صفية المغيري.. البلادي اليوم
بدأت ظاهرة تشغيل الأطفال تأخذ حيزا مهما من منظر الشارع العراقي والتي تنعكس على المجتمع بشكل عام وعلى الأطفال بشكل خاص، وتلمس في بغداد والمدن العراقية لاسيما في المحلات المتنقلة والمنصوبة مؤقتا على الطرقات، والأحياء الصناعية، أطفال يقومون بأعمال صعبة لا تتناسب مع أعمارهم وبفترات عمالة طويلة تمتد إلى أخر النهار مقابل أجور بسيطة .
إذ أن عمل الأطفال دون السن القانوني يعد مؤشرا خطيرا وملفتا للنظر , أطفال يذهبون إلى المدرسة في كل صباح وآخرون يتجهون نحو عمل مضن يفوق طاقاتهم البدنية. بعد هذه المقدمة ولتسليط الضوء على هذا الجانب ارتأينا أن نلتقي عددا من العوائل وعددا من الصبية للبحث عن العوامل والأسباب التي تساهم في تقويض هذه الظاهرة ومنعها من الانتشار , فكان أول المشوار في جولتنا هو مرآب إحدى المدن الشعبية في بغداد إذ شاهدنا عددا كبيرا من الأطفال امتزجت رائحة الدهون في ملابسهم حتى أصبحت سمة من سمات عملهم .
الطفل ( وسام ضياء الدين ) لم يتجاوز عمره 11 سنة تحدث معنا قائلا : إنا اعمل منذ ثلاث سنوات في هذه المهنة لصالح أبي وشريكه ولهذا تركت المدرسة حتى أساعد أبي على العمل وعندما اقتربنا من والده قال : ماذا تنفع المدرسة فالأفضل ان اصطحب ولدي معي إلى العمل ليستفيد منه في حياته .
الطفل ( احمد كريم ) 14 سنه قال لنا : إنا من عائلة فقيرة والدي توفى منذ سنوات وانا الوحيد الذي أعيل عائلتي المكونة من أمي وأخواتي الأربع وعملت منذ أربع سنوات مع احد أقاربي لكي يعلمني المصلحة في العمل وألان استطيع أن أصلح أي سيارة مهما كان عطلها .
وفي حي الغدير وإمام محل لتبديل الدهون يعمل الطفل ( سيف عبد الأمير ) 13 سنة تلطخت ثيابه بالزيت ورائحة البنزين المحترق , سألته منذ متى وأنت تعمل هنا ؟ أجابني : اعمل منذ فترة هنا مع أبي كي أتعلم المهنة , قلت له والمدرسة ؟ أجابني : المدرسة لاتنفعني .
أما والده فقد أجاب عن عمل طفله الصغير , اعلمه مهنة وهو صغير حتى يصبح اسطة في عمله عندما يكبر . ومن ثم اتجهنا صوب منطقة الشورجة لنرى احد الأطفال وهو يبيع بدلات ولادي وجهنا له السؤال الأتي : , منذ متى وأنت تعمل ؟ فأجاب منذ سنتين حيث ابدأ العمل منذ الصباح الباكر إلى ساعات متأخرة من النهار كي يتسنى لي بيع اكبر عدد ممكن من تلك البدلات وذلك لأعيل عائلتي المكونة من ثلاثة إفراد ووالدتي، إذ استشهد أبي في إحدى العمليات الإرهابية، لذلك يجب على الرجل ( ويعني نفسه ) أن يتحمل الصعاب من اجل عائلته .
ثم بعد ذلك انتقلنا إلى الطفل (امجد ) في الصف الثالث يعمل في بيع أكياس النايلون وفي معرض أجابته عن سؤالنا عن سبب عمله قال: (حالتنا المادية غير جيدة، أبي عاطل عن العمل وإنا مضطر إلى العمل في السوق ) ثم التقينا زميله في العمل الطفل (كرار) في الخامس الأبتدائي وسألناه نفس السؤال ماهو سبب عملك ؟ فكانت أجابته كالآتي : والدي كبير في السن ومريض وإنا مضطر إلى العمل في السوق الأمر الذي جعلني اترك المدرسة وإنا في الصف الخامس لأن المدرسة لها مصاريف ونحن غير قادرين على تحملها فنحن خمسة أولاد وثلاث بنات ونحن نسكن في بيت إيجار) .
التقينا (سامر) طالب في الصف الثالث الابتدائي يعمل في مقهى شعبي في إحدى مناطق بغداد ولديه 4 أخوة ...قمنا بسؤاله عن سبب عمله فجاءت إجابته بريئة براءة الطفولة حيث قال: (اعمل في العطلة كي اجمع المال لشراء الملابس الجديدة للدوام و لكي أقوم بمساعدة أهلي ) وسألناه عما إذا كانت لديه أمنية للمستقبل فأجاب: (أحب أن أكون طبيبا).
أما "صاحب العربانة" سالم فقد اختصر الطريق ولم يدخل للمدرسة أصلا وهو يتيم الأب وبنيته نحيلة جدا ويدفع (العربانة ) لمئات الأمتار لكسب المال لمساعدة والدته والأدهى من ذلك أن (العربانة) ليست ملكا له بل هو مستأجر لها .
وهذا العمل من الأعمال الشاقة والوضيعة التي تترك آثارا سلبية على نفسية الطفل وبناء شخصيته في المستقبل، فمثلا لقب (حمّال) سيظل يرافقه إلى آخر عمره. ويعتبر هذا العمل من اشق الأعمال الجسدية على الطفل. شاهدنا إحد الأطفال يعرض بضاعته على الزوار الإيرانيين في منطقة الكاظمية من خلال حفظه بعض الكلمات الفارسية حيث سألناه , لماذا تعمل وأنت بهذا العمر ؟ وأين والدك ؟ فأجاب : إنا اعمل مع والدي وهو رجل طاعن في السن ولا يتسنى له التدافع مع الباعة المتجولين مما اضطرني إلى أن أقوم بهذا العمل كي أساعد والدي على أعالة عائلتي المؤلفة من عشرة أشخاص , وفي هذه الأثناء جاء والد الصبي ليقول لنا وهو يحس بمرارة شديدة ويرى ولده يعمل بهذا العمل رغم صغر سنه ولكن للضرورة أحكام فهو يرى (الاب) الأطفال يذهبون إلى المدرسة وفي كل صباح يحملون حقائبهم المدرسية ينتابه شعور بالحزن والأسى على مستقبل ولده ولكن هذا هو حال الدنيا ...
ولقراءة النص الكامل ، انقر على الرابط التالي :
http://www.beladitoday.com/index.php?aa=news&id22=2910
التعليقات (0)