مواضيع اليوم

أسرار وعجائب

عمر شريقي

2009-02-02 08:15:15

0

أسرار وعجائب

حفار القبور ،،

كيف ينظر المجتمع إليه ؟

طلق زوجته الأولى لأنها تنعار من عمله ،،

 ويعلم الثانية على تغسيل الأموات  !!

--------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------

 

دمشق : عمر شريقي

 

على أطراف المدينة تقع المقبرة ، وهي أول دار نهاية ،، دخلتها بعد أن قرأت السلام عليهم والفاتحة على أرواحهم وكانت هناك قبور تنمو بجانبها الأشجار والأزهار وأخرى بعض الأعشاب ماتت أزهارها ويبست كأصحابها ، وبعد أن تجولت فيها بدأت أقرأ بعض شواهدها لكبار وصغار ونساء ورجال ، غادرتهم بالسلام عليهم حينها التقيت بالحاج علي فخرو ( 42 سنة ) الحفار ، أو كما يقال الحانوتي الذي فضل الأخيرة عن الأولى ، وجلسنا سوية قرب قبر مرخم ومسور بالحديد حيث أتى بكرسيين من القش مع فنجان من القهوة بدأ الحوار :

تعلمتها من والدي

لماذا اخترت هذه المهنة ؟

لأن والدي هو الذي علمني هذه الحرفة ، وأنا أعمل بها منذ كان عمري سيع سنوات وإلى الآن لم أنقطع عنها ، وهي مصدر عيشي ورزقي فكيف لي أن أتركها .

زوجتك عندما تقدمت لخطبتها هل كانت تعرف أنك حفار قبور ؟ كيف رضيت بك ، وكيف قبلت السكن داخل المقبرة ؟

في البداية هي قبلت ، لكن أهلها كانوا معارضين نهائيا ، وبقولون لها كيف يمكنك أن تتزوجي رجل يعمل في المقابر يوميا ، لكن اصرارها أقنع الأهل بالموافقة بي إلا أنهم كانوا يخافون مني ولا يأكلون من طعامي بل يأتوا بطعامهم معهم ، وبعد أن أنجبت ثلاثة أولاد تغيرت معي نهائيا علما أنها كانت تكبرني بعام ، وكانت كل مرة تطلب مني أن أطلقها لأن لاتريد العيش معي إن بقيت في المقابر ، وكانت تعلم أولادي ضدي وتنعار مني ولكن دون جدوى حتى طلقتها نهائيا وأولادي هم معي يعملون بنفس المهنة .

وهل تزوجت بعدها ؟

نعم تزوجت وعمرها حاليا 23 سنة وعندي منها أربعة أولاد أصغرهم عمره ستة أشهر ، ومنهم في المدرسة وعندي بنتان متزوجتان وعندهم أولاد .

وهل تريد توريثهم هذه المهنة ؟

لما لا ،  فهي مهنة رائعة لمن يقدرها حق تقدير .

كيف يعيشون أولادك ، هل هناك انتقادات من المدرسة بأن والدهم حفار قبور ؟

هذا صحيح ، حتى أنني كنت أنوي إخراجهم من المدرسة بسبب الملاسنات الكلامية للأولاد ، وفي كثير من الأحيان يأتون وهم يبكون بسبب ذلك .

وكيف يقضون الأولاد استراحتهم وبعيدا عن المدرسة ؟

يقضونها في المقابر من الصباح وحتى المساء يلعبون مع بعضهم البعض ولهم أصدقاء من نفس المنطقة ، وأحيانا عندما أكون مشغولا يساعدونني في حفر بعض القبور ، لأنني كما تعلم أحفر قبور كل يوم ، أي أجهز أكثر من قبر وحسب الحاجة .

وكم ميت تدفن في اليوم الواحد ؟

حسب الظروف ، أحيانا خمس أموات وأحيانا أقل من هذا العدد .

أنت هل تتمنى الزيادة في الأموات أم عكس ذلك ؟

هذا الشيئ بيد الله سبحانه وتعالى ، لكن نحن نستفيد أيضا ويكون الرزق أكثر .

وكم تأخذون على المتوفي الواحد ؟

إذا كان قبر جديد نأخذ 650 ليرة سورية ، وإذا كان القبر قديم 350 ليرة سورية .

هل هناك إكراميات من أهل المتوفي ؟

نعم ، ويعتبرونها صدقة جارية على روح المتوفي ، وهناك من لا يدفع ولا يمكننا أن نجبره على الدفع .

كيف هي علاقتك مع أهل الكار ؟

لا يوجد أحد غيرنا يعمل بهذه المهنة ، وعلاقتنا مع الجمعية فقط .

الحفار شخص غير مرغوب به

نظرة الناس إليك كيف تراها ، وكيف تتعامل معهم أنت ؟

أكثر الناس تخاف مني ، وهناك فئة قليلة جدا تحترمني لأنني قمت بواجبي تجاه أهاليهم المتوفين ، وبشكل عام أنا شخص غير مرغوب بي إطلاقا .

زوجتي تتعلم المهنة

هل ستورث هذه المهنة لأولادك من بعدك ؟

نعم وقد أوصيتهم بها ، لأنها مهنة الأباء والأجداد وكل أولادي يتقنون هذه الصنعة بالاضافة إلى أخوتي عزالدين ومحمد ، حتى أنني بدأت أعلم زوجتي على المهنة .

وما هو الدور الذي ستعمل به زوجتك ؟

دور مهم جدا تغسيل الأموات ( النساء ) ، لأن والدتي تعمل بها منذ حوالي 40 سنة والحمد لله صحتها جيدة رغم أنها تعدت 74 سنة .

نظرتك لفكرة الموت ،، هل تخاف من الموت ؟

سابقا كنت أخاف عندما أرى الوجوه يوميا فكنت دائما أخاف في الليل حيث أتذكر هذه الوجوه ومع الوقت اعتدت على رؤية الأموات ، وأول مرة طلب مني والدي أن أنزل متوفي صغير رفضت لكنه أرغمني على فعل ذلك ومنذ ذلك اليوم تأقلمت مع هذا العمل ومع الأموات وأصبح الأمر طبيعيا بالنسبة لي بل ومحببا .

من سيدفنك أنت ؟

أوصيت أولادي ، وقمت بتجهيز قبر خاص بي جانب المنزل .

هل حصل أن قمت بفتح قبر قديم ووجدت الميت على حاله ؟

نعم هناك أموات لم تتفكك أجسادهم وهناك حالات يكون الهيكل العظمي أسود ، وحالات يبقى الهيكل متكاملا غير متفكك عن بعضه ، وأغرب هذه الحالات حفرت قبر عمره حوالي 68 سنة حيث كانت فيه امرأة وجدتها كما هي وكأنها دفنت منذ ساعات وسبحان الله حينها شعرت أن جسمي يرتجف من هذا المنظر ، وهناك قصة أخرى كنت صغيراأساعد والدي بحفر قبر قديم فوجدت ثعبانا كبيرا يلف الهيكل العظمي ولم نستطع اخراجه من القبر فاضطررنا لحفر قبر آخر

نظرة المجتمع سيئة

بعد أن انتهينا من الحوار دخل علينا شقيقه الأصغر عزالدين ( 36 سنة ) وهو يحمل بيديه عدة الشغل سألته أين كنت أجاب :

كنت أقوم بحفر قبر لطفل سيتم دفنه بعد حوالي ساعة ونصف الساعة تقريبا .

كم تأخذ أجر على دفن الطفل ؟

مئتان ليرة سورية ، ويمكن أن يعطوني أهله أكثر .

حدثنا عن نظرة المجتمع للحفار ؟

منهم يقدر هذه المهنة ويحترمها ، والبعض الآخر وما أكثرهم يأخذون الأمر بسخرية بمعنى : ما هي أخبار الأموات ، وكيف الحركة اليوم ؟ هذه الأسئلة أتعرض لها دائما في الشارع وفي السوق وفي أي مكان أذهب إليه .

هل أنت متزوج ، وكيف قبلت زوجتك بمهنتك كحفار ؟

متزوج وعندي ثلاثة أولاد وكلهم في المدارس ، وبداية الأمر كان هناك اعتراض من الأهل وبعد محاولات عديدة تم القبول مع العلم أنني أخبرتهم بطبيعة عملي ومسكني داخل المقبرة والحمد لله الأمور ماشي الحال .

هل ستعلم أولادك هذه المهنة في المستقبل ؟

لا ، بل أريدهم متعلمين وطموحي في الحياة أن أدخلهم أفضل المدارس وأراهم في المستقبل في الجامعة لأن التعليم أفضل وسيلة في الحياة .

هل صحيح أن الأرواح تزور القبور ؟ وهل هناك أصوات تخرج من القبور ؟

الأرواح تزور القبور هذا شيئ علمه عند الله ، أما الأصوات التي تقول أنها تخرج من القبور فهذا الكلام غير صحيح نهائيا ، نحن نعيش هنا ولا مرة سمعنا أصوات من داخل القبور .

ماذا تعلمت من هذه المهنة ، هل تخشون الموت أكثر أم تتعاملون معه ببساطة أم ماذا ؟

بالتأكيد لدينا رادع أكبر لأننا نرى بأعيننا ، وبالتأكيد هذا الرادع يجعلنا نخاف الله أكثر ونعمل بما يرضيه ، ونحن نحافظ على هذه المهنة لأننا نعتبرها شرفنا ولنا ثواب والأجر عليها .

 

------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------

 

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !