أسباب النصر الجزائري في أمدرمان
فرحة عنتر وزملائه بالهدف الأخضر
أخيرا انتهت الملحمة بعد أن مضت تفاصيلها من حيث التنظيم كما يشتهي الرسمي السوداني وقد تنفس الجميع من أهل السودان الصعداء كون أن المباراة قد سارت أحداثها على ما يرام دون إخلال بالأمن أو وقوع حوادث كبيرة بين مشجعي الطرفين تعكر صفو هذا اللقاء الحاسم كرويا والأخوي بين منتخبي بلدين شقيقين في أرض شعب شقيق آخر......
وعلى الرغم من الاحتكاك الذي حدث داخل المستطيل الأخضر بين اللاعبين بعد نهاية المباراة نتيجة التوتر والشحن الإعلامي ؛ وتم فضه بسرعة فإن التقدير العام يصب في خانة أن سفينة المباراة قد خرجت من البحر الأهوج العاصف إلى بر الأمان بسـلام.
ثم أننا وعلى ضوء نتيجة المبارة نقول للجزائر مبروووك وهـاااردلك مصر فهكذا كرة القدم لابد في النهاية من غالب ومغلوب وعلى نحو خاص منافسات الوصول إلى نهائيات المونديال وغيرها من بطولات دولية التي لابد من وصول أحدهما للمنافسات النهائية على حساب الآخر.
ومن الناحية الأخرى فقد اتضح منذ بداية المباراة أن الفريق الجزائري كان يتمتع بلياقة بدنية عالية وحماس منقطع النظير منحه فرصة فرض اسلوبه على إيقاع المباراة والفريق المصري الخصم بالتالي ، خاصة في الشوط الثاني أو بعد إحراز عنتر للهدف الوحيد بوصف أدق..... ومن ثم فقد تلاشى الفارق في مستوى المهارات التي يتمتع بها اللاعب المصري وذهب كل ذلك أدراج الرياح...
كما كان لوضع حكومة الجزائر كل ثقلها وإمكاناتها المدنية والعسكرية وعزيز مواردها المالية لنقل جماهير كثيفة من مواطنيها الشباب المتحمس للوقوف خلف فريقهم في أمدرمان تأثير لا يمكن الحط من قدره . وكانت الكثافة الجماهيرية الجزائرية بالفعل مفاجأة أخرى من مفاجآت المباراة حيث كان معظم المراقبين يعتقدون أن مسألة الجمهور محسومة سلفا لمصلحة المصريين من واقع جوارهم اللصيق للسودان وكذلك وجود جالية كبيرة لهم فيه ، وروابط ووشائج قربى عائلية وصداقات في أرضه.
ويمكننا القول بكل ثقة أن هذه المباراة قد كانت مباراة مدربين .. بل ولربما هي الأولى من نوعها على المستوى العربي الذي يتبدى فيه هذا النسق التكتيكي بنحو جلي ظاهر للعيان.... ولا شك أن وجود عديد من اللاعبين المحترفين في صفوف الفريقين قد ساهم بنحو إيجابي في تنفيذ هذه الخطط وفق ما نشاهده في عالم الكرة الأوروبية.
ومن ناحية أخرى لا يحق للغير التعلل بضيق الفترة بين انتهاء مباراة القاهرة وبين مباراة أمدرمان لأن كلا الفريقين كانا على قدم وساق وحذو النعـل بالنعـلِ داخل مركب واحد في هذه التجربة والمعاناة من ضيق الفترة الزمنية التي حسمت اللقاء الحاسم لمصلحة اللياقة البدنية وخطط المدرب الجزائري رابح سعدان.
كان اسلوب الفريق الجزائري الذي يتميز لاعبيه بطول القامة في جر المنتخب المصري نفسه للعب الكرات العالية ملاحظا وفريدا إلى درجة أن جمهور المشاهدين في المدرجات السودانية علقوا على ذلك . ومن ثم فلم لم يلاحظ المدرب حسن شحاتة ما يحدث ويقوم بتوجيه لاعبيه من على الخط منذ الربع ساعة الأولى من بداية المباراة بدلا من أن ينتظر إلى حين الاستراحة بين الشوطين للفت أنظار لاعبيه بتغيير تكتيك إرسال الكرات الطولية العالية التي لا يستفيد منها سوى الجزائري؟؟؟
من ناحية أخرى الفريق المصري كانت تنقصه اللياقة البدنية من جانب وزاد الطين بلة أن حسن شحاتة قد أهمل خط منتصف الملعب بشكل مثير للدهشة حتى على أمثالي ممن لا يستطيعون إدعاء سعة العلم والمعرفة بشئون الكرة التكتيكية الفنية داخل الملعب .....
إذن وكملخص عام يمكن القول أن (مدرب الفريق الجزائري) رابح كان الرابح الأكبر وكسب لبلاده بطاقة التأهل لخوض نهائيات مونديال جنوب أفريقيا وأن (مدرب الفريق المصري) شحاتة كان الخاسر الأكبر وليس اللاعبين وذلك لعدة اسباب كان الجوهري منها هو:
1- فرض منتخب الجزائر أسلوبه المعتمد على اللياقة البدنية العالية وسرعة الانقضاض على الكرة والخصم في مواجهة المنتخب المصري.
2- عدم اهتمام حسن شحاتة بخط الوسط في فريقه وبالتالي هبوط لياقة أفراد المصري واستنفاذهم لطاقاتهم البدنية الضعيفة بسرعة وبالطبع عدم وجود صانع ألعاب يفرض أسلوب الفريق من منطقة منتصف الملعب سواء في خطي الدفاع أو الهجوم.
..... أخيرا وإن كان هناك ثمة مكاسب للسودان من تنظيم هذه المباراة وإخراجها بالمظهر العربي الحضاري الرائع فإن من أهم هذه المكاسب أن العالم قد عرف الآن أن السودان بلد يتمتع بالإستقرار وقدرات أمنية وغذائية وتموينية وإستيعابية إستراتيجية هائلة محلية المنشأ ، لا حاجة له في إستيرادها من الخارج . وليس كما يشاع عنه من قبل بعض الموتورين من المحافظين الجدد والصهاينة اللذين يخلطون الأوراق ويفبركون الصور الفوتوغرافية والمتلفزة يشيعون بها الإنطباع أن المجاعة والفوضى تضرب فيه بأطنابها .... وكانوا قد لوحوا في عهد بوش الصغير ولا يزالون يطالبون التدخل السافر في السودان على غرار ما حدث في أفغانستان والعراق والصومال ..... كما أن اللقاء شكل فرصة سانحة للتعارف بين الشعب السوداني وألاف الضيوف من الشعب الجزائري والمصري على حد سواء وهو في اعتقادي كان المكسب الأكبر الذي أسعدنا جميعا.... ثم جاء اهتمام الشارع السوداني العميق والإيجابي بهذا اللقاء العربي وحرص الجماهير منه على المشاركة بتشجيع ما يحلو له من الفريقين .... جاء ليثبت لكل من في قلبه مرض في الداخل أو الخارج بأن عروبة السودان وبحسبانها بؤرة مجاله الأمني الحيوي الإستراتيجي هي واقع لا جدال فيه ... وقناعة لا تتزعزع ... ولن تكون في يوم من الأيام محل مساومة أو مزايدة أو تشكيك.
التعليقات (0)