مواضيع اليوم

أصحاب البسطيات بين مطرقة حملات أمانة بغداد وسندان شظف العيش

رانيا جمال

2012-03-07 14:53:10

0

ومن خلال تجوالنا في عدد من أسواق العاصمة الحبيبة أعددنا هذا التحقيق..

(ضياء عبد الكاظم) من بغداد قال لنا: سببت هذه الظاهرة اثاراً سيئة على المواطن العراقي وأثرت على تنقله في شوارع بغداد كما أنها أسهمت بازدهار العديد من المهن على الأرصفة حيث لقيت رواجا كبيرا نتيجة قلة أسعارها قياسا بمثيلاتها في المحال وذلك لكون الذين احتلوا الرصيف لا يدفعون بدلات الإيجارات العالية برغم أن المتر المربع من الرصيف في بعض المناطق يكلف مئات الآلاف من الدنانير وفي بعض الأحيان تحدث صراعات بين الباعة المتجولين حول مكان من الرصيف.

البعض عبّر عن انتشار هذه الظاهرة بأنهم غير قادرين على استئجار محال تجارية في ظل الظروف الراهنة بسبب ارتفاع بدلات الإيجار للمحال التجارية في بغداد ومنهم:

السيدة صبيحة محمود (أم سالم) بائعة في إحد أسواق بغداد منذ 6 سنوات قالت لنا:

إنا نضطر لعرض بضاعتنا على ارصفة الشارع لعدم قدرتنا على دفع بدلات الإيجار التي وصلت إلى مبالغ خيالية لا يمكن لأغلب الباعة في السوق من دفعها, وبرغم مضايقتنا للمارة كما تقولون لكننا نقدم لهم خدمة في المقابل من خلال البيع بأسعار تقل كثيرا عن المحال .

(سمير عبد الله) موظف قال لنا: انتشرت البسيطات بشكل واسع بعد عام 1990 أي بعد الحصار الاقتصادي وقد ساهم ذلك في تحويل اغلب المواطنين إلى باعة في ظل قلة رواتب الموظفين والذي لجأ الكثير منهم إلى ترك عملهم والدخول في هذا المجال أو العمل بعد أوقات الدوام الرسمي وإنا واحد من هؤلاء.

(عباس فاضل) خريج كلية الآداب - قسم الجغرافية يقول: اضطررت إلى العمل في هذه المهنة (بيع أحذية الأطفال) في هذه البسطية والتي بالكاد احصل منها على ما يعينني على إعالة زوجتي وابنتي بعد أن تعبت ويئست من الحصول على فرصة عمل حال الكثير من الخريجين العاطلين وأناشد المسؤولين بالاهتمام بالخريجين وتوفير فرص العمل لهم .

وأيده في الرأي المواطن (احمد لفته) الذي يعمل في منطقة بغداد الجديدة قائلاً: أن معظم أصحاب الجنابر والبسطيات هم من أصحاب الشهادات الجامعية الذين لم يجدوا فرصة عمل لهم في دوائر الدولة ليضطروا للعمل على الرصيف بخاصة وأنهم أصحاب عوائل وفي حاجة إلى المال من اجل توفير مستلزمات الحياة وفي ظل ظرف اقتصادي صعب .

زينب محمد (بائعة) في سوق الشورجة: نتمنى من المسؤولين الاهتمام بنا في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي نعيشها والارتفاع الهائل للأسعار فنطالب من الحكومة بالعمل على تخصيص قطعة ارض وتوزيعها بيننا بالتساوي لنبني عليها ما يقينا من المطر في الشتاء ونحافظ على بضاعتنا من التلف.

(قاسم هادي) صاحب محل في منطقة الكاظمية يقول: يجب على أمانة بغداد إزالة البسطيات التي غزت اغلب الشوارع والتي تشكل منافسا كبيرا في عملنا من خلال عرضها لبضائع مقلدة من مناشئ غير معروفة ومنخفضة الكلفة أدت إلى عزوف الكثير من المواطنين من الشراء من المحال والتوجه إلى باعة الرصيف لرخص أسعارها ولكن على حساب الجودة .

عمار كريم (31 عاماً): أصبحت البسطيات نقمة على المواطنين والشارع لان أصحابها لم يتركوا مكاناً فارغاً إلا واحتلوه ولم يتركوا سوى متر واحد لسير المواطنين وهذا بدوره يعوق حرية الناس في استغلال الأرصفة والطرق. وأضاف: (تتمتع الشوارع التجارية بإقبال المواطنين خصوصاً بعد التحسن الأمني الذي شجع على خروج العوائل إلى الأسواق كما جعلها تمر بأزمة سير لان اغلب الباعة والعربات والبسطيات تجد مكانها في هذه الشوارع التجارية المزدحمة وبخاصة الشوارع القريبة من الجامعات والمعاهد والدوائر الحكومية .

حسين عباس - موظف قال: (يستفيد أصحاب البسطيات والباعة من المطاعم المنتشرة في المناطق المزدحمة والشوارع الرئيسة والتجارية لغرض الترويج عن سلعهم وبضائعهم وخصوصاً الالبسة النسائية والرجالية والأطفال والأحذية والساعات وجميع أنواع الكتب). وأشار إلى أن الظاهرة سلبية من ناحية وتشوه جمالية العاصمة ومن جانب آخر أن استفحال البطالة في البلاد أجبرت العديد من الشباب الى ذلك لضمان قوت عوائلهم .

(صادق جعفر) يعمل في منطقة شارع فلسطين: هناك بعض أصحاب المحال التجارية استحوذوا أيضا على الرصيف من خلال عرض بضائعهم على الأرصفة وكذلك بعض المهن الأخرى سيطرت على الأرصفة في مناطق الباب الشرقي وشارع فلسطين والشورجة وغيرها من المناطق التجارية ذات الكثافة السكانية الكبيرة .

وعن طبيعة عمل أصحاب البسيطات وإعدادهم وانتشارهم بين (هادي صالح): إن هذه الظاهرة بدأت في بغداد منذ عقود لكنها كانت منظمة وتنعقد بيوم محدد وداخل أسواق محددة مثل سوق الجمعة وسوق الغزل وسوق الهرج وسوق الكتب وسوق الأثاث المستعمل وأخرى للأجهزة وغيرها ولكل لها روادها ويعلمون أوقات انعقادها ولم تكن هناك مضايقة من قبل الحكومة لكونها تعلم مسبقا إن هذه الأسواق لا يمكن غلقها فهي تعقد ذاتيا، لكن بعد فرض الحصار الاقتصادي تحولت إلى ظاهرة حيث قلت فرص العمل ومرتبات الحكومة لا تسد حاجة العائلة فكانت أسواق الجمعة والأسواق الأخرى نواة للتوسع وكل يوم تمتد لمناطق أخرى إلى إن باتت ظاهرة تعم جميع مناطق بغداد والعراق وتجد طلاب جامعات وموظفين وحتى تجاراً لهم وزنهم يعتمدون على البيع السريع عبر البسطيات كونها لا تحتاج لتأجير محال ودفع ضرائب وعمال وإعلان وغيرها فقط بضائع ومكان متميز للتصريف وتطور الأمر لتصبح هناك بسطيات لبيع الأدوية وأخرى الجلود وحتى الأسلحة في السنوات الثلاث بعد العام 2003. وأكد انه لا يمكن تخيل عدد الشباب الذين يرتزقون على هذا النمط من التجارة فخلال تجوالك في العاصمة بغداد ومراكز المدن الأخرى أكثر ما تراه هو البيع على الأرصفة، وإذا تمت محاسبتهم أو إغلاق مصادر رزقهم فيعني أن هناك عوائل التي تعتمد عليها سيؤثر ذلك بها .

المهندس المعماري (علي حسين) يقول: أن انتشار البسطيات وبهذه الطريقة العشوائية في اغلب الشوارع يساهم بتشويه منظرها فضلا عن كمية النفايات الهائلة التي تتراكم بعد انتهاء عمل الباعة في كل يوم تسهم في إغراق المدينة بالنفايات وهي تضيع جهود العاملين في دوائر البلدية في تطوير وتزيين تلك الشوارع, وعلى الجهات المسؤولة تقع مهمة القضاء على هذه الظاهرة لكن ذلك لا يعني عدم توفير البديل من خلال بناء محال صغيرة واطئة الكلفة يتم تأجيرها لأصحاب البسطيات بأسعار تقل عن تلك الرائجة في السوق.

أن الظرف الاقتصادي والاجتماعي صعب وسبب الكثير من المعاناة للمواطنين العراقيين وان إخلاء الرصيف يضر بهؤلاء وعلى المواطنين تحمل ذلك في بعض الأحيان نجد المواطنين أنفسهم ضد فكرة أخلاء الرصيف والسبب قلة أسعار البضائع والسلع التي يعرضها العاملون على الرصيف وكذلك الاستفادة من أصحاب المهن الموجودة على الرصيف مثل الاسكافي وصبغ الأحذية وبائع الصحف ومصلح الساعات وغيرها من المهن التي نحتاج إلى خدماتها.

وما هو الحل برأيك ؟.

أن الحل برأيي هو ايجاد أماكن خاصة للباعة المتجولين ومن ثم فرض سيطرة القانون وفرض إجراءات رادعة ضد المخالفين وهذا يتطلب تعاون الجميع مع أمانة بغداد بخاصة الوزارات الحكومية الأخرى من خلال تقديم الدعم والعون من اجل عودة الأرصفة إلى سابق عهدها من دون الاستحواذ عليها، يجب إيجاد حل جذري لهذه المشكلة (ظاهرة انتشار البسطيات) وليس إخلاء الأرصفة من هؤلاء وبالقوة بان تكون هنالك مجمعات بسيطة للباعة المتجولين وهذا هو الحل الكفيل. جميع العاملين على الأرصفة اعترفوا بأنهم يسببون إزعاجا للمواطنين لكن الظروف الصعبة التي مر بها المواطنون هي التي أجبرت هؤلاء على التجاوز على حقوق الأخرين لان معظمهم لم يحصل على عمل جيد في دوائر الدولة ومؤسسات الدولة ولأننا نرفض أن نسير في الطريق الخاطئ لذلك فضل هؤلاء العمل على الرصيف برغم سلبياته بعرض بضاعتهم وبشكل نظامي لكي يفسح المجال للمارة وان كان المكان ضيقا ألا أن الباعة والمواطنين تعودوا على بعضهم البعض .

وحتى يأتي اليوم الذي نرى فيه خططاً حقيقية تنفذ على ارض الواقع لمعالجة هذه الظاهرة بعيدا عن الكلام فان معركة السيطرة على الرصيف محسومة للطرف القوي بعد أن رفع المواطنون الراية البيضاء أمام جيوش الزاحفين الباحثين عن لقمة العيش لعوائل تنتظر كل مساء عودة معيلها.

والقانون له كلمة:

المحامي (عمار التميمي) قال:ـ من حيث القانون يعد هذا خرقا وتجاوزا على حقوق الآخرين ويحاسب عليه القانون ولكن هناك أسبابا موجبة فالبطالة هي رأس المشكلة لو أغلقنا تلك المحال وحذفنا التجاوزات وهي كثيرة لوجدنا ألوفاً مؤلفة من الشباب يعودون إلى حياة البطالة وهم يعيلون أسر وبعضهم يربح بشكل جيد من دون أن يدفع سوى مبالغ بسيطة لا يشعر بها أو يعدها إيجارا رمزيا إذا أردنا التفكير جديا لحل هذه المشكلة فعلينا أولا إيجاد البدائل الموضوعية وأهمها البحث عن فرص عمل لهؤلاء الشباب وسواهم أما ترك الأمور هكذا فهذا أمر خطير.. السيدة (رجاء محمد سلمان) خبيرة قانونية: أصبحت ظاهرة التجاوز على الأرصفة والساحات والشوارع تشكل جزءاً من معالم المدينة وهي بالمناسبة موجودة في معظم دول العالم ولكن ليس بالشكل الذي نراه عندنا، القضية تحتاج إلى تنظيم ومتابعة في بعض الأسواق مع الأخذ بالاعتبار ضرورة توفير مكان لائق وصالح لهؤلاء الباعة من الغريب حقا أن تحتل ساحات كان يجب أن تستخدم لإغراض أخرى، وقد استخدمت واحتلت مثلا لتصبح مرآباً لمبيت السيارات وحين تسأل من أعطاكم الحق في ذلك ؟ يقول صاحب المرآب إنني مؤجر من أمانة بغداد.

هكذا وبكل بساطة انتقلت عدوى التجاوزات من أرصفة الأسواق التي أصبحت ظاهرة لا حدود لها، فليس ثمة من سوق في بغداد كلها، لا تجده يأخذ من رصيفه المقابل محاولا رمي السابلة إلى حوض الشارع بل ثمة يافطات تشير إلى منع الوقوف خوفا من إن يحدث مكروه ما والأمر حرب بين المواطن الذي وجد الفرصة سانحة لأخذ ما يعده حقا مشروعا وغياب الجهات الرقابية.. فالكل يقول والكل في هذه المحنة تجده صاحب حق، والمتضرر هو بغداد وربما مدن العراق كلها فلقد عمت الفوضى وصارت شوارعنا "قرعاء" من دون أرصفة ومن دون مكان لسير السابلة فهي حرب كر وسكوت وزحف وتأمل ثم زحف آخر.

لقد اتخذت أمانة بغداد العديد من الحملات والإجراءات للحد من هذه الظاهرة حيث كانت الأمانة تستعين بقوات وزارتي الداخلية والدفاع عند المباشرة بهذه الحملات، فعندما تقوم أمانة بغداد بهذه الحملات وترحيل أصحاب البسطيات, سرعان ما يعودون بعد أيام ليمارسوا عملهم وكأن شيئاً لم يحدث، حيث قامت البلدية بتنفيذ حملة لإزالة التجاوزات الحاصلة على الشوارع والأرصفة والأملاك العامة ومن ضمن تلك الحملة شارع الجمهورية الذي أصبح في حاجة كبيرة إلى إعادة تأهيله وتبليطه من جديد.

كما نفذت دائرة بلدية الأعظمية حملة أزالت خلالها التجاوزات الحاصلة على الأرصفة والشوارع الرئيسة ضمن منطقة الكريعات.

وشهدت منطقة الكرادة حملة كبرى لإزالة التجاوزات الحاصلة على الشوارع والأرصفة والأملاك العامة نفذتها أمانة بغداد وبالتنسيق مع القوات الأمنية.

هذا وقد توجهنا لأمانة بغداد المعنية بمتابعة حملة ما أسمتها إزالة التجاوزات حيث أكد ناطقها الرسمي حكيم عبد الزهرة، إن الأمانة تتعامل مع هذا الأمر بشكل قانوني كونهم متجاوزين على الأرصفة واستخدامها كمحال بيع بينما وظيفتها الرئيسة هي لخدمة المارة وسير المشاة، وإذا استغلت من قبل أصحاب البسطيات يعني إجبار المشاة على السير في الشوارع وهنا تبدأ السلبيات بالتأثير على حركة سير المركبات وخلق زحاما مروريا، ناهيك عن تشويه منظر الطرق والمدن و واجهات الأبنية وحتى المحال التجارية التي ستكون بعيدة عن المارة، فضلا عن اتساخ الأرصفة بمخلفات أصحاب البسطيات.وبيّن إن مناطق تواجد البسيطات تتركز في المناطق الشعبية والأسواق التجارية التي فيها حركة تبضع قوية وشوارع رئيسة مثل السعدون والجمهورية والمنصور والبياع ومدينة الصدر وأي سوق تقصده الناس، ونحن نعلم إن الشباب يفضل هذا النوع من البيع لعدم خضوعهم لبدل إيجار وضرائب وكهرباء وماء وغيرها ولهذا فهامش إرباحهم ستكون اكبر فتجدهم يصرون على البقاء في أماكنهم ويرفضون الإخلاء لكنها ظاهرة غير نظامية وغير قانونية، ولماذا وضعت الأسواق والمحال إذا ؟.

وأننا سنعمل على إزالة جميع التجاوزات في العاصمة، مؤكدا إن أمانة بغداد ليس في نيتها خلق مشكلة بطالة بل على العكس لدينا البديل المناسب لهذه الفئة حيث خصصنا ساحات كبيرة جدا وبالقرب من الأسواق يمكن نقل بسطياتهم إليها وكذلك عمدنا لإيجاد منافذ بديلة مناسبة لكنهم وللأسف لا يلتزمون بالأمر وهنا اضطررنا لاستخدام القانون والقرارات بحقهم، ونجد في كل يوم عملية كر وفر مع أصحاب البسطيات وتجاوزات كثيرة أخرى بعيدا عن هذه الظاهرة فنجد من يضع إعلانات بشكل كيفي وآخر يستغل واجهات الأبنية.

وبيّن أن الهدف الرئيس من ازالة التجاوزات هو الحفاظ على جمالية ونظافة العاصمة التي شوهتها هذه التجاوزات والحملات مستمرة لحين القضاء على هذه الظاهرة.
www.beladitoday.com/index.php




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !