدلول (التوقف) لأن مفهوم الأحمر مرتبط بالخطر والموت إلخ كما يبينه منهجي. فلفظ (أحمر) جاء بشكل قصدي على إحدى خطوات التطور التي ذكرتها. وهكذا لفظ (red) في الشكل الإنكليزي والإيطالي (rosso) إلخ. كلا اللفظين جاءا إستناداً إلى قاعدة (مَجَاز المجاز). والفرنسي (rouge) والإسباني (rojo) يأتي من جذر آخر استناداً إلى منهج منطقي آخر وليس اعتباطياً !!
عن وجود الوسط الإجتماعي لنشوء اللغة ، هذا أكيد لا بد منه فهذا أمر مفروغ منه ، لأن لا فكر بشري بدون جماعة بشرية. ألمختزل لنظريتي موجود كنت كتبته لشخص أجنبي باللغة الإنكليزية وفيه أخطاء قواعدية أحاول تصحيحه وسأنزله أيضاً بعد التصحيح ، القديم موجود على الرابط (5). راجعته لغوياً فعلاً ولكن أريد أن أضيف أمثلة من الأكدي والسومري لجذر (العلو) الذي أعطيته كمثال لتنويعاته الصوتية في الشكل الإنكليزي.
إذا وصلك هذا المقال وتلقيت استجابة سيكون لي توضح في أي أمر في هذا المجال ، ولن أدخل إلى المواقع التي تكتب فيها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مؤسس علم الألمنتك (القلِمعنتِق) Elementics في حزيران 2007 ، وهو الإسم الحقيقي لعلم الجذر والدلالة.
1ـ رد على د. مجدي عز الدين حسن : الإعتباطية و القصدية في اللغة / 2
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=334243
2ـ الصراع في ملحمة كلكامش : قراءة في جدلية الملحمة /1
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=254673
3ـ هل يوجد لغة أم واحدة للبشرية ؟
http://elementics-june-2007.jouwweb.nl
4ـ Semantics or Elementics ?
http://elementics-june-2007.jouwweb.nl
5 ـ A Stenographic of the Spelling Method
مختزل المنهج التفكيكي
http://elementics-june-2007.jouwweb.nl
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التعليقات (0)