صفية, رشيدة, فتيحة, خديجة, خدوجة, فاطمة, فاطيمه, حليمة, حورية, رزيقة, أسماء فرنسية أو أصبحت كذلك, تحملها فتيات وسيدات فرنسيات من أصول عربية, وتتوارثها عبر الأجيال, كأسماء : محمد, احمد, كريم, نعيم, مختار, إسماعيل, سفيان, فريد, عبد القادر, بوعلام... من الذكور الفرنسيين من أصول عربية.
أسماء دخلت دخولا ميمونا القاموس الفرنسي للأسماء, و ترسخت في دوائر النفوس, و سجلات الإدارات على أنوعها, والمدارس, والجامعات, والمحاكم, والبلديات .. تتجاور مع أسماء ميشال, دانيال, جان ليك, جان كلود, بيير, كريستوف, فرنسوا, فرنسواز, جوزيف, جوزيفين..
رفض ويرفض ــ عند طلب الجنسية الفرنسية, أو الحصول عليها بالطرق المختلفة ــ حملة هذه الأسماء, أو من اختاروها لهم, استبدالها بأسماء فرنسية. والرفض هذا يكاد يكون مطلقا ممن تعود أصولهم إلى المغرب العربي. في حين أن نسبة كبيرة ممن تعود أصولهم للمشرق تختار تغيير أسمائها بأسماء فرنسية فتصبح نجوى: ماري ـ روز. و يصبح عيسى: الآن. واحمد: الاكس.
القانون الفرنسي لا يجبر على تغيير الأسماء ولا يطلب التخلي عن الجنسية الأصلية للراغب في التجنس. ولا يميز بين الفرنسيين بالرجوع لأصولهم, أو أديانهم, أو أجناسهم, أو مناطقهم, أو ألوانهم. فالجميع أمامه سواء, والتمييز مجرّم ومعاقب عليه بنصوصه. المواطنية la citoyenneté ترتب حقوقا متساوية للجميع. وتفرض عليهم واجبات والتزامات دون تمييز.
ولكن الواقع لا يعكس دائما صورا وردية في هذا المجال. التنوع والتعدد والتمايز موجود: تعدد الثقافات والحضارات وما تحمله من اختلاف, تنظر إليه الغالبية على أنه غنى للمجتمع, وتخشاه الأقلية, وتروجه جمعياتها وأحزابها السياسية المتطرفة, معتبرة إياه إضعاف للوحدة الوطنية والانسجام الاجتماعي. وكان الوحدة الوطنية في الدولة الديمقراطية تتطلب إلغاء الغير, وصهر الجميع في بوتقة واحدة لخلق تجانس واندماج بالقوة. وكأن هذا ليس ضد طبيعة الأشياء ومنطقها. إمكانيته كإمكانية تغيير لون البشرة, والجينات المتوارثة والثابتة .
وعليه, وأمام هذا الواقع تُطرح المسألة القديمة الجديدة: الاندماج intégration ,كتفكير في الحلول, بمناسبات ومواسم متعددة (انتخابية بشكل خاص), وبأساليب مختلفة, ولأهداف متغايرة, من قبل أحزاب سياسية, وجهات حكومية, وجمعيات مدنية, ومن مثقفين, ومهاجرين, في كتابات, وندوات, ودراسات, وتقارير. ورغم كل اختلاف هناك اتفاق على حساسية المسألة, واعتراف بخطورتها.
اخطر ما في مشكلة الاندماج في صيغها الحالية هو ربطها بموضوع واحد, النظر إليها من زاوية واحدة: الأمن. وربط اضطرابه insécurité بالهجرة والمهاجرين. والخلط المتعمد بين هؤلاء وبين الأجانب, وحتى بينهم وبين ما يسمى المهاجرين غير الشرعيين. مثل هذا الطرح ينطوي بداية على اتهام ــ علني أو مستتر الأمر سيان ــ ينتج عنه ما يوحي, و يدخل في الأذهان, بوجود علاقة ثابتة بين الهجرة والمهاجرين, مها كانت أوضاعهم, وبين انعدام الأمن, وليصبح وكأنه من المسلمات التي لا جدال فيها.
الطرح الإتهامي يسعى قبل كل شيء إلى التجريم, أو الوقاية من الجريمة, وإيجاد العقوبة, بعد تحديد المتهم. ولا يعمل, أو لا يهدف للعمل, بإخلاص ونزاهة وصدق وبعد نظر, على إيجاد حلول ناجعة وذات أبعاد مستقبلية, تقود إلى الانسجام الاجتماعي لكل عناصر المجتمع على تنوعها واختلافها.
واخطر ما فيها أيضا طرحها من خلفية فكرية معينة, تتحايل بوسائل لا تكون في حالات كثيرة قادرة على تمويه نفسها وخداع الغير, هادفة لفرض نفسها كحلول وحيدة ومفروضة.
المهاجر أو المهاجرة ــ موضوع الاندماج ــ حسب التعاريف الأكثر شيوعا, ومنها التعريف المتبنى من قبل المجلس الأعلى للاندماج هو : الشخص الذي ولد أجنبيا في الخارج ويقيم في فرنسا. الأشخاص المولودون فرنسيين في الخارج ويعيشون في فرنسا لا يحصون مع المهاجرين. أصبح بعض المهاجرين فرنسيون وبقي البعض أجانب. السكان, الأجانب والمهاجرون, ليسوا كلهم في وضع واحد: المهاجر ليس بالضرورة أجنبيا, والأجنبي ليس بالضرورة مهاجرا. بعض الأجانب ولدوا في فرنسا . صفة المهاجر صفة دائمة: فالشخص الذي حصل على الجنسية الفرنسية يبقى محسوبا مهاجرا. بلد ولادة الأصول, وليس اكتساب الجنسية بالولادة, هو الذي يحدد الأصل الجغرافي للمهاجر. (يطال هذا التعريف 6227000 شخصا, يشكلون نسبة 10,6 % من مجموع السكان. وعدد الأجانب حسب هذا التعريف 3263000 , بينهم 2756000 مولودون خارج الأراضي الفرنسية. إحصاء 1999).
هنا أيضا نرى عدم وضوح, قد يكون مقصودا, فيما يتعلق بالفئات المطالبة بالاندماج, يقوم إلى جانب غموض مفهوم هذه الكلمة نفسها. ولا نريد الدخول في التعاريف واختلاط المفاهيم, واستعمال كلمات وكأنها مترادفات مثل insertion : وهو إدخال عنصر طارئ أو دخيل في مجموع السكان, سواء أكان ذلك قد تم بشكل جيد أو رديء. ويُمكّنه في المجال الاجتماعي من: الحصول على سكن, وعمل, وكل ما يسمح بوجود مكانة له في المجتمع. وإقامة علاقات وروابط مع الآخرين في هذا المجتمع. والواقع, ومنذ مدة عقدين على الأقل, تعترض عملية الإدخال هذه مشاكل تتمثل في البطالة, ونوعية العمل وطبيعته ومدته. مما يعمق الفوارق الطبقية و يقود بالتالي إلى اللامساواة الفعلية في شتى الميادين.
أو كلمة assimilation : المماثلة. أي بناء علاقات وطنية متدرجة مع المجتمع المستقبل لهم, ويتضمن إدغام السلوكيات الخاصة, والمشاركة في القيم وطرق المعيشة, وقبول القيم الأخلاقية والعادات والتقاليد السائدة في هذا المجتمع الذي دخله المهاجر ويقيم فيه. إضافة للمماثلة في المجالات الأساسية كاللغة, والقانون العام, والقانون الخاص...
الاندماج intégration : يعني , حسب البعض, التلاؤم دون صراع أو صدام خطير, ويرتبط باكتساب المواطنية والجنسية. وقد عرف المجلس الأعلى للاندماج هذا المصطلح على انه " إجراء بواسطته يتم تشجيع مشاركة العناصر المتنوعة والمتعددة للمساهمة الفعالة في المجتمع الوطني, والقبول بالخصوصيات الثقافية, والاجتماعية, والأخلاقية, والإيمان الصادق بان هذا المجموع يغتني من هذا التنوع وهذه التعددية المركبة.
ومع ذلك فان هذا المصطلح يحمل معان واسعة, ويتضمن المصطلحات الأخرى المشار إليها أعلاه, ويعني بعضها أن الأشخاص من أصول أجنبية مدعون للذوبان في المجتمع الفرنسي, وعليهم احترام واجباتهم. في مقابل ذلك على المجتمع المستقبل لهم أن يأخذ بعين الاعتبار التعددية, والاختلاف, على أنها عناصر ايجابية و مصادر غنى.
ومما يعيق المصداقية في الدعوة للاندماج, استمرار النظرة بعدم الرضا والارتياح للمهاجرين من أصول مغاربية, ولأسباب عديدة: يعود بعضها إلى الماضي الاستعماري, وحرب الجزائر, والعرق المعتبر على انه في مرتبة دنيا في مقابل الأصول الأوربية, والدين.
يزيد في ذلك حاليا ظهور التطرف والممارسات العنيفة, ليس فقط في البلدان العائدة إليها أصول المهاجرين, وإنما كذلك في المجتمعات المستقبلة لهم, وخاصة من قبل بعض المهاجرين من الجيل الثاني والثالث, ممن يفترض إنهم قد حققوا اندماجا ناجحا يتلاءم مع التربية والتعليم, والعيش منذ الولادة في المجتمعات المستقبلة لهم. هؤلاء يعتبرون الحديث عن الاندماج في حالتهم مجرد هراء واستفزاز, لأنهم فرنسيون منذ ولادتهم, ولا وطن لهم غير فرنسا, كغيرهم من أصحاب الأصول الفرنسية.
لم تكن مسألة الاندماج مطروحة أو ملحة مع الجيل الأول من المهاجرين من البلدان الإسلامية, وبشكل خاص بلدان المغرب العربي, في الخمسينات حيث كانت أعدادهم قليلة, مؤلفة من أشخاص في غالبيتهم لا يريدون الاستقرار الدائم في فرنسا, وإنما مجرد العمل للحصول على ما يسمح لهم, ولأفراد عائلاتهم المقيمة في بلدانهم الأصلية, بتحسين أوضاعهم المادية والمعيشية.
في الستينات رفع استقلال الجزائر الشعور عند المهاجرين بالعزة والكرامة الوطنية, فزاد رفضهم للاستقرار الدائم في فرنسا, أو طلب الجنسية الفرنسية, المنظور إليها على أنها جنسية المستعمر القديم بأفعاله الدموية في بلدهم الأصلي.
ولكن الوضع تغير سريعا ابتداء من عام 1974 مع سياسة التجمع العائلي أو لم الشمل regroupement familial. منذ ذلك التاريخ بدأت اسر مغاربية بأكملها تأتي للإقامة الدائمة في فرنسا. هذه الأسر تتكون من أعداد كبيرة من الأبناء والبنات, دون سن البلوغ, إذا ما قيست بالأسر الفرنسية, وبمقدرة عالية على الإنجاب تزيد ها الحوافز المادية والمساعدات العائلية, والضمان الاجتماعي والصحي. وقد تركزت في ضواحي العاصمة والمدن الكبرى, ُمشكّلة غالبية عظمى من سكان تلك الضواحي التي أصبحت تعرف بالمناطق الصعبة zones difficiles, جالبة معها طرق معيشتها وأنماط تفكيرها, وعاداتها وتقاليدها.
و هذا ما قوى, ظاهريا, العلاقات فيما بينها على حساب الانفتاح على المجتمع الجديد وحقائقه, بكل ما فيه, بالنسبة لهم, من غريب الثقافة والعادات والسلوك والقيم التي ينظرون إليها على أنها متعارضة مع تلك التي يحملونها. وبشكل خاص المفهوم الأسري, ودور المرأة, ومكانة الرجل, ومفهوم المساواة بينهما, واختصاص القانون الفرنسي في حل منازعاتهم العائلية, وتدخل المنظمات النسائية والمساعدات الاجتماعيات assistante sociale في الأمور الداخلية للأسرة لصالح المرأة والأطفال في كل مرة يتطلب الأمر تدخلها. مما يقف عائقا في وجه تفرد رب الأسرة في التحكم بطرق تربية أفراد أسرته, وخاصة الإناث منهم, وحسب أهوائه. فكثيرا ما نرى في الدعاوى المرفوعة أمام قاضي الأحداث قضايا يعتبرها رب الأسرة من اختصاصاته هو وحده, منحته إياها الأعراف والتقاليد التي نشأ عليها في بلده الأصلي. مما يزيد التوتر في العلاقات بين أفراد الأسرة, وما يترتب عليه من مشاكل لا تبقى دائما سلمية.
المطالبة العشوائية باندماج ضبابي المحتوى معيب الشكل, كما اشرنا أعلاه, وغير القائمة على معرفة حقيقية لذهنية المهاجر, والثقافة والعادات والتقاليد المتأصلة فيه عبر الأجيال, والموجهة بشكل مباشر وغير مباشر لسلوكه, أو لبعضه, من جهة. ومطالبات بعض المهاجرين أنفسهم, وعلى طريقتهم, باندماج غير مفهوم طبيعته ولا حدوده, وغير واضحة نتائجه, ومن أشخاص غير مؤهلين لذلك, من جهة أخرى, ينعكس سلبا على طرق التخاطب ووسائله.
مع رغبة الاستقرار الدائم في المهجر, لأسباب اقتصادية في غالبيتها, ازداد بشكل كبير طلب الجنسية الفرنسية, التي كانت تمنح بسهولة ودون تعقيد في المراحل الأولى, مما بعث الخوف في نفوس الكثير من الفرنسيين, وبشكل خاص اليمين واليمين المتطرف, المتهم لليسار بتسهيل التجنيس لأغراض حزبية, خاصة وان غالبية المهاجرين يميلون للتصويت لليسار في كل أنواع الانتخابات.
وبدأت الادعاءات بان الفرنسيين الغاليين gaulois لا ينظرون لحملة الجنسية المزدوجة بارتياح, باعتبارهم من "الفرنسيين الجدد" فالذي, كما يرون, يريد أن يكون فرنسيا حقيقيا, وولاءه لفرنسا وحدها دون غيرها لا يمكنه حمل جنسية أخرى غير الفرنسية, وان كان القانون يسمح بذلك.
وتبقى, في غالبية الأحوال, وجوه وأسباب الاختلاف في مفهوم الاندماج كبيرة ومتنوعة, يبين احدها ما أورده رئيس بلدية إحدى الضواحي في إحدى المدن الفرنسية الكبرى, أثناء عقد قران فرنسي مسلم من الجيل الثاني من أصول أجنبية على فتاة من نفس الجيل والأصول:
" انتهيت من عقد زواج شاب وشابة مسلمين, لم تكن ترفع الفتاة عينيها, حتى عندما ردت على سؤالي بكلمة نعم, أي إعلان موافقتها على زواجها من خطيبها. بعد إعلاني زوجهما حسب القانون, تقدمت نحو الزوجين للتهنئة. صافحت الزوج الذي قال لي فورا عندما هممت بمد يدي لمصافحة زوجته: ـ السيد رئيس البلدية لا تلمس يد زوجتي. فسائلته لأي سبب أيها السيد؟ فأجاب فورا إن هذا ليس من تقاليدنا. فقلت ولكنك فرنسي مثلي تماما, والتهنئة مُعّبر عنها عادة بالمصافحة, وهذه من تقاليدنا. واعتقد أن عليك الاندماج في تقاليد البلد الذي اخترت الانتماء إليه. ـ أنا سيدي رئيس البلدية مندمج كليا, ولكن ما تريد فعله أنت ليس من التقاليد الإسلامية. وبعد بعض الأخذ والرد قلت له أيها السيد لفرنسا تقاليد يهودية مسيحية judéo-chrétienne وستبقى. وأنت لا تستطيع فرض تقاليد إسلامية غريبة عنها. فأجاب سنرى". ويضيف رئيس البلدية المذكور: "عند سماعي الجواب شعرت وأنا عائد إلى مكتبي بقشعريرة برد سرت في ظهري". (Pierre Berenard en Réussir l’intégration des immigrés de la deuxième génération, p.64 N° 11).
ولكن رئيس البلدية لم يفكر بما شعر به محاوره الفرنسي من أصول مهاجرة, من الجيل الثاني, عندما سمع بعدم إمكانية قبول التقاليد الإسلامية الغريبة في فرنسا التي هي بلد هذا الفرنسي مثلما هي بلد رئيس البلدية المذكور. أليس في هذا إقصاء, وعدم اعتراف بالدين الثاني في فرنسا بعد الكاثوليكية, ألا يتعارض مع قيم الجمهورية التي يعتز بها الفرنسيون, مثل حقوق الإنسان, والحريات الفردية والعامة, ومع ابسط مبادئ الديمقراطية, خاصة وان ليس في الأمر فرض تقاليد إسلامية, وإنما مطالبة بعدم تنكر الآخرين لها باعتبارها نوع من الحريات الفردية والعقائدية التي لا تتعارض مع العلمانية التي تعتز بها الجمهورية. ألا يتسبب هذا بقشعريرة برد في ظهر كل فرنسي من أصول أجنبية, يعيش في ظل الجمهورية المذكورة, وبدرجة أين منها قشعريرة رئيس البلدية, الذي لم يدرك, رغم موقعه, الأسباب التي تولد موجات قشعريرة باردة أو ساخنة؟.
لاشك أن التذكير, بفجاجة, بمناسبة ودون مناسبة, بحقائق تاريخية بان "مصادر الحضارة الفرنسية تعود إلى الإغريق و الرومان, مُكمّلة روحيا باليهودية, ثم لاحقا بالمسيحية, وإذا ما " رُفضت هذه الأصول لا يعود هناك فرنسا", ليس من قبيل الإطلاع على التاريخ الذي درسه الجيل الثاني من المهاجرين في المدارس إلى جانب زملائهم الفرنسيين من أصول غالية, وإنما للإيحاء بان ما عدا ذلك دخيل وغير مقبول, ولا يمكنه أن يكون عنصر بناء, حتى ولو أصبح واقعا, ومستقرا, و حاضرا بقوة في المجتمع وعند فئة من مكوناته. انه نوع من الإثارة المقصودة التي لا تصب مطلقا في سياسة الاندماج .
مقابل هذا الرفض, الذي كما ذكرنا أعلاه لا يمثل الأكثرية ــ حسب ظواهر الأمورــ تُسمع, حديثا, في الضواحي التي أشرنا إليها أقوال مثل: أصبحنا اليوم مسلحين بقوة سياسية تتمثل في الالتفاف الشديد حول أصول ومراجع ديننا. وانه مقدر لنا, وموعودون, بأننا سنصبح أكثرية سكانية بتكاثرنا, وعندها لا يعود يُفرض على المسلمين العمل للاندماج بفرنسا, وإنما على فرنسا الاندماج بالإسلام.
مثل هذا التجاذب الفكري, وردود الأفعال, التي تتحول أحيانا لصدام وأعمال عنف, متولد في غالبيته عن غموض مفهوم الاندماج ــ وطرق طرحه الخاضعة للأهواء والتوجهات والمصالح السياسية ــ المتأرجح بين القبول أو الرفض, أو القبول على مضض, المعادل للرفض, من أصحاب الحضارات والأديان المختلفة, لا يوصل إلى اندماج وانسجام في المجتمع, ولا إلى مساواة في المواطنية. وإنما على العكس هو في أس الأزمات, الظاهر منها والمستتر.
ولا تُنكر, مع ذلك, جهود الكثير من المخلصين الذين يؤرقهم فعلا الخوف من فشل محاولات الاندماج المدروس, والقائم على الواقع وعلى الاعتدال, ومفاهيم التسامح, في مجتمع متعدد الثقافات, والحضارات والأديان, وما قد يتركه من اثر سيئ على مستقبل الاستقرار والأمن في مناطق عديدة في فرنسا.
فمسيرة الاندماج طويلة, بدأت عرجاء وهكذا ستبقى, إن اقتصرت على مجرد تجاور أسماء وصفات وأمكنة, وبمزاجية وظرفية وارتجال.
د. هايل نصر.
التعليقات (0)