أسطورة حية.
   في 18 يوليوز سنة 1918 أبصر نلسون مانديلا النور. حينها بدأت الفصول الأولى لحكاية من زمن الأساطير. حكاية كتبت بمداد البطولة والتضحية و التفاني في خدمة القضية.
   نلسون مانديلا هو شخصية القرن العشرين بامتياز. و هو يحظى باحترام شديد في العالم بأسره. إنه ملهم الملايين و قائد شعب جنوب إفريقيا نحو الحرية و الإنعتاق من طغيان نظام " الأبارتايد العنصري". ونجح هذا القائد الكبير في إحقاق الحق و اغتيال الفصل العنصري في بلده بعدما ضحى في سبيل ذلك ب 27 سنة من حياته التي قدمها قربانا لقضية شعبه العادلة. لقد قضى فترات حالكة في سجنه، لكنه كان يتلقى ضربات جلاديه بصبر و عزة نفس،لأن دافعه كان أقوى منهم جميعا. لقد كان صاحب حق. و الحق يعلو و لا يعلى عليه. و كانت مكافأة شعبه له في حجم المنتظرات عندما حمله أبناء بلده على الأكتاف ليصبح أول رئيس للبلاد بعد نهاية حقبة التمييز العنصري. و كان مانديلا بدوره في مستوى المسؤولية. و أصبحت جنوب إفريقيا بفضل ثقافة التسامح التي غرسها " مانديلا" في النفوس مكانا للتعايش السلمي بين السود و البيض دون أن يكون للماضي العنصري البغيض أي تأثير على العلاقات بين الطرفين.
   مانديلا نموذج جميل للشخصية الكاريزمية و المؤثرة بشكل إيجابي. و قد ارتبط اسم دولة بأكملها بهذه الشخصية الفذة. و كان لصورة الرجل وقع خاص على الجميع و في كل الميادين. و ما كانت جنوب إفريقيا لتحظى بشرف احتضان تظاهرة من حجم كأس العالم لولا الحضور الوازن لشخصية مانديلا في أعين أصحاب القرار... ولأن " ماديبا " ( كما يحلو للجنوب إفريقيين تسميته) شخص إستثنائي بكل المقاييس، فإن الأمم المتحدة قررت قبل أشهر تخصيص يوم عالمي باسمه بمناسبة عيد ميلاده. و هكذا عرفت عدد من دول العالم احتفالات تكريمية يوم 18 يوليوز في ذكرى عيد ميلاده الثاني و التسعين. وهو يستحق كل التكريم لأنه شخصية عالمية تجاوز بريقها الحدود الترابية لبلده، ليصبح مواطنا كونيا يعبر بصدق عن الإنسانية في أسمى معانيها، و استطاع أن ينبعث من رماد المعاناة ليصنع أفراح شعبه و كل الشعوب المقهورة التي لابد أن تستلهم من تجربته دروسا و عبرا.
       ميلاد سعيد يا " ماديبا ". و كل عام و أنت بخير.
    محمد مغوتي. 19/07/2010.