لقد كشفت الثورة المصرية الإعلام وبعض الإعلاميين كما لم تكشف أحداً آخر ، حيث إنقسم الإعلام والإعلاميون لثلاث فئات أولهم كان مع النظام البائد علانية ، وحارب قبل الثورة كل شريف فى هذا الوطن وعندما بدأت عمل ضدها وحاربها ، وهذا الإعلام لم يكن معروف ومكشوف فقط ولكنه أيضاً كان مسعوراً وبعضه إعلام مأجور رغم أن معظمه مملوك للشعب .
والنوع الثانى هو الإعلام "البين بين" وهو الغير معروف توجهاته وهو أخطرهم ، بمعنى أنه يعارض علناً ومأجور سراً ولو دققنا النظر فيه سوف يساورنا الشك فيما يبثه ، وهذا الإعلام يُعد أخطر الأنواع حيث تجده يلعب على جميع الأطراف لصالح طرف مجهول لنا قد يعارضه شكلياً ويدعو له سراً ، ويمكن تشبيه ذلك الإعلام الخطير بأنه يتساوى مع عملاء أمن الدولة ، فالذى يدَّعى منهم الذكاء عندما يُرِيد معرفة توجهات من يجلس معه يبدأ بسب النظام وأشخاصه فيشجع الجالسون معه فى وصلة سب مثله تماماً ، وبهذه الطريقة يعرف توجهاتهم ويبيعهم عند أقرب مقر لجهاز أمن الدولة .
وثالث الأنواع هم أولئك الشرفاء الذين جعلوا مصلحة الشعب هى الأولى بالرعاية سواء كانوا يعيشون فى رغد من الحياة أو فى شظف منها ، وهؤلاء هم الفائزون حتى الآن لأنهم ساهموا ـ مع الشرفاء قبلهم ـ بقدر كبير فى إنفجار الثورة .
والنوع الأول من الإعلاميين يعيشون الآن فى أزهى عصور التقية الإعلامية ، تجدهم يسبحون بحمد الثورة وقلوبهم عليها أسود من "قرن الخروب" ، فنفاقهم مكشوف وهؤلاء لا خوف منهم لأنهم أصبحوا وجوهاً مكشوفة ومحروقة وتحول سعارهم على من سمنوهم ومنحوهم كراسى مؤسسات يتحكمون فيها ، وتحولت التقية الإعلامية عندهم إلى تقية ثورية وأصبحوا ـ ويا للغرابة ـ ثوريون .
وأخطر الإعلاميين هم أولئك المذكورين الذين مردوا على النفاق قد لا تعرفهم ، فكانوا يعارضون أسيادهم ليكتسبوا مكانة مرموقة فى عِمالتهم والآن يساهمون فى تنشيط الثورة المضادة ، وهم لن يفلحوا فيما يرمون إليه كما فشلوا سابقاً فى تحسين وجه النظام البائد .
التعليقات (0)