مواضيع اليوم

أسلمة " الفيس بوك ".

محمد مغوتي

2010-05-31 00:40:23

0

    قبل أيام صدر قرار عن حكومة اسلام أباد بحجب موقع " فيس بوك " من التداول في الشبكة العنكبوتية في الأراضي الباكستانية بعد دعوة صدرت في احدى صفحات هذا الموقع التواصلي العالمي لنشر صور مسيئة للرسول محمد صلى الله عليه وسلم.
    بعد نداءات المقاطعة المتكررة لبضائع عدد من الدول الغربية من طرف هيئات المجتمع المدني في العالم الاسلامي في كل مرة يحدث شنآن يتعلق بقضية ذات صلة بالاسلام والمسلمين. هاهي الدولة هذه المرة في باكستان تتبنى المطالب الشعبية و تعلن مقاطعة منتوج من نوع آخر. ومنع تصفح " الفيس بوك " يحمل دلالات أمنية بالدرجة الأولى. اذ تشهد المدن الباكستانية في مثل هذه المناسبات حركات احتجاجية كبيرة وغليانا شعبيا تخشى الحكومة من تبعاته، خصوصا وأنها تعتبر حليفا استراتيجيا للغرب الذي يتهمه الرأي العام المسلم بمعاداة المسلمين وقضاياهم. لذلك فان أي تحرك جماهيري تحت تأثير العاطفة الدينية ونصرة الرسول سيضر بالحكومة المحلية قبل أي طرف آخر. وفي سياق سياسة الاستباق بادرت السلطات الى منع الموقع لامتصاص أكبر قدر من الغضب الشعبي في مثل هذه المناسبات الذي تعرف انفلاتات أمنية بسبب السخط والغضب العارم في الشارع.
    قرار الحكومة الباكستانية الذي تم التراجع عنه بعد سحب الدعوة الى مسابقة الرسوم الكاريكوتورية من طرف المشرفين على الموقع بعد ذلك، لم يشف غليل الرأي العام المحلي، فقد بادر عدد من الشبان الى تصميم موقع جديد. حيث قام ستة من العاملين في مجال تكنولوجيا المعلومات في لاهور، (العاصمة الثقافية لباكستان)، بإطلاق موقع "مللتفيس بوك.كوم" لتواصل المسلمين عبر الإنترنت. وقال "عثمان زهير " مدير التشغيل في الشركة التي تستضيف الموقع " نريد أن نقول للمسؤولين عن "فيس بوك": إذا أسأتم التعامل معنا فعليكم تحمل العواقب .. وإذا أساء احد للنبي محمد فسوف نصبح منافسين له ونكبده الكثير من الخسائرالاقتصادية ".
   لقد كانت نداءات المقاطعة التي يرددها المسلمون في كل مناسبة مماثلة لا تؤتي ثمارها بسبب غياب البدائل الممكنة لتعويض البضائع التي تتم مقاطعتها، حيث تفتقد المنتوجات المحلية للجودة والتنافسية، لذلك يبدو أن الخطوة التي أقدم عليها الباكستانيون تحاول أن تتجاوز هذه المشكلة بالتحديد. لكن البديل المقترح هو في الواقع نسخة كربونية من " الفيس بوك "، أو لنقل ان الأمر يتعلق بعملية أسلمة لهذا الموقع التواصلي الأول عالميا. وعلى الرغم من الرهان الذي يضعه الباكستانيون على الموقع الجديد، فان هذا الأسلوب من المواجهة لن يؤتي ثماره. اذ من المؤكد أن هامش الحرية لن يبلغ سقف ما يقدمه " فيس بوك ". كما أن البحث عن العالمية من خلال موقع موجه للمسلمين يحمل في حد ذاته تناقضا لا يمكن أن يخدم الاسلام. فالرهان الحقيقي اليوم هو تصحيح الصورة النمطية التي تكونت لدى الغرب عن المسلمين بفعل غزوات الوهابيين. لذلك ينبغي أن تمتد جسور التواصل والحوار مع هذا الغرب، وهو ما لا يمكن أن يتحقق بمزيد من التخندق في " كانتوهات " مغلقة تجعل المسلمين خارج سياق التاريخ ، ولا يتواصلون الا مع أنفسهم.
    من الواضح أن مشكلة الحرية ستظل دائما موضوعا مثيرا للقلاقل و الصراع بين الثقافات المختلفة، فما نراه نحن خطوطا حمراء لا ينبغي المس بها هي ليست كذلك بالنسبة للآخر. لكن بضعة أصوات معادية للاسلام هنا أو هناك لا تعبر عن حقيقة الغرب، فالتطرف موجود في كل مكان. والتعايش مطلب ضروري بين الشعوب والثقافات حتى يتم تفويت الفرصة على كل المغرضين من الجانبين. والاحترام المتبادل مفتاح هذا الطموح من منطلق: " تنتهي حريتي عندما تبدأ حرية الآخرين. "
                                           محمد مغوتي.30 /05/2010.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !