أصلُ الأحزان !!

بعيداً عن قضايا الرأي العام
وبعيداً عن الإنفعالات المتسرعة
سأحدثكم عن رأي استنبطته من خلال معايشتي وتدبّري لحياة الناس والغوص في مكنونات أنفسهم ,
يعيش أغلبنا حياة حزينة أو بالأحرى باحثاً عن حياة حزينة ..
الشاب الذي يبحث عن رضى الله يبحث عمّا يرضى دواعي نفسه بخلوة مع كتاب الله مرتلاً آياته ترتيلاً حزيناً لايملك نفسه ولايشعر بها إلا وقد دمعت عيناه بعد قرآءة صفحة أو صفحتين من الكتاب العزيز ,
مع حرصه على استماع المواعض المبكية بين حينٍ وآخر لظنه أن ذلك يقربه إلى الله وفي عقله الباطن أقوال مأثورة ربما تكون من السلف وربما تكون من أعدائهم ,

كنت أظن أن الحُزُن مقترناً بالشاب المستقيم والفتاة الصالحة لقراءتي الحزن في أعينهم دائماً , غير أني تأكدت أنهم ليسوا وحدهم من يسير على هذا الرتم ..
بل يشترك معهم من ليس لديه اهتمام بالإسلام ممن يحسبون على الإسلام ,
فهذا شاب تطربه الأغاني الحزينة والألحان المبكية ,
وهذه فتاة مدمنة على المسلسلات ذات الطابع الحزين مع حرصها الشديد على ألا تفوت اللحظات المهمة ...لحظات البكاء ...

بنظري أن الإنسان مخلوق سعيد يبحث عن السعادة أينما كانت ويجري وراءها لحاجته الفطرية لها بل ولأن فطرته سعيده ..
وانظروا الى وجوه أبنائكم أو إخوانكم الصغار تجدوا الفرح يُشِع من أعينهم البريئة بمناسبة وبلا مناسبة ,

قدأكون مُخطئاً وأرجوا أن لاأكون كذلك باعاتقدي أن أصل الحزن هو تأثير العقل الباطن ومن حيث لايشعر على النفس الإنسانية ,
فتارتاً ينكوي القلب وينفطر أسى وحُزناً لفراق محبوب أو خليل ,
وأخرى تبكي على فوات زواج
وثالثٌ دبّ الحُزن في قلبه على موت أبيه أو أمِّه ,

ولكن

في زحمة هذه المآسي والأحزان نغفل عن أصل هذا الحُزن الا وهو جهلنا بمعرفة محبوبنا الأول ....الله .
فقد تكون صالحاً وتستمتع بالحزن حينما تقرأ آية فيها وعد أو وعيد ولكنك تجهل أن سبب حزنك ربما يكون جهلك بمن كان سبباً في وجودك ,
أو قد تكون حزيناً لسنوات متواصلة وفي ظنك أن هذا الحُزن هو بسبب موت أخيك أو أمك ,

والحقيقة أن السبب الرئيسي لحزنك الدائم هو كون نفسك اللوامة وعقلك الباطن الذي عرف ربه قبل أن تعرفه متحسراً على فوات أمر في غاية الظرورة ألا وهو مقياس القرب والبعد من الله ,

حزِن الرسول صلى الله عليه وسلم نعم ولكن الله عاتبه على ذلك ,

فأرخوا لأنفسكم واربطوا عقولكم الباطنة باالواعية واسألوها لماذا الحُزن ؟

بظني أننا إن فعلنا ذلك فقد ظمِنّا حياة هنيئة مليئة بالبهجة والسرور بمعرفتنا لأصل الحُزن
وهو ....الجهل بالله والبعد عنه  .