مواضيع اليوم

أسبـاب تعثـر المفـاوضات الأخيـرة بشـأن النـزاع فـي الصحـراء

شريف هزاع

2010-11-13 14:27:33

0


عبـد الفتـاح الفاتحـي

وفق تكهنات المراقبين والمهتمين بالنزاع في الصحراء فشلت مفاوضات الاجتماع الثالث بين المغرب وجبهة البوليساريو الذي امتد على يومين في مانهاست بضواحي نيويورك برعاية أممية في الثامن من نونبر 2010، بشكل مغلق برعاية الأمم المتحدة وبحضور ممثلين عن المغرب والجزائر وموريتانيا و"البوليساريو".

وتم الاتفاق على عقد جولة جديدة من المفاوضات غير الرسمية مستقبلا، حيث قال المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء كريستوفر روس، في ختام الاجتماع الثالث غير الرسمي حول الصحراء، أن الأطراف قررت الاجتماع مجددا في شهر دجنبر وكذلك في مطلع السنة المقبلة.

وبعد أن خيمت غيوم الفشل على نتائج الاجتماع الثالث، حين انتصر كل طرف لمواقفه، ولطمأنة المجتمع الدولي على مستقبل المفاوضات خلال الاجتماعات المقبلة، أكد روس، أن اللقاءين الجديدين المبرمجين سينعقدان "وفق مقاربات مجددة"، في أفق مواصلة "مسلسل المفاوضات التي دعت إليها قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة".

وتأييدا لهذا التصور أكد رئيس الدبلوماسية المغربية الطيب الفاسي الفهري، وزير الشؤون الخارجية والتعاون، أن الوفد المغربي، وعيا منه بضرورة تجاوز حالة الجمود، اقترح ضرورة إعطاء دينامية جديدة ودفعة نوعية للمفاوضات، وذلك بالتركيز ليس فقط على مواصلتها وإنما تفعيلها حسب الإمكانيات ووفق ميتودولوجيا جديدة، كاختيار بعض الوسائل الأخرى للتوصل إلى الحل المنشود.

ومهما يكن فإن كل المعطيات كانت تشير أن نتائج الاجتماع غير الرسمي الثالث قد لا تتجاوز اتفاقا بشأن إعادة تنشيط برامج الأمم المتحدة، منها إعادة تفعيل برنامج تبادل الزيارات العائلية، والرفع من عدد المستفيدين من هذا البرنامج وذلك فتسريع التوصل إلى اتفاق فتح طريق بري مخيمات تندوف والأقاليم الجنوبية.

ومعلوم أن إشارات فشل المفاوضات غير الرسمية الأخيرة كانت بارزة، دون أن تتمكن الأمم المتحدة من إيجاد حل لها في إطار تهيئ الأجواء لمفاوضات ناجحة، مما جعل التشنج سيد الموقف. تشنج بلغ ذروته بتصاعد الحرب الإعلامية والسياسية قائمة بين المغرب والجزائر والبوليساريو، في سعي حثيث للدخول إلى الاجتماع الثالث بنقط تفاوضية قوية، وهو ما مكن البوليساريو اليوم لم تتكلم إلا عن أحداث العيون الأخيرة والمطالبة بتوسيع اختصاصات بعثة المينورسو لمراقبة الوضع الحقوقي في الصحراء.

ومن الإشارات التي رفعت من حدة التشنج بين الأطراف توقيف جبهة البوليساريو لبرنامج الزيارات العائلية التي كانت تشرف عليها الأمم المتحدة واتهامها لبعثة المينورسو بالتواطؤ مع المغرب.

ومن هذه الإشارات أيضا عدم الكشف عن مصير المعتقل مصطفى سيدي مولود ولد سلمى، إضافة إلى تطورات أحداث مخيم "إكديم ازيك" بمدينة العيون، خاصة بعدما تمكنت البوليساريو وبتنسيق مع انفصالي الداخل تحويل المطالب الاجتماعية لسكان العيون إلى مطالب سياسية... وعليه فإن هذه الأحداث كافية لإفشال مفاوضات الاجتماع التمهيدي الثالث.

ويحمل المراقبون مسؤولية فشل الاجتماع التمهيدي الأخير إلى جبهة البوليساريو التي دمرت كل ما من شأنه خلق أجواء من الثقة، حين هددت من جديد بالعودة إلى حمل السلاح ضد المغرب عشية انعقاد المفاوضات، وتماديها مع الجزائر في حملة دعائية كاذبة ضد المغرب، عبر تجيش وسائل الإعلام لخلق مزيد من التشنج مع المغرب، بعد الأزمة الدبلوماسية للمغرب مع إسبانيا، وما تلاه من تحرش عدد من المواطنين الإسبان بالمغرب، وكذلك التنسيق مع بعض العناصر (انفصاليو الداخل) لتوتير العلاقات مع السلطات المغرب، باصطحاب نشطاء سياسيين من اليمين الإسباني لتأجيج الأجواء في الأقاليم الجنوبية.

وحيث إن الأمم المتحدة لم تستطع عودة الوضع إلى ما كان عليه (تنشيط برنامج الزيارات العائلية، وتوسيع قاعدة المستفيدين بفتح طريق بري بين المخيمات وأقاليم الصحراء، استمرار المناورات العسكرية للبوليساريو على الشريط الفاصل)، كل ذلك يؤكد أن أداء الأمم المتحدة في المنطقة قد تراجع بشكل خطير في وقت تزايد فيه انتهاكات الجبهة لاتفاق وقف إطلاق النار، والتهديد بالعودة إلى حمل السلاح في وجه المغرب، وهذه المؤشرات تفيد بما لا يدع مجالا للشك أن البوليساريو والجزائر تتملص من كل الالتزامات الدولية لخلق واقع جديد.

عدد من المهتمين فسروا هذا السعي المحبوك إلى حالة الغربة التي بات يعيشها خطاب البوليساريو والجزائر في المحافل الدولية بعد الدينامية التي أطلقتها المبادرة المغربية القاضية بمنح حكم ذاتي للأقاليم الجنوبية.

وتجدر الإشارة أن انعقاد هذا الاجتماع يأتي بعد إعلان الناطق الرسمي للامين العام للأمم المتحدة السيد مارتن نيزيركي أن "حل نزاع الصحراء الغربية يبقى أولوية بالنسبة للأمم المتحدة ونأمل أن يكون هذا اللقاء المقبل بناءا ويساعد الطرفين على تجاوز الانسداد".

وتزامن مع خطاب محمد السادس بمناسبة الذكرى 35 للمسيرة الخضراء الذي جدد التأكيد على الدخول إلى المفاوضات بناء على القرارات الأممية التي أشادت بجدية مقترح الحكم الذاتي، وذلك في انسجام تام لما توقعه المهتمون بالنزاع في الصحراء.

لكن جبهة البوليساريو أبت إلا أن تستبق المفاوضات، وعلقت على خطاب محمد السادس بمناسبة الذكرى 35 للمسيرة، معتبرة إياه معرقلا لمسار التفاوض، وجاء في بيان لها أن تصريحات الملك المغربي "تعيق الجهود من اجل حل النزاع قبل يوم من انطلاق جولة جديدة من المفاوضات بين البوليساريو والمغرب" في ضاحية نيويورك.

وتأكد فشل المفاوضات أيضا بتأكيد رئيس لوفد المفاوض عن جبهة البوليساريو خطري آدوه، عقب جلسة التنسيق مع رؤوس دبلوماسية الجزائر أن "الطرف الصحراوي ذاهب إلى جولة المفاوضات المقبلة مع المغرب المقررة بنيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية بنوايا خالصة مثلما كان دائما وبكل الجدية التي يتطلبها الأمر المتعلق في تمكين الشعب الصحراوي في نهاية المطاف من التعبير عن إرادته الحرة وتقرير مصيره بكل حرية عبر استفتاء شفاف ديمقراطي تشرف عليه الأمم المتحدة وتضمن نتائجه".

وفي تصريح للصحافة الجزائري أعلن رئيس وفد البوليساريو المفاوض خطري أدوه تحديده لشروط مسبقة للمفاوضات، وتنبيه إلى سقف مطالب البوليساريو من المفاوضات المقبلة التي لا تقبل إلا بتقرير المصير. وقال: "استعداد جبهة البوليساريو للتعاون مع الأمم المتحدة للدفع بالمفاوضات إلى الأمام من اجل التوصل إلى حل يضمن حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره".

كما أن سقف وفد التفاوض جبهة البوليساريو غير مختلف لمواقفها القديمة (الاستفتاء من أجل تقرير المصير)، ويعود ذلك إلى حالة الإحباط الذي تعيشه قيادات جبهة البوليساريو، بعدما تأكد ميدانيا أن المغرب لا ينتظر أحدا فيما يخص تطبيق الجهوية الموسعة في الأقاليم الجنوبية. وأمام حالة اليأس التي تعيشها جبهة البوليساريو، كانت مدعوة لأن تخلق مزيدا من أجواء التوتر، ولذلك حرض بتهديد العودة إلى حمل السلاح، وتنسيق تأجيج الوضع في الأقاليم الجنوبية عبر انفصالي الداخل الذين خضعوا لدورات تكوينية مركزة في مخيمات تندوف على يد ضباط واستخبارتيين جزائريين وعناصر من ملشيات جبهة البوليساريو، فكان لها أن دخلت المفاوضات الأخيرة بموقف تفاوضي قوي أضعفت فيه إلى حد مصداقية مقترح الحكم الذاتي، حيث تعمل على تفسير أحداث العيون الأخيرة بأنها رفض داخلي له.

ومعلوم أن كل التكهنات التي سبقت موعد المفاوضات قد أشارت إلى الاجتماع التمهيدي الثالث لن يكون مجديا في ظل حالة الاحتقان التي توجد بين الطرفين، حيث عمد الطرفين مع تباين في قوة أدائهما إلى تكثيف أداء الحرب الإعلامية لممارسة نوع الضغط الإعلامي لتشويه صورة الآخر مع الرأي العام الدولي، ففي الوقت الذي كان فيه المغرب ينتشي بانتصار دبلوماسي وإعلامي عقب اعتقال مصطفى ولد سلمى الذي توجه إلى المخيمات حاملا ومنتصرا لمشروع مقترح الحكم الذاتي في صيغته المغربية، وهو ما جعل ينمي النفس بأنه أقدر على نقل المعركة إلى داخل المخيمات وبالبداية بما قام به مصطفى ولد سلمى، إلا أن توالي الأيام كشفت أن المراهنة على قبيلة ولد سلمى داخل المخيمات لفرض حالة من عصيان المدني على قيادات البوليساريو، تساوم به على الأقل إطلاق سراح ابنها "ولد سلمى" دون أن تصل إلى حد الاقتناع بمواقفه السياسية "تأييده لمقترح الحكم الذاتي".

وبينما فشل المغرب في تأكيد تغلغله داخل المخيمات لتحريكها ضد قيادة البوليساريو، استطاعت البوليساريو بمساعدة الجزائر أن تعيد له الصاع صاعين، حيث استطاعت اختراق جداره الأمني والعسكري لقيادة حركة عصيان كبيرة داخل الأقاليم الجنوبية فكانت الصاع جد قاس على المغرب، حمله مساءلة دولية حول الأوضاع في الأقاليم الجنوبية، أو على الأقل أعادت التساؤل حول مطالب البوليساريو بتوسيع اختصاصات المينورسو لتشمل الوضع الحقوقي.

وكانت الأطراف قد اجتمعت في أربعة جولات من المفاوضات المباشرة في يونيو 2007 تحت رعاية منظمة الأمم المتحدة بمنهاست بضواحي نيويورك، إضافة إلى إجتماعين تمهيديين أحدهما في غشت 2009 بفينا عاصمة النمسا، والثاني في فبراير 2010 بجزيرة لونغ ايسلند بنيويورك بنغرينتري، حضرتهما الجزائر وموريتانيا بصفتهما بلدين ملاحظين.

محـلل سياسـي
elfathifattah@yahoo.fr




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات