توقف علو الإنسان فى درجات القرب على النوايا والطوايا التى تصاحب العمل لله، وإذا كان يريد بعمله الدار الآخرة فهو مسلمٌ، وإذا كان يريد بعمله وجه الله فقد دخل فى مقامات الإحسان لأن المحسنين هم الذين يعملون العمل طالبين رضاء ربِّ العالمين.أ
وكل ذلك مداره على القلب، فإذا أردت أن تكون كلُّ حركاتك وسكناتك طاعات فلابد أن تصحصح القلب حتى يكون واعياً وساعياً ويتلقى من الله عند كل حركة وسكنة نوايا سديدة وإلهامات رشيدة تصحِّح بها الأعمال، ولذلك كان e يقول وما أصدقه وما أحكمه صلوات ربى وتسليماته عليه:
فالنائم قد يكون أفضل! كيف يكون نائماً وأفضل من القائم؟
لأنه نائم وقلبه بمولاه هائم، فمن الجائز أن تكون الأعضاء متعبة ولا تستجيب للصلاة لكن القلب فيه صلة بينه وبين مولاه، قلبٌ حاضرٌ وذاكرٌ وفاكرٌ وشاكرٌ لمولاه، والآخر من الجائز أن تكون الأعضاء واقفة وتركع وتسجد ولكن القلب شارد عن مولاه!
هذا القلب يريد من الخلق أن تمدحه على هذا العمل ويعظِّموه ويكرِّموه فى هذه الحياة وهو يعمل من أجل الرياء والسمعة، هذا العمل غير مقبول عند الله U، ولذلك تصدر أحياناً من بعض الصالحين أعمال يظنها بعض الجهال شرور وآثام وهى قربات وبركات عند الواحد العلام U، لأن العارفين يريدون الله:
فخل الخلق خلفك ثم عامل
بصدق ذات مولاك العلية
ولا يريدون الظهور ولا الشهرة ولا الرياء ولا السمعة، وفيهم يقول e:
فكان هدفهم دائماً أن يسقطوا شهرتهم بين الخلق حتى يظلوا دائماً فى صفاء ونقاء مع الحق U، لأن الخلق لو عرفت إنساناً ولو كان من كبار المقربين ربما يشغلوه عن ربِّ العالمين ويقطعوه عن مناجات الله والأُنس بالله جل فى علاه:
والخلق فتنة من أردت صدوده
وشهودُ أهل البعد فى الأدوار
لكن الله إذا أراد أن يجمع العباد عليه فهذا شأنه، لكن لا يسعى هو للخلق ليعرفوه ويتعرفوا عليه لأنه لا يريد إلا الحق U، فإذا صلح القلب فيكون كما يقول سيدى أبويزيد البسطامى t وأرضاه: (لو قال العارف سبحان الله بصفاء قلب مرة واحدة فى عمره لكفته فى دنياه وفى أخراه)، فمثله لا يحتاج إلى عدد لأنه يوجد مدد، ومثل هؤلاء ورد معنى حديث رسول الله r:
{ إن لله عباداً التسبيحة من أحدهم مثل جبل أحُد }، وفى الأثر:
{ وربَّ تسبيحة من إنسان أفضل من ملء الأرض من عمل غيره، وكان إدريس يرفع له في اليوم مثل عمل جميع أهل الأرض؛ وأن الرجلين ليكونان في الصف وأجر ما بين صلاتهما كما بين السماء والأرض.}
ولذا قس على ذلك فكلنا نقرأ الفاتحة ولكن هل قراءتنا واحدة؟!وكلنا نصلى فهل صلاتنا واحدة!! بالطبع لا وقد وردت الأحاديث فى ذلك
التعليقات (0)