عندما تولى الرئيس مبارك سدة الحكم حاول فك التزاوج المحرم بين السلطة والثروة بعد أن ورثه جنيناً ضمن تركة الرئيس السادات ، وكان هذا التزاوج قد بدأ منذ العام الأول لتولى الرئيس السادات الحكم حيث قام – كما ذكر الأستاذ هيكل – بمنح ألف توكيل للإستيراد من الخارج بداية من الإبرة حتى الصاروخ عكس ما كان يدعو له الرئيس عبد الناصر من وجوب التصنيع المحلى والذى كان قد بدأ وخطا فيه خطوات كبيرة فعلاً .
وبدأت تلك المحاولة وكانت واضحة فى خطابات وتصريحات الرئيس مبارك فى بدايات حكمه وتم فعلاً محاكمة بعضاً من الفاسدين وهروب البعض وكان الفساد وقتها ما زال يحبو .
وبعد مرور سنوات قليلة بدأت بذور الفساد تنبت من جديد بسبب وجود التربة الصالحة والجو المناسب فإزدهرت تلك العلاقة المحرمة لتنتج لنا غابات سامقة من الفساد .
والآن وبعد مرور ثلاثة عقود من حكم الرئيس مبارك يتضح أن أخطر مشكلة تواجه نظام حكمه أو حكم أى رئيس قادم لمصر تتمثل فى كيفية فك ذلك التزاوج لأن أى إصلاح حقيقى فى مصر يتطلب أن يتم البدء فوراً فى غبعاد الثروة عن السلطة .
وفى الأحوال الطبيعية فإن إحتمالات من يحكم مصر فى الفترة القادمة لن تخرج عن أربعة إحتمالات .
أولها إستمرار الرئيس مبارك وترشحه لفترة سادسة وثانيها هى الدفع برجل عسكرى كنائب أو من خلال ترشحه كمستقل وإعطاء الضوء الأخضر لمؤسسات الدولة بدعمه والإحتمال الثالث وإن كان صعب التحقق فلا يجب إغفاله وهو فوز أحد المستقلين ، والإحتمال الأخير وأسوأهم من وجهة نظرى هو إنتقال السلطة لأى شخص بالحزب الوطنى .
والآن علينا أن نبحث عمن هو الأقدر من هؤلاء المرشحين المحتملين لكى يتولى الإشراف على عملية الطلاق بين الثروة والسلطة طلاقاً بائناً لا رجعة فيه وبأقل مؤخر صداق وتفادى حدوث هزات سياسية وإقتصادية عنيفة ؟!
لا شك أنه وفى حالة وجود رغبة قوية فى إنهاء تلك العلاقة المحرمة بين السلطة والثروة فإن الرئيس مبارك هو الأقدر والأضمن فى إنهاء تلك العلاقة بأقل خسائر ممكنة .
يليه فى ذلك الرجل العسكرى المستند إلى مؤسسة عسكرية وحزب حاكم برغم أنه حزب هلامى وكرتونى و " منفوخ على الفاضى " إلا أنه هو السبيل الوحيد لإجتياز الطريق المُلغّم للترشح .
ثم يلى ذلك إحتمال فوز المرشح المستقل فمن الممكن أن يكون قادر على فك هذا التزاوج مع وجود بعض المخاطر ولكنه سيكون مستنداً لإرادة شعبية جاءت به وقادرة أن تحميه وتقويه .
وأما عن رابع الإحتمالات وأسوأهم فهو نجاح أى مرشح جديد يستند فقط إلى ما يسمى بالحزب الوطنى ، فهذا المرشح لا مؤسسة حقيقية ولا إرادة شعبية حقيقية خلفه لكى تسنده وحتى لو جاء وكانت لديه النية الصادقة فى فك هذا التزاوج فإنه سيتأخر كثيراً حتى يصبح قادراً على ذلك العمل الخطير ، وعلينا فى هذه الحالة أن ننتظر حتى يغير جميع الوجوه التى جاءت به للمنصب بوجوه أخرى جديدة جاء هو بها للمنصب .
التعليقات (0)