صداع في رأسي يبعثر الأشياء المرتبة فيه, ها أنا أعيدُ كتابة نصي للمرّة العاشرة, ولا أدري في أي نقطة أتعثر ليمسح النص غيرهُ ؟ وكيفَ تبنى لحظة كهذه وجودها
بلا عمد و بلا منطقيات يزرعها علم المنطق في رؤوس أصحابها ! . هكذا وفي ظل هذه الأسئلة تسكنُ ألام جديدة قلبي أو عقلي لأرى الحاجة غير منزوعة من كلِ
طبقة إنسانية تعتقد أنها مختلفة عن ما سواها, كانوا فقراء, كانوا أغنياء, هذا الشعور الذي لا ينتمي لا للتكبر ولا للدونية كما يفهم البعض يولد رؤية بأن الإنسان تتوارد
حاجاته وألامه المتوارثة, أو الأنية الحادثة بشكلٍ يعزز كونه فردًا في هذه العائلة الكبيرة التي تحوي أفراد تختلف ألوانهم و تتعدد لغاتهم و يكون ما يؤمنون به هو
الفارق فقط " لا فرق بين عربي على عجمي إلا بالتقوى " فهذا فيصل يزرع أفكارُ أخرى في رأسي هل التحدث في ذلك يلزم الإلتزام به ؟ حيثُ يظهر من يريد أن
يفهم النص فهمًا مفرغًا ليزرع إنفصاله الإنساني عما سواه, كان يرى أنه في أعلى السلم, أم يرى أنه في أدناه, لا فرق ! فهذا في النهاية يولد الشعور بأن الإنسان متعدد
كون التعدد نوع مختلف وهذا إشكال عظيم إذ لا يكون ذلك حتى مع وجود الأفضيلة العظمى الأولى, أو وجود ما يأتي بعدها وتحتها إلى أن تتحول إلى شيء يناقشه
الإنسان ليكون حديثه بابًا يعرفُ بيئته التي يعيش فيها, والتي تسكنُ قلبه, وتعطي لسانه البيان, بيئته التي هي لغته واصفة لسان حاله وأين هي أفكاره من هذا كله ؟ بل
أين موقعه في هذا العالم مهما إختلف أبناء جنسه في فهمه فهو يدور في دائرة وجوده الإنساني و لا يخرجه منه مكرمًا عند الله عزوجل و ما يريد هو بعد تكريم الله ؟.
إن كل هذه المبادئ التي تسعى لفهم الإنسان من جلده ولونه تعزز في المرّة الأولى كونه موجودًا ومهمًا فالكائنات التي تحتقر هي مهمة جدًا كالكائنات التي تقدر بكونها
تحضى بنفس دائرة الإهتمام وبكونها مؤثرة جدًا في تركيبة الأرض التي تسير عليها في الصباح, وتسكنها بعد آن كما أصحاب الفخامة لا فرق . فالنعوش مهما اختلف
ثمنها, مهما كان مبلغ الكفن فهذا لا يغير من الحقيقة والحق شيء فالمصير أخيرًا واحد فمالذي يجعله أولاً ليس كذلك ؟ هذا سؤال يدق أوتاده في كل مراحل التاريخ عندما تقراء كون التاريخ دليلا لا واقع أني. إن الأسئلة التي يتسائلها الإنسان منذ الخلق واحدة و الطفولة التي يعيشها متألمًا أو سعيدًا لا تغير وجوده فيها لكنه عندما يعتقد أنه كائن غيره تتحول هذه القضايا إلى تراكمات وترسبات تغير وجه أحلامه أولاً فأفكاره وأقواله وربما يصل أخيرًا إلى أن يكفر كل ذلك لأنه يعتقد أنه مختلف عن هذا المؤمن مع وجوده أولاً في الفطر السليمة التي تعرف أن هذا الكون دليل على وجود أله خالق أحد . فمن هذا الطريق ينزع هو بإرداته وبنفسه رداء تكريمه أو يزينه ويعرف به دون غيره من المخلوقات . إن الذي يحول الإنسان من كونه جنسًا إلى أجناس يقع في أمور تحرك تركيبة المجتمع وتحوله إلى مجتمعات متعددة و متغيره في واقع أن اللغة تجمع الجميع, و الحب و الشهوة تجمع الجميع أيضًا فهذا الفصل ليس تميز كما يفهم أيضًا ولا يفهم بكونه تميز سلبي أي تحقير أيضًا لكنه بالمرتبة الأولى محرك و مكون للوهم في حياة البيئات التي تحوي الأدمي هذا الأدمي الذي يحول من المدينة كومة جديدة من الكائنات لكي يعيش وينال ما يريد دون غيره معتقدًا أن هذه الأفضلية لكنها بالتأكيد زارعة مبادئ وأفكار أخرى تؤديه حتى إن لم يحس, هكذا أرى المدن تتحول من كونها جامعة إلى مفرقة وطاردة, وهي وإن رأيتها في بنيتها الظاهرية متماسكه إلاّ أنها أبعد ما تكون عن ذلك حيثُ يتواجد فيها الفقراء الذين يحسون بأن الدنيا تضيق بهم, وأن الأرض مهما أتسعت لا نصيب لهم فيها وهم بذلك يعززون الفهم الأول عند الأغنياء فلا يختلفون عنهم وينتج عن ذلك إضمحلال في العلاقات العائلية أولاً بين المستويات, ثم ينتشر ذلك كما النار في الهشيم ليصل كل أفراد المجتمع. يتحول كثير من الناس إلى محاربة العنصرية لكنهم لا يناقشون هذا الفهم الأول الذي يجعل إنسانًا ما دنيئًا لعرقه أو لونه أو حتى لأي عامل آخر كفهمه, أو شهادته مهما إختلفت المقاييس و السؤال لا يناقش بكون هذه ظاهره واجبة البتر, فالبتر مشوه أكثر منه حل ويزرع أثار مؤلمة يمكن أن تشاهد بعد ذلك في وجه المجتمع والبيئة. بينما يعرف الحل إذا عرفت أن إبتسامتك صدقة, و حملك لألام أخيك واجب إذ أنت وهو كالجسد الواحد إذا أشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد وهكذا يتمدد هذا الفهم العميق إلى ما بعده من الأشياء .
التعليقات (0)