بعد توالي شد الخناق على الجسم الصحفي بالمغرب، وبعد توالي الضغوطات والعقوبات الحبسية والغرامات المالية الخيالية التي تلحق الصحافة عامة والصحافة المكتوبة بالخصوص، قررت مقاطعة الكتابة لمدة ثلاثة أشهر احتجاجا على ما تعانيه الصحافة المكتوبة من ضغوطات وأزمات.
هذه الضغوطات التي حالت دون نشر العديد من المقالات التي نأمل منها إيصال الخبر النزيه إلى القارئ النهم، بطريقة مباشرة وبدون تقزيم أو نقصان مقصود.
فمنذ صدور جريدة المساء المغربية المستقلة ونظرا للمواضيع التي تطرقت إليها في مشوارها المهني، تم نصب حبل المشنقة إليها في كل اللحظات أملا في إسكات صوتها الرنان الذي اجتاح كل الأماكن، من طرف شخصيات أشباح ألفوا تغطية وجوههم بأقنعة النفاق والفساد واللامسؤولية.
جريدة المساء إذاً، جاءت في بدايتها كجريدة المواطن الضعيف الذي لا يعرف ما يحدث في بلاده من فساد وأخبار لا تتطرق إليها الجرائد الحزبية. كانت بدايتها موفقة واحتلت الصدارة وكان الجمهور المغربي قد عثر آنذاك على كنز ثمين يتمثل في جريدة المساء، ووجدوا في رشيد نيني الكاتب والصحفي الذي لا يخفي أي شيء، إنه المواطن المغربي الذي يحمل بداخله غيرة حقيقية على بلاده. وذلك على حسب مقالاته.
بعد احتلال جريدة المساء للصدارة تم تغريمها بعقوبات خيالية وتم تعرض رشيد للاعتداء في محطة القطار إلى آخره. بعد ذلك سيتم الخلاف بين رشيد وبين زملائه في المهنة الذين سهروا معه الليالي من أجل إنجاح مشروع "المساء". ليتم التخلص من توفيق بوعشرين وعلي أنوزلا وآخرون، وبعد ذلك بقليل تم إصدار "الجريدة الأولى" من طرف علي أنوزلا ثم جاءت جريدة "أخبار اليوم" من طرف توفيق بوعشرين.
كل هؤلاء جاءوا لفضح الفساد وإيصال الخبر النزيه إلى كل المغاربة، لكن سوء حظهم حال دون نيل المراد، إذ تم الحكم بالسجن على علي أنوزلا وتم صفد مقر أخبار اليوم إلى يوم البعث.
إنه من العار أن نقوم بسجن صحفي فضح مفسدا، ونترك المفسد يستمر في مشواره دون أن نبالي بما يصنع. أو أن نسجن صحفيا بتهمة الإخلال بالاحترام الواجب للملك أو للأمير أو للوطن، فلولا غيرة هذا الصحفي على بلاده وعلى وطنه لما فكر في إصدار جريدة أو كتابة مقال صحافي على وجه الإطلاق.
فكيف لنا بعد كل هذا أن نملك من جديد جرأة كتابة مقال أو فضح مفسد، ونحن نرى مصير زملائنا في المهنة. إننا الآن نكتب ونضع السجن بين أعيننا.
صرخنا عاليا من أجل محاربة الفساد، فاتخذونا مفسدين.
صرخنا عاليا من أجل رفع الظلم، فزادوا من ظلمهم فظلمونا.
صرخنا عاليا من أجل الدفاع عن الحق، فاتخذوا قولنا كذبا.
صرخنا عاليا من أجل التنازل عن أكل أموال الناس بالباطل، فأجبرونا على أن ندفع لهم المزيد من أموالنا.
صرخنا عاليا من أجل سمعة الوطن، فسجنونا وأعدموا صوتنا بتهمة الإساءة إلى الوطن.
التعليقات (0)